
أكد الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أن اليمن لن يكون مكاناً للمناورة، ولن يقبل أن يكون ممراً خلفياً يعبر منه المتسللون لإقلاق الأمن الإقليمي عبر وكلاء هنا أو هناك يفتقدون البصر، ويقامرون في زمن لم تعد المقامرة فيه إلا صورة جلية للخيانة والغدر. وقال في خطاب مساء أمس، لأبناء الشعب في الداخل والخارج بمناسبة الذكرى الـ26 للعيد الوطني اليوم الأحد «إن الوحدة المباركة تعرضت للغدر من أولئك الذين حاولوا استثمارها لتثبيت مجد مزيف وعظمة لم تكن لائقة بهم ولا تصلح لتكون في قاموسهم المليء بالمكر والخديعة والزيف، فعملوا على تحويل الجمهورية اليمنية العظيمة الممتدة على مساحة شاسعة إلى ضيعة لهم ولعائلتهم يأكلون خيراتها ويرمون بالفتات لسائر أبناء الشعب اليمني العظيم».
وأضاف «لقد ذهبنا للمشاورات في الكويت وهدفنا إنهاء الانقلاب، وإحلال السلام، وإيقاف نزف الدم اليمني الغالي، ووقف الدمار والآلام والمآسي، ذهبنا نحمل همكم جميعاً رجالاً ونساء شباباً وأطفالاً من صعدة إلى المهرة، ومن الحديدة إلى المكلا، وقدمنا التنازلات من أجلكم، وصبرنا وتحملنا أمام اللامبالاة التي تمارسها مليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، وقدمنا المرونة الكاملة باعتبارنا مسؤولين نشعر بمسؤوليتنا عنكم، وكل يوم تثبت تلك المليشيات أن لا همّ لها إلا السلطة، ولا تريد إلا بناء تجربتها الإيرانية الجديدة عبر شرعنة ابتلاع الدولة، ونهب المؤسسات ليتحكم فيه مخلوع في المخبأ (في إشارة إلى صالح) ومراهق مطارد في الكهف (عبد الملك الحوثي) وبرفقته مدرسوه الإيرانيون يلقنوه تجربتهم الإيرانية».
وأضاف الرئيس اليمني «للأسف لا يزالون يصرون على الاستمرار في رفض مسار السلام العادل والدائم، وإنني أدعو صادقاً تلك المليشيات أن تنصاع ولو لمرةً واحدة في حياتها لرغبة الشعب اليمني وتطلعاته، وأن تغادر مربع الغطرسة والغرور والمقامرة بدماء الشعب وأن تسمع لصوت العقل لإنهاء تلك المأساة التي خلفتها..يكفي الشعب اليمني هذا الدمار والانهيار».
وأشار إلى أن مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل جاءت لتضع الحد الفاصل بين وحدة الشعب ووحدة الأشخاص الباحثين عن المجد المزيف، وصاغت نموذجاً راقياً يضمن بقاء الوحدة ويزيل التشوه الذي لصق بها جراء المتسلقين على نضالات شعب كامل. وقال «إن اليمن الاتحادي القوي المتماسك الذي أنتجته مخرجات الحوار الوطني لتأسيس وحدة مستدامة قائمة على أساس من العدالة والشراكة وضمان الحقوق ومنع أي شخصنة أو استئثار أو مصادرة أو إقصاء، ليس مشروعي فقط، بل هو مشروعكم ومشروع آبائكم الذين ظلموا من قبلكم والذين تم الانقلاب عليهم وعلى مشروعهم خلال الخمسين عاماً الماضية، وهذا المشروع الذي دافعتم وتدافعون عنه يعتبر ضماناً ضرورياً واجباً لمقاومة الانقلاب وتأمين البلاد من مستقبل مظلم أسود الملامح».
وأضاف «إن مسودة دستور الوحدة الجديدة التي انبثقت عن مخرجات مؤتمر الحوار أسست لدولة اتحادية أساسها العدل والإنصاف لكل أبناء اليمن من أقصاه إلى أقصاه، وهذا الانقلاب والتمرد الذي قادته مليشيات الحوثي وصالح لم يقم إلا للانقلاب عليها وعليكم وعلى حلمكم بالعدالة، وعلى مبدأ الشراكة في السلطة والثروة، فلا تنجروا إلى تلك الفتن المناطقية والمذهبية التي يحاولون زرعها بإيعاز من دول خارجية لا تريد إلا تدمير اليمن، وإخضاع شعبه العزيز وبقاء مراكزها التقليدية، لكنهم واهمون فالشعب قد شب عن طوَّق المركزية القاتلة والتبعية المقيتة، وسيدافع عن مشروعه العادل لتوزيع السلطة والثروة والشراكة، وأدعوكم كافة يا أبناء الشعب بالتمسك بمخرجات الحوار الوطني وتطبيق مخرجاته واقعاً على الأرض».
وشدد هادي على أن لا بديل لخيار اليمن الاتحادي في مواجهة فوضى عصابة انقلابية غير عابئة بحال المواطنين وما آلت إليه البلاد ولا تريد إلا نقل مشروعها الخميني المتناقض دينياً وثقافياً وسياسياً مع مشروع الشعب الاتحادي الجديد. وأضاف «اليمن الاتحادي يعتبر ضماناً للحفاظ على نضالات الشعب في كل ربوع الوطن ويحفظ لليمن حضوره الفاعل دولياً وإقليمياً، كما أنه يشكل ضماناً حقيقيا لأمن الأشقاء الذين بذلوا مع اليمن كل غال ورخيص في سبيل الحفاظ على الوطن، أرضا، وإنسانا، وقيادة وشرعية».
وأشار هادي إلى ما تسبب به انقلاب الحوثي وصالح من قتل وتدمير وحصار خانق للمدن وانهيار للاقتصاد وتدهور للعملة الوطنية جراء العبث بالاحتياطي النقدي واستهلاك أكثر من أربعة مليار دولار، ووقف عجلة التنمية. وقال «أشعر بالحزن حين أرى شعبنا العظيم يجني حماقات المراهقين والطائشين، ويتجرع نتائج عبثهم، ولعلكم تتذكرون جيداً مبرراتهم الواهية (الحوثيون) في اقتحام صنعاء والسيطرة على مؤسسات الدولة كاملة وحجتهم تخفيض ألف ريال في المشتقات النفطية، وإذا بهم يتحولون إلى سماسرة في السوق السوداء وتجار للحروب».
ولفت الرئيس اليمني إلى مساهمة الانقلاب في تفشي ظاهرة الإرهاب والعنف وتوسيع دائرة الفوضى مما دفع الشرعية وبالتنسيق مع الإخوة في التحالف العربي إلى تنظيم حملة لاجتثاث الإرهاب كللت بالنجاح. مؤكداً الاستمرار في مكافحة الإرهاب ومحاصرته أينما وجد. وقال «نؤكد لشعبنا ولكل العالم أن اليمن الاتحادي القائم على أساس مخرجات الحوار الوطني سيكون أقوى من كل الواهمين والمتسلقين الذين لا ينظرون أبعد من أنوفهم، ونؤكد لكل أبناء الشعب أننا سنعبر هذا الطريق إلى نهايته، إلى مستقبل أكثر قوة وأمناً ورخاء، بتعاون أشقائنا وجيراننا وحلفائنا، وسيعود اليمن مجيداً كما كان أبداً، وخالداً كما كان أبداً، وعظيماً كما كان أبداً.
وتقدم هادي بالشكر والتقدير والعرفان إلى كافة قادة دول التحالف العربي وفي مقدمتهم صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عاهل المملكة العربية السعودية على ما قدموه ويقدمونه للشعب اليمني الذي لن ينسى لهم هذا الصنيع أبدا. كما شكر الكويت على احتضانها مشاورات السلام، وثمن جهود الأمم المتحدة ممثلة بأمينها العام بان كي مون ومبعوثه الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي يبذل جهوداّ متميزة وصادقة من أجل السلام وإلى المجتمع الدولي كافة.
وأضاف «نترحم على أرواح كل شهداء الوطن الأبرار، الذين لن تذهب تضحياتهم هدراً، ونتمنى أن يمن الله بالشفاء العاجل على المصابين والجرحى، وان يفك السجناء والأسرى، وان نحتفل العام المقبل بالعيد الوطني للوحدة اليمنية وقد تخلصنا من كابوس الانقلاب والإرهاب، للمضي نحو تحقيق تطلعات شعبنا المشروعة في وطن آمن ومزدهر ومستقر، والتحية كل التحية للأبطال الميامين في جيشنا الوطني ومقاومتنا الباسلة في كل الجبهات والميادين».
من جهته أكد نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن الأحمر أن المعركة مع قوى التمرد والانقلاب والإرهاب مستمرة لحماية مكتسبات الثورة والجمهورية من الانقلابيين، ووجه بمناسبة الذكرى الــ 26 للعيد الوطني للجمهورية التهنئة لأفراد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، والشكر والعرفان لقادة دول التحالف العربي الذين قطعوا شوطاً كبيراً في معركة إنهاء الانقلاب والتصدي للمشروع الفارسي واستعادة الدولة اليمنية وتمكين الحكومة الشرعية من بسط نفوذها على كامل التراب الوطني. وأضاف «ماضون في إنجاز مهامنا الوطنية إلى نهايتها بكل الخيارات المتاحة، والعمل ومعنا كل أحرار العالم على بناء يمن اتحادي ديموقراطي آمن ومستقر كخيارات ارتضاها اليمنيون وناضلت الأجيال عقوداً من الزمن لتحقيقها، وعما قريب سيتنسم شعبنا اليمني العظيم عبير الحرية والأمن والسلام».
الاتحاد