الفجيرة نيوز- التقى عشاق المسرح داخل بيت المونودراما في دبا الفجيرة في الأمسية الأخيرة لعروض الدورة الخامسة لمهرجان الفجيرة للمونودراما مساء الجمعة.

وجاء اللقاء عبر مسرحية “اعترافات قناع” عن نص للروائي الياباني يوكيو ميشيما ومثله الروماني اندريه موسكوج وهو من إخراج إنّا سوكولوفا جوردون حيث قدم الممثل عرضه بلغته الأم “الروسية” التي أجاد ترجمتها للجمهور من خلال تعبيراته الجسدية وأدائه المتميز لتصل فكرة النص إلى المشاهدين .

المسرحية هي عرض شامل لما يسود العلم من طغيان صاحب القناع على العالم إلى درجة مدمرة من خلال حروب وتطرف وإرهاب يحرم البشرية من الاستقرار والأمان.
فالشخصية المقنعة في العرض هي التي تلعب دورها الخطير من وراء القناع مسببة مايحدث في العالم من شرور دون أن يكون لها مكان محدد أو زمان موقوت.
باختصار أراد العرض أن يقول : إن العالم كله وبلا استثناء يتحكم فيه صاحب القناع أو القوة الخفية التي تدير العالم من وراء ستار أو أقنعة متعددة الأشكال.

وفي الندوة التطبيقية التي أعقبت العرض الألماني، الذي هو من المسرح الروسي ” كوج، كانت المداخلات مفعمة بالتواصل والحضور اللافت للمتداخلين، حيث استهل الفنان ياسر المصري مدير الندوة ، الحديث بإبداء إعجابه بالعرض الذي منح الجمهور الكثير من المتعة.
وفي مداخلة للدكتور عبدالعزيز حداد أشار إلى أن المؤلف الياباني هو كاتب مسرحي رياضي بالأصل، منوها إلى أن الممثل تمكن من تجسيد شخصية المؤلف بذاته، ويكاد يصل إلى مرحلة الشبه الجسدي بالمؤلف، وعلى الرغم من طول العمل الذي امتد لساعة ونصف، إلا أن العرض كان ذو إيقاع متسارع بواسطة ممثل قادر على جذب الجمهور ومنعهم عن الانفصال عنه، مشيدا باشتغال المخرج على فضاء الخشبة.
أما المنجي بن إبراهيم، فكان رأيه أنه ورغم اللغة وطول العرض، إلا أنه كان مميزا ورائعا، ذاكرا أن الاستفادة من هذا العرض تكمن في كونه يطبق نظرية ومبدأ المونودراما، حيث وضحت اللعبة المسرحية للجميع في هذا العرض، كما أنه منح المهرجان نكهة أخرى تحسب للمهرجان والقائمين عليه. وأضاف أننا لم نشعر بوجود المخرج لوحده وأثره على العرض، بل شعرنا بتوظيف كامل وراءه فريق حرفي أتقن مهماته ونفذها بنجاح باهر، كما أكد أننا شاهدنا عملا سينمائيا راقيا بمعدات مسرحية، وهذا الأمر يحسب لهذا العرض.

وتداخل الفنان سعيد عامر من المغرب، فشكر بداية الممثل وفريق العمل على ما قدموه من عرض جميل، وعلى الرغم من كونه لم يفهم اللغة، إلا أنه ذكر أنه استمتع بعطاءات الممثل الجميلة والتلوينات والانتقالات من حالة إلى حالة، والذي لديه إمكانيات أكثر من إمكانيات الممثل العادي، كذلك امتدح سينوغرافيا العرض، شاكرا لجنة اختيار العروض التي انتقت هذا العرض الممتاز، مؤكدا أن هذا العرض مثال رائع لعروض المونودراما، متمنيا رؤية ممثل العرض في عروض أخرى متميزة كعرض الليلة.
كما أثنى الفنان عاكف نجم من الأردن، على العرض الذي قدم وجبة دسمة للجمهور، ممتدحا الأفكار وطريقة الإخراج التي أوصلت النص للجمهور، مع العلم أن الجمهور لم يفهم اللغة الروسية.
كما امتدح الفنان سامح الصريطي، توظيف جسد الممثل في خدمة خطاب العرض ومكنوناته، طارحا سؤاله على المنصة، هل كان يتوقع فريق العرض أن يلقى نجاحا لجمهور عربي لا يفهم الروسية.
وبدوره تساءل الإعلامي حسام عبدالهادي، عن التركيبة النوعية للعاملين في هذا العرض من حيث اختلاف جنسيات المشتغلين بدءا بالنص وانتهاء بالإخراج، وهل خدم النص كل هذه التركيبة؟
وقال المسرحي العراقي عزيز خيون: إننا في أحيان كثيرة نشاهد فيلما غير مترجم ونستمتع به، وفي المسرح اللغة المفهومة هي لغة النص .. لغة المخرج.. لغة اللون.. لغة الإضاءة.. فالمسرح مجموعة لغات، والحاجز اللفظي بين الجمهور والخشبة علينا أن نتجاوزه إلى لغات ابعد وأعمق واعم في المستقبل.

وردا على أسئلة حضور الندوة أشارت مخرجة “اعترافات قناع” إلى أنه من الممكن للعالم أن يفهم بعضه بعضا من دون اللغة المنطوقة، وفي المسرح يكون هذا الأمر أكثر أهمية، ذاكرة أن المسرح في برلين هو دولي له طابع العالمية، وعملنا في هذا العرض يطرح تساؤلات حول مدى وصول رسالتنا إلى الجميع مهما كانت لغتهم، ونحن نقدم هذه المسرحية في جميع الدول بنفس اللغة، كما أردنا أن نبين أن اللغة لبست مهمة كثيرا في عروض المونودراما. كما أننا نقدم عروضنا بالروسية في برلين أيضا، ولم تكن اللغة التي تقدم لغة ألمانية، ولذلك اعتقد بان لغة المسرح لها خصوصية معينة تتعدى اللغات والجنسيات. فاللغة الجسدية هي لغة المسرح وهي لغة التواصل مع الجمهور.
الممثل بدوره أكد انه لا يفضل الحديث بعد أي عمل يقدمه، إلا أنه يتحدث عن هذا العرض، كون بعض الأمور لم تتوضح للمشاهد الذي لا يفهم اللغة الروسية، وأبدى سروره الكبير لسماعه هذا النقاش حول هذا العرض.

( تصوير : محمد سليم البلوشي)