يحتضن ملعب “ماراكانا” الأسطوري في ريو دي جانيرو مسك ختام كأس القارات 2013 لكرة القدم بين البرازيل المضيفة وإسبانيا بطلة العالم اليوم. لاعبون سحروا عالم المستديرة في الأعوام الأخيرة على غرار البرازيليين نيمار وأوسكار ودافيد لويز وتياجو سيلفا والإسبانيين تشافي وأندريس أنييستا وإيكر كاسياس وسيرخيو راموس سيتواجهون على لقب الكأس القارية التي درجت العادة مؤخراً أن تقام في الدولة المضيفة لكأس العالم قبل عام من النهائيات. البرازيل تسعى للقب رابع لها وثالث على التوالي بعد 2005 و2009، فيما تريد إسبانيا أن تكمل خزانتها من الألقاب بعد احرازها ذهبية الألعاب الأولمبية وكأس أوروبا وكأس العالم. وستكون موقعة اليوم المواجهة الأولى بين البرازيل وإسبانيا في بطولة رسمية منذ الدور الأول لمونديال المكسيك 1986 حين خرج المنتخب الأميركي الجنوبي فائزا 1-صفر، علماً بأنه لم يخسر أمام “لا فوريا روخا” في بطولة رسمية منذ الدور الأول لمونديال إيطاليا 1934 (1-3)، فيما حقق انتصارين (6-1 على ملعب ماراكانا في الدور النهائي لمونديال 1950 الذي توجت به الأوروجواي بفارق نقطة عن البرازيل المضيفة، و2-1 في دور المجموعات من مونديال 1962)، مقابل تعادل (صفر-صفر في الدور الأول من مونديال 1978).

أما المواجهة الأخيرة بين البرازيل وإسبانيا التي أصبحت الصيف الماضي أول منتخب يتوج بثلاثية (كأس أوروبا، كأس العالم، كأس أوروبا) والتي تشارك في البطولة للمرة الثانية بعد 2009 حين خرجت من نصف النهائي على يد الولايات المتحدة، فتعود إلى 13 نوفمبر 1999 حين تعادلا ودياً صفر-صفر في فيجو، علما بأنهما تواجها في مباراتين وديتين أخريين عامي 1981 (1-صفر للبرازيل في سلفادور)، و1990 (3-صفر لإسبانيا في خيخون).

مهمة سكولاري

البرازيل تعرضت لانتقادات في الأشهر الأخير لنتائجها المتواضعة وتراجعها في التصنيف العالمي، ما رفع صيحات الانتقاد في وجه المدرب الجديد لويز فيليبي سكولاري الذي حل بدلاً من مانو مينيزيس، واعتبر الجوهرة بيليه أن نيمار ورفاقه “ليسوا جيدين بما فيه الكفاية” لإحراز البطولات الكبرى. لكن بعد الفوز على اليابان (3-صفر) والمكسيك (2-صفر) وإيطاليا (4-2) في الدور الأول، ثم تخطيه بصعوبة الأوروجواي (2-1) في نصف النهائي، استعاد بطل العالم خمس مرات رونقه أمام جماهيره في ظل الأزمة التي تعيشها البلاد وعلى وقع الاحتجاجات الشعبية ضد إنفاق الحكومة الكبير لبناء منشآت كأس العالم 2014 ومطالب اجتماعية أخرى.

وقال سكولاري الباحث عن جلب اللقب الأول للبرازيل على أرضها منذ 1989 في المسابقة عينها: “إسبانيا فازت بكل شيء في آخر 5 أو 6 سنوات، لكننا سنخوض مباراتنا”. وعن يوم الراحة الإضافي الذي حصلت عليه البرازيل في نصف النهائي: “لقد خاضوا مبدئيا مباراة أقل منا”، ملمحا إلى المواجهة السهلة مع تاهيتي في الدور الأول. وقال سكولاري: “لقد حققنا هدفنا بالوصول إلى النهائي وأعطينا اللاعبين مفهوم الوحدة وللجماهير فكرة أن لدينا فريقاً جيداً يمكنه الوصول إلى نهائي كأس العالم”. واعتبر قائد البرازيل تياجو سيلفا أن إسبانيا: “فريق يتمتع بتقنية كبيرة، هم أبطال العالم ومستواهم ثابت، النهائي سيحسم بتفاصيل صغيرة”. في المقابل، يسعى المنتخب الإسباني إلى الفوز بلقب كأس القارات للمرة الأولى في تاريخه، ويسعى الماتادور للبرهنة لنظيره البرازيلي أن ميزان القوة قد تحول تماما منذ فوز فريق فيسنتي دل بوسكي بلقب يورو 2008. وقال دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الإسباني: “ستكون مباراة صعبة، البرازيل فازت بلقب كأس العالم خمس مرات، ونحن فزنا بلقب واحد، البرازيل فازت بلقب كأس القارات مرتين متتاليتين، لذا فإننا حقا متحمسون”.

القمة للماتادور

ويشعر دل بوسكي بأن فريقه قادر على البقاء في القمة لسنوات عديدة مقبلة، فنواة الفريق تظل تعتمد على لاعبين جدد يتم تقديمهم بشكل مستمر ونزعة الفوز تظل في ذروتها، بحسب ما أكده المدرب. ولم يخسر المنتخب البرازيلي على أرضه منذ عام 1975، وسبق وأن التقى الفريق مرة واحدة فقط مع نظيره الإسباني في آخر 23 عاما، حين التقى الفريقان في مباراة ودية عام 1999، وانتهت بالتعادل السلبي، بينما ترجع آخر مباراة رسمية بين الفريقين إلى كأس العالم 1986 حين فازت البرازيل 1ـ صفر.

والتقى الفريقان مرة واحدة فقط على استاد ماراكانا القديم، حين فازت البرازيل 6-1 في كأس العالم 1950. وتلقت الشباك الإسبانية هدفا وحيداً في دور المجموعات لكأس القارات حين فاز “الماتادور” على أوروجواي 2-1، وأشاد دل بوسكي بجهود دفاع فريقه كإضافة هامة لإمداد وتعزيز القدرات الهجومية. وقال دل بوسكي: “أعتقد أن لدينا لكمة أقوى ربما مقارنة بالأعوام الماضية، ولكن من المهم في هذه البطولات القصيرة أن نكون أقوياء على المستوى الدفاعي”.

توازن “السامبا”

وأبدى دل بوسكي إعجابه بتوازن الفريق البرازيلي الذي شاهده خلال البطولة، مشيرا إلى أن سكولاري يمتلك لاعبين أقوياء، غير متمثلين فقط في نيمار المنتقل حديثا إلى صفوف برشلونة بطل إسبانيا، والذي تألق خلال الانتصارات الأربعة للسيليساو في البطولة. ويستعيد دل بوسكي جهود لاعب الوسط سيسك فابريجاس والمهاجم روبرتو سولدادو بعد تعافيهما من الإصابة، وربما يجلس فرناندو توريس مجدداً على مقاعد البدلاء بعد مشاركته كأساسي أمام إيطاليا، في حال عاد سولدادو للمشاركة، أو ربما يقرر دل بوسكي اللعب بفابريجاس كمهاجم متأخر.

وقاد فيسنتي دل بوسكي مدرب إسبانيا الذي خلف لويس أراجونيس بعد كأس أوروبا 2008، “لا فوريا روخا” بسلاسة إلى نصف النهائي، بعد انتصارات على الأوروجواي (2-1) وتاهيتي (10-صفر) وهو رقم قياسي، ونيجيريا (3-صفر)، قبل أن يصطدم بالعقبة الإيطالية وتأهله بركلات الترجيح بعد مباراة منهكة لتشافي ورفاقه.

وعن خوض إسبانيا مباراة مرهقة أمام إيطاليا، توقع دل بوسكي: “هذا هو سحب القرعة، لا أريد أي عذر من هذا القبيل”. وسيحصل دل بوسكي على تشكيلة كاملة، ويأمل اعتماد أسلوب تيكي تاكا الذي يناسبها منذ 2009. وقال كاسياس حارس مرمى إسبانيا وريال مدريد: “الجميع توقع مواجهة بين البرازيل وإسبانيا في النهائي والفريقان يستحقان الوصول إلى هنا، مواجهة البرازيل في هذا الملعب الأسطوري ستكون رائعة”. وأهدر “الآزوري” فرصة خوض المباراة النهائية على استاد “ماراكانا” الأسطوري اليوم، لكنه اكتسب خبرة جيدة قبل عام من المونديال الذي يسير الفريق بشكل جيد وبثبات نحو التأهل إليه. ويختتم “الآزوري” مسيرته في البطولة اليوم أيضا، ولكن بمباراة تحديد المركز الثالث أمام منتخب أوروجواي في مدينة سالفادور.

وعاند الحظ “الآزوري” في مواجهة إسبانيا ليخسر 7-6 بضربات الترجيح بعد التعادل مع الإسباني بطل العالم وأوروبا على مدار 120 دقيقة. ولجأ الآزوري للاعتماد على ثلاثة مدافعين مثلما فعل قبل عام واحد عندما تعادل 1-1 مع نظيره الإسباني في الدور الأول لبطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2012) ببولندا وأوكرانيا. وقد رأى مدرب إيطاليا تشيزاري برانديلي أن الأداء الذي قدمه لاعبوه أمام إسبانيا في نصف النهائي سيمنحهم ثقة متجددة بأنفسهم ستساعدهم في التحديات التي تنتظرهم. وأشاد برانديللي بطريقة كفاح اللاعبين، وقال عن مباراة إسبانيا: “هذه المباراة كانت اختبارا رائعا لنا، ما من شك في هذا، اجتزنا هذا الاختبار رغم النتيجة التي انتهت إليها المباراة، أثبتنا أننا نستطيع المنافسة مع أفضل الفرق”. وقال جانلويجي بوفون حارس وقائد المنتخب الإيطالي إن كأس القارات كانت استعدادا جيدا للفريق قبل كأس العالم. وأضاف: “أعتقد أن قدرتنا على اللعب هنا في هذا الطقس الصعب ستمنحنا الأفضلية قبل كأس العالم لأننا قد ننجح في التعامل مع المباريات بشكل أفضل، سيساعد هذا طاقمنا التدريبي وممرنينا لإعداد الفريق جيداً”.

– الاتحاد