يشهد المجتمع الدولي تحركات حثيثة لتوجيه ضربة عسكرية إلى سوريا، في إطار القانون الدولي، بغض النظر عن إجماع مجلس الأمن الدولي عليها في وقت استضافت العاصمة الأردنية عمّان، في وقت متأخر من ليل الأحد- الاثنين، اجتماعاً لقادة جيوش دول غربية وعربية، من بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والسعودية وقطر وتركيا، للتباحث بشأن تطورات الأزمة السورية.

وقال وزير الخارجية الأردني ناصر جودة إن الاجتماع كان مخططاً له منذ فترة، لكنه أضاف ان أحداً لا يستطيع تجاهل مجزرة الكيماوي التي وقعت في غوطة دمشق.

فيما نسبت وكالة الأناضول التركية للأنباء إلى مصدر عسكري أردني قوله إن الاجتماع سيناقش سيناريوهات توجيه ضربة عسكرية لأهداف إستراتيجية للنظام السوري داخل سوريا، ودراسة رد الفعل المتوقع من إيران حليفة نظام بشار الأسد في سوريا على تلك الضربة.

موقف واضح

في الأثناء، أعلنت تركيا انها مستعدة للانضمام الى ائتلاف دولي ضد سوريا في غياب اجماع في الأمم المتحدة.

وقال وزير الخارجية أحمد داود أوغلو «إذا تشكل ائتلاف ضد سوريا خلال هذه العملية، فإن تركيا ستكون ضمنه».

وشدد الوزير على أن «حوالى 36 أو 37 دولة تناقش هذه الخيارات».

كاميرون يقطع عطلته

ودفعت تطورات الملف السوري رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى قطع عطلته الصيفية في مقاطعة كورنوال، وعاد إلى لندن ليرأس اجتماعاً لمجلس الأمن القومي في حكومته حول سوريا.

وقال ناطق باسم مكتب رئاسة الحكومة البريطانية إن كاميرون «يدرس أيضاً استدعاء البرلمان من عطلته الصيفية، لكن كل شيء يعتمد على التوقيت».

انضمام بريطانيا وألمانيا

بدوره، أعلن وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ أن الضغوط الدبلوماسية على سوريا لم تنجح، وقال إن أي رد دولي على نظامها سيكون وفقاً للقانون الدولي، مقللاً من أهمية الحصول على إجماع من مجلس الأمن الدولي، المنقسم بشأن الملف السوري.

وقال هيغ، للمحطة الإذاعية الرابعة بهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) إن المملكة المتحدة «تدرس خياراتها ومن الممكن أن ترد من دون دعم بالإجماع من الأمم المتحدة نظراً لعدم تحمل مجلس الأمن التابع لها مسؤولياته»، جراء الانقسام في مواقف اعضائه الدائمين حيال سوريا.

كذلك، اكد وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيلي ان بلاده ستوافق على «تحرك» محتمل للأسرة الدولية، في حال ثبت استخدام الأسلحة الكيميائية.

حسم مرتقب

بينما أعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس ان الرد الغربي على دمشق «سيحسم في الايام المقبلة»، مؤكدا انه لم «يتم بعد اتخاذ» اي قرار.

وفيما طالبت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل بأن تكون هناك عواقب بالنسبة للنظام السوري، داعية إلى إيجاد حل سياسي سريع، رفض الناطق باسم مسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون التعليق على تكهنات بضربة عسكرية محتملة ضد سوريا.

رفض عراقي

وأعربت الحكومة العراقية عن معارضتها لاستخدام اجوائها او اراضيها لشن اي هجوم ضد سوريا. وقال علي الموسوي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء نوري المالكي «كنا وما زلنا ضد العمل العسكري، وكنا نأمل ان يكون هناك حل سلمي وسياسي للأزمة، لأن الحل العسكري لا يؤدي الا الى تفاقم الأزمة».

موسكو: لن نخوض حربا مع أحد

جدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس إعلان دعم بلاده لنظام الرئيس السوري بشار الأسد بتحذيره من «العواقب الوخيمة» لاستخدام القوة في المنطقة، لكنه قال إن بلاده لن تخوض حرباً مع أحد في حال التدخل العسكري في سوريا، في حين أكد مسؤول أميركي كبير ان الولايات المتحدة تزداد اقتناعا بأن النظام السوري يقف وراء الهجوم، مشيرا إلى أن واشنطن تفكر في احتمال القيام بعمل عسكري.

وقال لافروف، في مؤتمر صحافي خاص بالأزمة السورية، إن الذين «يهددون باستخدام القوة العسكرية ضد (الرئيس السوري بشار) الأسد»، يتخذون من استخدام مزعوم للسلاح الكيميائي في منطقة الغوطة بريف دمشق ذريعة لحشد وسائل الحرب في المنطقة.

وأضاف لافروف إن روسيا تدعو الدول الرئيسية الأخرى إلى منع التدخل العسكري في شؤون سوريا، وعدم الوقوع في أخطاء ارتكِبت في أوقات سابقة.

واتهم الأوساط الغربية بأنها «تسعى لتعطيل مؤتمر جنيف»، وتغيير النظام السوري بالقوة، وقال إن «حالة الهستريا» حول استخدام الكيماوي تهدف الى إحباط «جنيف 2». لكنه أعلن أن روسيا ليست لديها النية للدخول في صراع عسكري حول سوريا، مضيفا إن التدخل المسلح لن ينهي الصراع في سوريا. وقال «ليس لدينا نية لخوض حرب مع أحد».

مؤشرات أميركية

بالمقابل، أكد مسؤول أميركي كبير ان الولايات المتحدة تزداد اقتناعا بأن النظام السوري يقف وراء الهجوم، مشيرا إلى أن واشنطن تفكر في احتمال القيام بعمل عسكري.

وقال المسؤول الأميركي للصحافيين الذين يرافقون وزير الدفاع تشاك هيغل، وطلب عدم الكشف عن هويته، «توجد مؤشرات قوية تدل على استخدام أسلحة كيميائية» من قبل النظام السوري.

وأضاف: «تزداد قناعتنا باستمرار أن الأمر يتعلق باستخدام أسلحة كيميائية من قبل النظام السوري».

وأكد أن «الحكومة تفكر في خياراتها للرد بالتشاور مع شركائنا الدوليين».

الأمر الذي أكده الوزير هيغل بقوله إن بلاده تدرس جميع الخيارات، لكنه استدرك «إذا تم اتخاذ أي إجراء فسيكون ذلك بالتنسيق مع المجتمع الدولي وفي إطار التبرير القانوني».

الأسد يستخف

في رد استفزازي على مجريات الأحداث، اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد ان الاتهامات الغربية الموجهة الى نظامه «تخالف العقل والمنطق»، وجدد تحذيره الولايات المتحدة بأن خططها لشن عمل عسكري «ستصطدم بالفشل». وقال الأسد، في مقابلة اجرتها معه صحيفة «ايزفستيا» الروسية، إن «ما قامت به اميركا والغرب وبعض الدول الأخرى منذ يومين كان استخفافاً بالعقول وقلة احترام للرأي العام لديها». الوكالات

– البيان