
الغيرة سبايب في قتل الحبايب
علي أبو الريش
حب التملك فطرة بشرية، فطر عليها الإنسان منذ مولده، وحتى توقف الأنفاس، إلا أن هناك فارقاً ما بين الحب المرضي والحب السوي .. المرضى يحبون فيمتلكون، فيحتوون، فيدخلون الآخر إلى أعماق النفس بحيث يعيد جزءاً من الذات، ولا غنى عنه، الأمر الذي يجعل من خيانة طرف لطرف جريمة نكراء، عقابها الخلاص النهائي، لأن في نظر العاشق المريض أن الطرف الخائن قد أضر بالذات، بل اجتزأها، فما عادت تقتنع بالحياة في وجود كائن خائن، فلا بد من نهايته.
هذه الحوادث تتكرر في المجتمعات الإنسانية، خاصة المجتمعات التي يغرق أفرادها في رومانسية بدائية تعود إلى الجبلة الأولى، لذلك نجد ارتفاع مستوى الجريمة بين الأسرة حديثة الزواج، لأن قطبيها لا يزالان يعيشان حالة الحمية العاطفية، وانحراف أحد الطرفين يؤدي إلى غضب إلهي، ينزل على رأسه، ورأس أسلافه .. والزوجات أكثر اعتياداً على الرفض العنيف بحكم العاطفة الأشد، وبحكم التقاليد التي لا تمنح فرصة الخلاص الطبيعي، ما يجعلهن يعتمدن العنف وسيلة قصوى لغاية أقصى .. أمثلة هذا العنف، ما فعلته المرأة الفيتنامية لي تي هاين ذات الـ 55 عاماً، حيث أقدمت على استئجار أشخاص لقتل زوجها سائق الأجرة لمجرد علمها أنه على علاقة عاطفية مع أخرى، وأنه يريد الزواج منها .. وهناك زوجات دبرن مكائد ومصائد لأجل الانتقام لأن الخيانة عظمى، والانكسار أعظم والخسارة فادحة، ولا جواب لها غير قطع دابر المشكلة.
أما بالنسبة للأشخاص الأسوياء، فهؤلاء يحبون كما يحب سواهم، لكنه الحب الموضوعي، الذي يأخذ العاطفة تجاه شخص معين يمنحه كل ما يستحق، وإن لم يستحق فالفراق بمعروف ودون خسائر ودون حرائق ودون بكاء ونحيب وتمزيق جيوب .. فالشخص السوي يعرف كيف يمارس حقه في الوجود ويعرف أن من حق الآخر أن يختار متى أراد، فلا ملكية خاصة لشخص على شخص، فمن العقل أن نحب ومن العقل أيضاً أن نمارس الحب بشفافية وذهنية متفتحة.. ومن امتلاك الأشخاص إلى امتلاك الأشياء، فهناك مرضى يعشقون امتلاك الرأي واحتكاره، ويجدون لذَّة متناهية في التربع أمام الآخرين، والتصديح والتصريح بفظاظة الجبابرة، معتبرين أن رأيهم صواب ورأي غيرهم خطأ ولا احتمال ثالث بينهما .. وهناك أشخاص يعشقون امتلاك إعجاب الآخرين بهم، فيبذلون الغالي والنفيس من أجل تحقيق هذه الغاية، وأحياناً يقعون في الأخطاء الذريعة لأنهم يتصرفون خارج حدود المنطق بعيداً عن منطق العقل .. والله يسلم الجميع من المرض والمرضى
– عن الاتحاد