
المتعلقون بقشة
عائشة الكعبي
لفتت نظري قبل أيام مقالة لكاتب لبناني يتحدث فيها عن أهمية التوطين في لبنان . فوجدتها مفارقة طريفة لأننا نبذل جهداً كبيراً في “فرنجة” الوظائف الإماراتية بينما ينتشر وباء البطالة بين شبابنا وشاباتنا ورغم وجود الوعي الكافي بتفاقم هذه الأزمة الاجتماعية إلا أن المحاولات لاحتوائها ليست جادة بما فيه الكفاية .
لنأخذ معارض التوظيف على سبيل المثال، فما أن تتجول فيها حتى تدرك من الوهلة الأولى أن الشركات والمؤسسات المشاركة لا تنظر إلى الحدث كفرصة لاستقطاب الكفاءات الشابة بل حملة إعلانية للترويج لاسمها أو على الأصح لمحاولة إقناعنا أنهم جادون في ادعاءات الحفاظ على النسبة الأدنى من توطين الوظائف، إذ إن أغلبها لا يقبل استلام أوراق أو سير ذاتية من الشباب ويكتفي بإعطائك بطاقة دوّن عليها موقع المؤسسة لتحميل سيرتك الذاتية عليه وهو الأمر الذي كان بالإمكان القيام به من دون تكبد عناء الحضور .
وإن حدث وتسلمت السيرة الذاتية شركة ما بعد إلحاح فإن ذلك العاطل المسكين لا يسمع منهم بعدها حتى لو حاول الاتصال بهم لأن لديهم طرقهم المبتكرة للتهرب . أما إن قرر اللجوء إلى برنامج توطين فإن طلبات الأوراق له بالمرصاد، وقد يستغرق هذا الأمر أكثر من زيارة نظراً للأوراق الكثيرة المطلوبة فهم غير مستعدين لتسلمها إلا في حالة اكتمالها ثم بعد هذا كله يطلب من المتقدم تعبئة طلب يدفعه لشد شعر رأسه، مثل: اختر مستواك! أو: هل تستطيع قراءة جريدة، أم أنك تفهم الأشكال والرموز، أم أن مستواك متقدم وتستطيع كتابة بعض النصوص؟ فإذا كان “توطين” يعتمد على تقييم المتقدم لنفسه فلمَ تطلب منه كل تلك الأوراق من الأساس لدرجة أنهم يسجلون الحاصل على الماجستير كجامعي فقط في حال لم يحضر ورقة التصديق معه؟ وبعد كل هذا ليست هناك وعود بالتوظيف ولا بارقة أمل، لكن العاطل كما يقال يتعلق بقشة .
– عن الخليج 31 مايو 2011