استهدفت قوات النظام السوري أحياء مدينة إدلب شمالي سوريا بأربعة براميل متفجرة، تحمل غازات سامة، ما أدى إلى إصابة عشرات الأشخاص بحالات اختناق، بينهم أطفال رضع ونساء، كما تعرضت بلدتا كورين والتمانعة بريف المدينة لقصف مشابه، أسفر عن جرح مدنيين ودمار في الممتلكات، بينما يضغط الجيش الحر على جبهة النصرة، لتنفصل عن تنظيم القاعدة.
وقالت مصادر في إدلب إن النظام استهدف أحياء بالغازات السامة، وأوضحت أن القصف الذي وقع نحو الساعة العاشرة من مساء الخميس استهدف دوار المحراب وكراجات البولمان وعدداً من الأحياء في المنطقة الشرقية للمدينة. وأضافت أن القصف أدى إلى حالات اختناق لعشرات الأشخاص جراء استنشاقهم غاز الكلور، كما سبب الهلع والذعر بين السكان.
ولقي 11 شخصاً حتفهم وأصيب 25 آخرون جراء قصف مروحيات النظام بالبراميل المتفجرة بلدة تفتناز بريف إدلب. ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن مصدر طبي أن قوات النظام قصفت حياً مدنياً بالبلدة، ما أدى إلى سقوط القتلى، وبينهم امرأة وأربعة أطفال، فضلاً عن تدمير ستة أبنية سكنية.
وأضاف المصدر أن تصاعد الغارات دفع عشرات السكان إلى مغادرة البلدة. ولم تخل الساعات الأخيرة من الاشتباكات بين الثوار وقوات النظام، التي اندلع أعنفها في محيط بلدة الفقيع بريف درعا، وعلى جبهة نحليا ومعترم غرب أريحا بإدلب.
من جهتهم، تمكن الثوار من تنفيذ عمليات عسكرية عدة، كان أبرزها تدمير دبابة لقوات النظام بصاروخ على طريق المسطومة أريحا بريف إدلب. وأكدت الهيئة العامة للثورة السورية مقتل عدد من عناصر القوات الموالية للأسد في كمين نفذه الثوار على محاور عدة من جبهة حيي التضامن، والقابون بدمشق. واندلعت اشتباكات أخرى مع قوات النظام في حي الصناعة بدير الزور.
كما سقط عدد من الضحايا جراء قصف قوات النظام قرية مشمشان بريف جسر الشغور بالمدفعية، حسب ما أفادت الهيئة العامة للثورة السورية.
ولم يكن ريف العاصمة أفضل حالاً، حيث واصلت طائرات الأسد الحربية استهداف بلدة زبدين، وقصفت قوات النظام بالمدفعية والرشاشات الثقيلة مزارع بلدة الدير خبية.
في سياق آخر، شكل معبر نصيب الحدودي وسيطرة المعارضة عليه توتراً في العلاقات بين الجيش الحر، وعناصر جبهة النصرة، إذ صعدت فصائل الجيش الحر جنوب سوريا من الحملة على النصرة لدفعها إلى الانفصال عن تنظيم القاعدة، في حين سعت فصائل في المعارضة إلى رأب الصدع بين الجانبين، لكن الناطق باسم الجبهة الجنوبية للجيش الحر أكد رفضه كل أشكال التعاون مع النصرة.
وشدد قياديون في الجيش الحر على ضرورة دفع النصرة لأن تحدد خياراتها، بينما حذر آخرون الثوار من الانضمام إلى النصرة، والانتساب بالتبعية إلى القاعدة، التي قالوا إنها تملك مشروع مواجهة دائمة، ولا تملك مشروع دولة. وتوترت العلاقة بين فصائل الجبهة الجنوبية، وعناصر النصرة غداة السيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، مطلع الشهر الحالي، وطرد القوات النظامية منه.
لم تشارك جبهة النصرة في التخطيط لعملية السيطرة على معبر نصيب أو المعارك التي سبقته، لكنها قامت بالدخول إلى المعبر بالقوة، مستغلة انشغال مقاتلي الجبهة بتمشيط المعبر، ما خلق استياء كبيراً لدى مقاتلي المعارضة. وبحسب الجيش الحر فمقاتلو النصرة لا يشكلون إلا 15 في المئة من مقاتلي الجبهة الجنوبية، لكن مقاتلي النصرة يتفوقون من ناحية التنظيم والتسليح، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
واغرورقت أعين سفراء بالدموع أثناء اجتماع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أول من أمس، عندما عرض أطباء سوريون تسجيلاً مصوراً لمحاولات فاشلة لإنقاذ أرواح ثلاثة أطفال عقب هجوم بغاز الكلور وقع الشهر الماضي.
وقال الطبيب محمد تناري مدير المستشفى الذي نقل إليه الأطفال الذين تراوحت أعمارهم بين عام وثلاثة أعوام إن الأشقاء الثلاثة ووالديهم وجدتهم قتلوا في الهجوم الذي نفذ في 12 مارس على قرية سرمين بمحافظة إدلب في شمال غرب سوريا.
وفي اجتماع غير رسمي مغلق رتبته الولايات المتحدة تحدث تناري والطبيب زاهر سحلول رئيس الجمعية الطبية السورية الأميركية وقصي زكريا أحد الناجين من هجوم بغاز السارين في الغوطة قرب دمشق في أغسطس 2013.
وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة سامانثا باور إن الاجتماع كان استثنائيا تماما ومثيرا للمشاعر للغاية. وأضافت لم أر عينا غير دامعة أثناء الاجتماع. وقال آخرون حضروا الاجتماع إن كثيرين من الحضور بكوا. وأبلغت باور الصحفيين لاحقاً يجب محاسبة أولئك المسؤولين عن هذه الهجمات.
وأضافت يجب أن نعرف بدقة المسؤولين عن هذه الهجمات. وأضافت كل شيء يدل أنها نفذت بواسطة مروحيات وفقط نظام الأسد يملك مروحيات». وأوضحت لكن يجب العمل بطريقة يكون فيها كل أعضاء مجلس الأمن مقتنعين وأن يحاسب الفاعلون على أعمالهم.
من جهتها، اعتبرت سفيرة الأردن دينا قعوار، التي تترأس المجلس في أبريل الحالي، أنه «حان وقت التحرك» ليس فقط لوقف هذه الهجمات، بل لإحياء عملية تسوية سياسية في سوريا. وأضافت أمام الصحافيين أن عدم القيام بذلك سينجم عنه مزيد من القتلى ومشاكل إضافية.
وأبلغ جيم مكلاي سفير نيوزيلندا لدى الأمم المتحدة الصحفيين، إذا لم نتخذ إجراء حيال هذا فسيعتقد آخرون أن بوسعهم القيام بمثل هذا الشيء والإفلات من العقاب.
وجاء الهجوم على قرية سرمين بعد عشرة أيام على تنديد مجلس الأمن الذي يضم 15 دولة باستخدام الكلور كسلاح في سوريا وتهديد المجلس باتخاذ إجراء إذا استخدم مجدداً.

البيان