
ثقافة التنحّي
عادل محمد الراشد
لا شك في أن استقالة محمد خلفان الرميثي من رئاسة اتحاد الإمارات لكرة القدم تعد خسارة لما يملكه الرجل من إمكانات قيادية عالية، ونفس متواضعة أكسبته احترام الجميع واعترافهم بحاجة رياضة الإمارات إلى مثل نمط الرميثي، لكن في إطار نمو الروح المؤسسية التي تشهدها الدولة، والتي يمثل الرميثي جزءاً من تكوينها، رأى الرجل في إخفاق المنتخب الوطني في التأهل لنهائيات كأس العالم المقبلة إخفاقاً يضعه وفريق عمله في موقع تحمل المسؤولية، فكان شجاعاً في الإعلان عن تحملها، كما كان شجاعاً من قبل في حملها.
وليس المقام هنا كيل المديح للرئيس السابق لاتحاد الكرة أو التباكي على مرحلته، كي لا يظن البعض بنا عقدة «ما في البلد غير هالولد»، ولكنها لفتة إلى أننا تعودنا على قيادات تقال ولا تستقيل، ومسؤولين جاهزين بلوائح رمي الأعذار واتهام كل الظروف في أي إخفاق يحدثونه، واستقالات يمكن أن ترمى احتجاجاً على صلاحيات قُلصت أو امتيازات خُفضت، بينما تبقى الرغبة في إفساح الطريق لآخرين يكملون المشوار آخر ما يمكن أن يكون سبباً لتقديم الاستقالة.
والاستقالة الذاتية لا توصم دائماً صاحبها بالفشل المطلق، لأن العديد من الناجحين والعظماء والمبدعين تركوا الساحة لغيرهم عندما شعروا بعدم توفيقهم في أمر ما، بل إن الذهاب إلى تحمل المسؤولية وحمل الأخطاء أو التقصير هو في الحقيقة وجه من وجوه نجاح وتميز صاحبه، وربما يكون تميز محمد بن خلفان أنه أسس لثقافة التنحي وتحمل المسؤولية، والإفساح الطوعي لـ«دماء جديدة» تتحمل مسؤولية المرحلة المقبلة، وهذا ما نتمنى أن يصبح تقليداً حميداً في كل مؤسساتنا وقطاعاتنا الوطنية.
– عن الامارات اليوم