علي العمودي

هناك أزمة ونقص حاد في القطاع التعليمي الخاص بأبوظبي في مختلف قطاعاته، وهذا واقع لا يستطيع إنكاره، وتفسيري الوحيد للأمر عدم تفاعل المستثمرين فيه عن التوسع بمشروعات جديدة ومكثفة، لأن الكثير منهم يريد إجبار مجلس أبوظبي للتعليم على التراجع عن المعايير والاشتراطات الصارمة والدقيقة التي وضعها لترخيص المدارس والحضانات الجديدة. وهم باختصار يريدون العودة للأوضاع القديمة، وبالذات العمل داخل المدن والتوسع في مدارس الفلل، وطرق إدارة وتشغيل النظم التعليمية المتبعة فيها. وكذلك في مستوى ونوعية التعليم الذي كانت تقدمه تلك الجهات، ولا يتناسب واحتياجات المجتمع، ولا حتى مع الرسوم المبالغ فيها الذي كانت تتقاضاه من أولياء الأمور، والهيئات التدريسية وظروف التشغيل التي كانت تعتمدها. وبالذات في المناطق التي كانت تعتقد أنها بعيد عن رقابة الدولة، سواء في الضواحي أو خارج العاصمة.

وفي كل مناسبة يجدد معالي الدكتور مغير الخييلي، مدير عام المجلس، الدعوة للقطاع الخاص للتقدم للمشاركة في رفد المسيرة التعليمية للإمارة، التي تتطلب من القطاع الخاص توفير 26 ألف مقعد جديد لتلبية الطلب على التعليم في هذا القطاع، بحسب دراسة للمجلس الذي جدد مديره العام تلك الدعوة الأسبوع الماضي، بمناسبة افتتاح مدرسة خاصة في المنطقة الغربية برعاية إحدى شركاتنا النفطيةالوطنية.

النقص الموجود وعدم معالجته تكون له العديد من الآثار السلبية غير الخافية على الجميع وفي مقدمتهم المسؤولون في المجلس. وبالذات فيما يتعلق بمواجهة الزيادة السكانية المتلاحقة في الإمارة واستقطابها للكثير من الشركات والمؤسسات والكوادر والخبرات العاملة في شتى المجالات والميادين من مفاصل الاقتصاد الوطني.

وأتوقف أمام النقص الحاد للحضانات في المناطق والضواحي الجديدة من العاصمة، وقد تزايد الطلب على هذه الخدمات الأساسية مع توسع إسهام المرأة في سوق العمل، فقد ترتب عليه اعتماد الكثير من الأسر العاملة على ما يمكن أن نطلق عليه”حضانات سرية”، وهي قيام بعض السيدات غير العاملات باستقبال أطفال الحي في بيوتهن ريثما تعود الأم من العمل، مع ما تحمل مثل هذه الظاهرة من مخاطر على العديد من الصعد. أخطرها عدم توافر اشتراطات السلامة العامة، وهي اشتراطات لا تقل تكلفة توفيرها في الحضانات النموذجية عن المائة ألف درهم. ومن نافلة القول التذكير بما يحمله الأمر من مخاطر حقيقية جراء غياب حضانات تتوافر فيها الاشتراطات والمواصفات المطلوبة.

كما تسبب محدودية الحضانات في تحديد الجهة الموفرة لاحتياجاتها، مما تسبب في ارتفاع اسعارها، ورفع”مريول” طفلة في الحضانة لسبعمائة درهم، والحذاء لطفلة بثلاثمائة وخمسين درهماً. بل إن البعض من تلك الحضانات يشترط محلاً بعينه للشراء منه.

وتسبب محدودية الأمكنة في المدارس الخاصة جراء عدم التوسع في استقبال أكثر من69% من مدارس أبوظبي للحد المسموح لها من الطلاب.

الوضع الراهن يفرض تحديات جملة على جهود “أبوظبي للتعليم” في حل المعادلة، من خلال توفير فرص التعليم وبالمستوى التعليمي المطلوب، وفي الوقت ذاته بأسعار غير مبالغ فيها، تنفيذاً لرؤية القيادة الرشيدة بتحقيق فرص التعليم للجميع، وبناء أجيال متسلحة بالتعليم النوعي الذي يعد اليوم من دعامة اقتصاد المعرفة.. رهان المستقبل الذي تؤكد عليه رؤية أبوظبي 2030.

الإتحاد