سامي الريامي

لا أسهل من اختيار اسم، يستطيع محمد بن راشد أن يطلق عشرات، بل مئات الأسماء، فهو شاعر قدير وحكيم ومطلع، وهو بحرٌ عميق في المعرفة والثقافة العربية، لذا فهناك أبعد بكثير من قصة «اسم» لمسبار المريخ الذي ستطلقه الإمارات لاستكشاف الكوكب الأحمر، والذي طلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم من جميع العرب والمسلمين تقديم اقتراحاتهم لإطلاقه على المسبار!
«المسبار هو أمل هذه الأمة، وهو الإنجاز العلمي الحقيقي العربي والإسلامي، لذلك فمن حق كل عربي ومسلم أن يشارك في اقتراح اسم له».
هناك شيء أعمق، ورسالة أشمل، هناك شعور وإيمان وقناعات راسخة لدى سموه، بأن أي إنجاز هنا، هو إنجازٌ لكل العرب، ونصرٌ لكل المسلمين، وتالياً فمن حق كل العرب والمسلمين أن يشاركوا في ذلك الإنجاز، ومن حقهم أن يشعروا بأنهم جزء منه، ليس بالإحساس والمتابعة والقراءة عنه فقط، بل بمشاركة حقيقية تصل إلى درجة اختيار اسم يطلق على المسبار، اسمٌ سيخلده التاريخ، وسيردده العالم، وسيتردد عشرات ملايين المرات وأكثر، طوال السنوات المقبلة.
لاشك في أن محمد بن راشد يسعد ويبتهج عندما يرى بلاده في المقدمة، لكن سعادته دائماً تكون أكبر عندما يشارك هذه السعادة إخوانه العرب، قالها مراراً، ورددها مراراً، وطبقها مراراً، وفتح أبواب تطور دبي لجميع العرب، من شاء أن ينهل ما يشاء منها فليتفضل على الرحب والسعة، لم يبخل يوماً في تقديم معرفة أو خدمة أو معلومة أو تقنية لمن طلبها من الدول والمدن العربية والإسلامية، لذا لم يكن أنانياً حتى في أبسط الحقوق وهو اختيار اسم لأول مسبار عربي وإسلامي للوصول إلى المريخ، بل أعطى هذا الحق لجميع العرب والمسلمين، فهو إنجاز الجميع، ومن حق الجميع أن يشاركوا فيه.
سموه أطلق طلبه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبعدها بساعات قليلة وصل عدد الذين اطلعوا على هذا الطلب إلى 44 مليون شخص من مختلف قارات العالم، لاشك في أن معظمهم عرب ومسلمون، وفي أقل من ساعتين وصلت عشرات الآلاف من الاقتراحات والأسماء، ولاشك في أنها ستتضاعف بشكل كبير خلال اليوم والأيام المقبلة، فهؤلاء العرب والمسلمون متعطشون للفرحة، متعطشون للإنجاز، متعطشون لأي مجد وأي نصر علمي حقيقي يخرج من الأراضي العربية، متعطشون للسعادة، ولاشك في أن محمد بن راشد هو ضوء التفاؤل في نفق الواقع العربي والإسلامي المظلم، ولاشك في أن المسبار هو أحد دواعي الفرحة، وهو «مصدر إلهام لنا جميعاً كأمة عربية، بأننا نستطيع المنافسة في السباق الحضاري والمعرفي العالمي».
كل ما يحيط بالعرب والمسلمين محزن ومخيف، والأحداث الدراماتيكية التي تعصف بهذا الوطن المتسع تكاد تمزقه، والفرحة والسعادة والإنجاز تكاد تكون كلمات غير مفهومة في كثير من أجزاء هذه الأمة، ولغة العلم والتطور ومواكبة العصر تكاد تتلاشى في هذا الجزء من العالم، لذلك كان خبر إطلاق المسبار في حد ذاته إنجازاً كبيراً، إنجازاً يكاد يصل إلى درجة الحلم، فلم يعد هناك كثير ممن يفكرون في تطوير الإمكانات البحثية والعلمية العربية والإسلامية، ولم يعد هناك من يفكر في مواكبة التطور العالمي، ولم يعد هناك بالأحرى شيء يستحق أن نطلق عليه إنجازاً عربياً، لذلك فالمسبار هو أمل هذه الأمة، وهو الإنجاز العلمي الحقيقي العربي والإسلامي، لذلك فمن حق كل عربي ومسلم أن يشارك في اقتراح اسم لهذا المسبار، فلا أحد يستطيع أن يخمن متى تكون الفرحة العربية المقبلة!

الامارات اليوم