فضيلة المعيني

إساءة بالغة ما بعدها إساءة، ولا شيء غير الإساءة والجهل يمكن أن يطلقه أي عاقل على الفيلم المسيء إلى حبيب الله محمد صلى الله عليه وسلم، وكل ما يتعلق بالشريعة الإسلامية، كل ما في الدنيا من قذارة ودناءة ونجاسة جمعت لتقدم في ما يسمى تجاوزاً «فيلم»، صناعة الأفلام لها شروط ومعايير، لم يتوافر أقلها في هذا الذي يقدمه مجموعة من السفهاء والمجانين نفثوا عن أحقاد تسكن نفوسهم البغيضة، وتعشعش في رؤوسهم النتنة تجاه سيد الأولين والآخرين، وقالوا فيه صلى الله عليه وسلم ما لا يجب قوله، وما لا يستحق أن يمر مرور الكرام على الأمة الإسلامية التي عليها الاقتصاص من منتجي ومقدمي هذا الفعل الكريه.

الفيلم المسيء الذي خرج من عباءة المتطرف القس الأميركي «تيري جونز» المعروف بعدائه للإسلام والمسلمين منذ سبتمبر 2001، وقام بالعديد من الجرائم يستفز بها المسلمين كان آخرها حرق المصحف الشريف العام الماضي في كنيسة في فلوريدا، إذ اعتبر في بلاهة أن القرآن الكريم مذنب ومسؤول عن عدة جرائم ويجب حرقه «قاتل الله هذا الخنزير».

ويشارك في هذه الإساءة التي ستبقى عاراً عليهم، تسعة من أقباط مصر الذين يعيشون في المهجر، لا يمثلون بالطبع مسيحيي مصر الذين استنكروا هذا العمل، لكن ذلك لا يعني السكوت على فعلتهم النكراء.

العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم، وكل ما يبدر من المسلمين من العالم من أعمال إنما هي ردود فعل غاضبة لفعل أكثر بشاعة، كان من المفترض إيقافه وعدم السماح له بالعرض، بدلاً من التذرع بأن الدول العظمى ليس لها قانون يعاقب ازدراء الأديان، مع رفضنا التام لإراقة دماء بريئة وإزهاق أرواح لا ذنب لها، إنما يتخذها الثائرون الغاضبون وسيلة للانتقام والثأر، وهو بالطبع تصرف غير مسؤول لا تستطيع أي دولة في العالم أن تراهن على قدرتها على السيطرة على رد فعل غاضب.

الاعتذار عن هذا الفعل ليس كافياً مع تكرار الإساءة إلى الإسلام والقرآن وخاتم الأنبياء والصحابة والمسلمين، ولا بد من الاقتصاص من هؤلاء، وتقديمهم للعدالة، حتى ينالوا ما يستحقونه على ما اقترفت أيديهم، ويكونوا عبرة لغيرهم.

نقول، والدول العظمى تضع شروطاً للانضمام لأي اتفاقية تجارية كانت أم اقتصادية، وتتدخل في صغائر الأمور في ما يخص حقوق الإنسان هنا وهناك، أن يكون عدم التعرض للأديان السماوية والرسل والكتب السماوية شرطاً لإتمام أي اتفاقية أو صفقة بين دول العالم الإسلامي وبينها. وأن نفرض على الجميع الاحترام المتبادل
للمعتقدات والمقدسات.

حالة الغليان التي يشهدها العالم العربي والإسلامي وغيرهما لها ما يبررها في وقت تزداد الحاجة إلى السلم والأمان وليس غيرهما، لكن يبدو أنه هناك من لا يريد غير هذا.

– البيان