نورة السويدي

لا تكلّ جهود دولة الإمارات في إبراز الوجه الثقافي الناصع للمجتمع، القادر على هضم واستثمار منتجات المدنية بعقول متفتحة وقلوب متبصرة، بعيدة عن المغالاة والتعصب والتطرف، لتقدم للعالم رسالتها الحضارية التي تنبع من قبول الآخر والتعايش معه، ونبذ العنف مهما كانت دوافعه أو أهدافه.

هذه الجهود المباركة المتناسقة بين القيادة والشعب، تحمل لواء التقارب بين الجميع، والعمل من الجميع لخدمة المجتمع، وتقف صفاً واحداً في وجه الداعين إلى الفرقة تحت أي مسميات أو أفكار، الذين يجعلون من ثقافة الاستئصال مادة يتغذون منها، ويقتاتون من ثمراتها، حتى ولو كانت علقماً اجتماعياً عليهم وعلى الآخرين.

ولا يزال البعض من أصحاب الأهواء غير مقتنعين أو لا يريدون أن يقتنعوا، أن الإمارات وشعبها لا يقبل ولا تنسجم طبيعته أبداً مع أي لون من ألوان التطرف، مهما كان وتحت أي مبرر وجد، لأن المجتمع الإماراتي إنما تأسس على فكرة الاتحاد، والتعاضد والتكاتف بين الجميع من أجل الأهداف السامية، وعلى قمة أولوياتها المصلحة الوطنية الكبرى، ثم كانت الحياة اليومية التي تربى عليها أبناء الإمارات، والتي ترى في التنوع البشري واختلاف الألوان والألسنة قاعدة متينة للبناء، تزيد في جمال المبنى الاجتماعي وتقوي من تماسكه، إذا اتحدت الأهداف الجامعة الكلية.

ولذلك فإن مصير أي دعوة للتطرف سيكون الذوبان في محيط التعايش الاجتماعي الأوسع، والاضمحلال في تيار التقارب وقبول الآخر، الذي يشكل ثقافة ممتدة يعرفها الصغير قبل الكبير، وتؤمن بها القيادة كما يؤمن بها الشعب.

قبل أيام تسلم المجلس الوطني الاتحادي من الحكومة مشروع قانون اتحادي لسنة 2013، يقضي بإنشاء “المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف”، وفقا للمادة 89 من الدستور، والتزاماً من الدولة بالتعهد الذي أطلقته بإنشاء مركز لمكافحة التطرف العنيف، وذلك خلال المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب الذي عقد في نيويورك 2011.

وتبرز دلالة النصوع في هذا المشروع المعروض على المجلس، في أنه جاء منطلقاً من أرضية تفسر ذلك التوجه لدى المجتمع الإماراتي، من خلال المبادئ التي قررها وسيعمل على ترسيخها، حيث يلتزم المركز بالعمل على إيجاد أرضية مشتركة للحوار وتبادل الرأي، وتنسيق الجهود مع الدول المؤسسة للمنتدى الدولي لمكافحة الإرهاب، الساعية لمواجهة التطرف العنيف في إطار من التعاون والتنسيق مع المراكز الوطنية والدولية ذات الاختصاص المشابه، وتقديم رؤى علمية موضوعية هادفة، والتعاون مع فرق العمل الأخرى المنبثقة عن المنتدى.

وسيقوم المركز بالعمل على إنشاء قاعدة بيانات لتبادل المعلومات مع الدول الأعضاء في المنتدى، وبناء القدرات وتقديم برامج لمكافحة التطرف العنيف، وتقييم الأبحاث والدراسات ذات الصلة، وإقامة الدورات وورش العمل والمحاضرات والندوات المتخصصة في هذا المجال، وإعداد الدراسات والأبحاث المتعلقة بمجال مكافحة التطرف العنيف، والتعاون والتنسيق مع وسائل الإعلام، وإنشاء شراكات وتعاون مع القطاعين العام والخاص والتواصل مع وسائل الإعلام.

ويبرز التناغم الاجتماعي في الإمارات، من خلال مواجهة فكرة التطرف، وفي الموقف الواضح للقيادة، والذي أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حين اعتماد الحكومة لمشروع القانون السابق، حيث قال سموه: اعتمدنا اليوم مشروع قانون لإنشاء “المركز الدولي للتميز لمكافحة التطرف العنيف”، والذي يهدف لتنسيق ودعم الجهود الدولية لمكافحة هذه الظاهرة.. وعلق سموه على ظاهرة التطرف ومدى نظرة المجتمع لها، حين أكد أن: “ظاهرة التطرف مرفوضة دينياً ودولياً وأخلاقياً، والتعاون الدولي ضروري لمواجهة الظاهرة، وستظل دولة الإمارات داعماً رئيسياً لمنهجية التسامح والاعتدال”.

نعم، بهذا الوضوح.. ستظل الإمارات داعماً رئيسياً لمنهجية التسامح والاعتدال، لأنها تقوم على أرضية التسامح وتنطلق من منهج يتقوى من الاعتدال، وتفخر بأنها تستند إلى قبول الآخر ودمجه في مشروعها النهضوي الحضاري، وتضع حداً لكل من يريد تمرير ثقافة العنف والتطرف، بجميع مبرراتها وألوانها