
مع التوطين ضد البطالة المقنعة
ميساء راشد غدير
يخطئ كثير من المسؤولين عندما يقومون بفتح أبواب قبول التوظيف والتعيين للمواطنين ليرفعوا نسبة التوطين في المؤسسات التي يديرونها ليرفع عنهم الملام من جانب، وليشعروا براحة الضمير من جانب، في حين أنهم لا يجتهدون في توصيف تلك الوظائف وتوضيح المهام المناطة بكل موظف يتم توظيفه على هيكل تلك المؤسسات، محدثين بذلك مشكلة اكبر.
وهي البطالة المقنعة حيث توجد مجموعة من الموظفين تحصل على أجور ورواتب دون عمل في المقابل أو جهد تقوم به، فتسلم هذه المجموعة دون إرادة منها إلى البطالة الأسوأ التي تجعلها عالة على المؤسسات التي تعمل بها كونها لا تنتج ولا تسهم في تقدم تلك المؤسسات أو رفع مستوى إنتاجيتها، وعندها يصبح وجودها من عدمه واحداً، إذ لا يترتب على خروجها أي نقص في إجمالي إنتاج الشركة أو المؤسسة التي هم موظفون فيها وربما زاد الإنتاج عما لو استمروا في تلك الوظائف التي تم تعيينهم عليها.
البطالة المقنعة في المجتمعات لا تولد من فراغ، لكنها نتاج تكدس الموظفين وتحديدا في المؤسسات الحكومية بما يفوق احتياجاتها بحجة سعيها نحو الالتزام بتعيين الخريجين الذي ينتج عنه تكدس الموظفين، وتواجدهم في بعض تلك المؤسسات دون أدوار حقيقية يقومون بها، لا لسوء فيهم، ولا لقلة مهارات كان يفترض انتسابهم لها وتمكنهم فيها، بل نتيجة سوء التخطيط والإدارة المؤسف في بعض مؤسساتنا الوطنية والذي كنا نعتقد أننا قد شُفينا منه بعد الثورات الإدارية والسباق المحموم بين المؤسسات الاتحادية والمحلية نحو التميز الإداري.
وبعد الإدمان على تعيين واستقطاب كبار الخبراء والمستشارين الذين تدفع لهم المؤسسات ملايين الدراهم من اجل إعادة هيكلة المؤسسات وتوصيف الوظائف وقياس الأداء الذي يضمن القضاء على مشكلات تنخر في المؤسسات كمشكلة البطالة المقنعة، لكن واقع حال بعض الموظفين والشكاوى التي يعبرون فيها عن حالة السأم والملل التي بلغت بهم مبلغها نتيجة وجودهم على مكاتب يتصفحون فيها مواقع الانترنت، ويقلبون الصحف والمجلات، أو يتحدثون فيها بالهاتف لساعات يجعلنا نصدق شكواهم، بل ونرثى لحالهم لاسيما بعد أن حاولوا مرارا التحدث مع إداراتهم لإنهاء الوضع الذي هم عليه لكن لا حياة لمن تنادي!
التوطين قضية مهمة، لكن الأهم في مسألة تعيين الخريجين هو التخطيط والإدارة للاستثمار في هذه الطاقات العلمية والكفاءات البشرية في الوظائف التي تحتاج لطاقات متجددة، فالمسألة ليست محصورة في مجرد عقد يوقعه مواطن خريج وراتب يصرف له في نهاية الشهر، بقدر حاجة هذا الخريج لمؤسسة تأخذ بيده وتمنحه الفرصة لتحقيق ذاته والاستفادة من سنوات دراسته لتسخيرها في خدمة مؤسسات وطنه. فهل تستوعب مؤسساتنا ذلك؟ هذا هو المرجو والمأمول!
– عن البيان 1 يونيو 2011