محمد عيسى

بطريقة أو بأخرى، حصل شقيقان على أوراق ثبوتية لأربع فتيات، على ما يبدو مررن على أحدالشقيقين في عمل، احتفظ بالمستندات الخاصة بهنّ وأعطاها لشقيقه ليستغلها أبشع استغلال.
استخرج كافة الأوراق المطلوبة للحصول على قرض من أحد البنوك، وأرفق شهادات رواتب مزوّرة، توضح أن الفتيات الأربع يعملن بشركته بوظائف إدارية ومهنية عُليا، ليبرر رواتبهن المرتفعة، وفتح لهن حسابات بنكية أودع بها الرواتب المزوّرة، ليكمل شقيقه وهو موظف بالبنك المسلسل، ويستكمل الإجراءات الخاصة بالقروض بعد أن استغل وظيفته، وأتم الموافقات كافة للحصول على القروض الأربعة بمبلغ أربعة ملايين درهم.
فدائماً سقف قروض المواطنين عالية، خاصة إذا ما كان يتقاضى راتباً عالياً، فهذا المواطن يسيل له لعاب البنوك، ويلهث خلفه مسؤولوه، لضمان تقييده بالسلاسل المتمثلة في القروض، فلم يكن مستغرباً أن تحصل فتاة موظفة تتقاضى راتباً مرتفعاً على قرض بمليون درهم، تواصل المسلسل، وأُودِعت المبالغ في الحسابات الوهمية بأسماء الفتيات المغدور بهن، اللاتي لا يعرفن شيئاً عن الرواتب العالية التي يتقاضينها من الشركة الوهمية، ولا عن القروض التي يسَّرت لهن، وأودعت في حساباتهن، ولا عن التوقيعات التي اعتمدها الموظف على أنها توقيعاتهن، ولا عن الصور الضوئية لجوازات سفرهن التي استغلت للحصول على القروض الوهمية.
وبمكر، بدأ بسحب المبالغ “الملايين الأربعة” من الحسابات بحسب التوكيلات المزورة والتي اعتمدها صاحبنا الموظف، وأقر تدقيقها وصحتها ليتناوب أصدقاء آخرون هم بمثابة “الكومبارس” بالسحب، كي لا يكشف أمرهما، وسارت الأمور في البداية حسب ما يشتهيان، ولكن توقف إيداع الرواتب جعل البنك يتصل بالفتيات الأربع المغدورات، ليكتشف أنهن ضحية جريمة منظمة أدارها أحد موظفيه، بالتعاون مع أصدقاء له.
هذه ليست رواية خيالية، ولا فيلما من إنتاج هوليوود، ولابوليوود، ولاحلماً، ولا أضغاث أحلام نغصت مضجعي مساء أمس، بل هي قصة واقعية، وحقيقة عاشتها فتيات أربع وقعن ضحية أحد موظفي البنوك في الدولة، وهُنا تنكشف حقيقة التسهيلات المُبالغ فيها واللامبالاة وعدم الحرص والاستهتار اللذين تتعامل بهما البنوك لإتمام إجراءات القروض وخاصة للمواطنين.
إنَّ مثل هذا البنك قد أدان نفسه وموظفيه، وكشف عن جشعه ولهثه لاصطياد فرائسه من المواطنين، ولكنه وقع في شر أعمال أحد موظفيه، الذي استطاع بكل سهولة ويسر إتمام إنجاز قروض بأربعة ملايين درهم، وهو رقم كبير كان يفترض أن تكون الرقابة والصرامة عليه أكبر، والتأكد من المقترض وحالته المالية والضمانات التي تؤكد قدرته على سداد هذا المبلغ الكبير أكثر بكثير، بل بأضعاف مضاعفة من الطريقة والسهولة التي استطاع هذا الموظف إنجازها.
وعليه، إنَّ ملف هذه القضية يجب أن لا ينتهي في القضاء فحسب، بل يجب أن يُحال هذا البنك إلى المصرف المركزي، المطالب بفتح تحقيق حول ملابسات القضية، والتسهيلات، والاستهتار واللامبالاة التي تعامل بها البنك، لإعطاء هذه القروض للفتيات الأربع.

– عن الاتحاد