د.موزة أحمد راشد العبار

إنه وعلى طوال الـ 85 عاماً الماضية، ظل حلم السلطة يراود جماعة الإخوان، من أجل تنفيذ المشروع الإسلامي وفق طرحهم ورؤيتهم له في المنطقة، وهو المشروع الذي لا يعترف بحدود دول، وسعياً نحو ذلك الهدف تعمدوا نشر خلايا الجماعة في جميع البلدان العربية والأجنبية ليُشكلوا قاعدة شعبية لهم، تضمن تحقيق ذلك المشروع.

وبعد أن تحقّق حُلم الوصول إلى السلطة في مصر، حاول التنظيم الإخواني اتخاذها نقطة الانطلاق نحو تحقيق ذلك المشروع الذي وجدت له مؤيدين كثر من قوى وفصائل الإسلام السياسي.

ولقد تنبهت قيادة الدولة لخطر “التنظيم الإخواني”، وانكشفت أجندتهم السرية بالتدريج، إلى أن ثبتت حقيقتهم وخطورة مؤامراتهم الخفية للتأثير على المجتمع الإماراتي، عبر بعض المدارس والمساجد، وبعد أن تمكنوا من خلق نفوذ لهم في بعض الوزارات والهيئات الحكومية.

ورغم خيانتهم الأمانة وإخلاصهم لتنظيمهم على حساب الإخلاص لمسؤوليتهم الوطنية، فلم يتم فصلهم من القطاع الحكومي ولم تقطع رواتبهم، وتم الاكتفاء بإعفائهم من تولي مناصب وزارية أو مواقع مؤثرة تخدم أهداف تنظيمهم السري، ويعد الخروج عن قواعد الضبط الاجتماعي والقانوني، خروجاً خارقاً عن الإجماع الوطني الذي يحتكم للقواعد المجتمعية ذات الأصول القبلية والعشائرية.

وهي قواعد مستندة على العرف لضبط سلوك الفرد والجماعة، بل والمجتمع بأسره.

ومن ثم فإن أي محاولة للخروج على هذه القواعد الجمعية ينبغي أن تجابه بالرفض، لكونها تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي.

وسلطات الدولة، اعتماداً على القانون، تحركت لحماية المكتسبات والمنجزات التي تحققت عبر مسيرة امتدت لأكثر من أربعة عقود.

هذا وقد أشاد سياسيون وخبراء مصريون لـ”البيان” بإدانة الخلية الإخوانية في دولة الإمارات، وبحكم المحكمة الاتحادية العليا بحل جماعة الإخوان المسلمين في الدولة، وإغلاق كل مكاتبهم ومصادرة الأدوات والأجهزة المضبوطة في أماكن عملهم ومنازلهم.

مشيرين إلى أن الحكم يعد بداية جُهد عربي شامل للقضاء على الإخوان، خاصة عقب الملاحقات الأمنية لهم بالقاهرة، وانهيار التنظيم في أعقاب تمكن الإرادة الشعبية في مصر من الإطاحة بالرئيس المعزول محمد مرسي من سدة الحكم.

ولفتوا إلى أن الجماعة كانت تُحاول فتح قنوات موازية لها في عددٍ من البلدان العربية وخاصة الخليجية، والتوسع في تثبيت أقدامها فيها، عقب الضربة القوية التي شهدتها الجماعة في القاهرة، مؤكدين كون الحلول الأمنية لا بد وأن تتناغم مع مشاريع مُجتمعية للقضاء على الإخوان، وإنهاء مشروعهم ومطامعهم في المنطقة.

كما علق القيادي الإخواني المنشق المحامي الدكتور ثروت الخرباوي على الحكم واصفاً إياه بأنه حُكم عادل وناجز جاء مُعبراً عن صحيح القانون، وملبياً للحاجة الوطنية؛ لأن جماعة الإخوان عندما بدأت في أوائل السبعينيات في دولة الإمارات، بدأت كجماعة دعوية لا علاقة لها بالسياسة، وفتح لهم المغفور له الشيخ زايد، رحمه الله، المجال في الدور الدعوي، لدرجة أنهم كان لهم تواجد في وزارتين في الحكومة.

لكن عندما تبين مبكراً للشيخ زايد، مخططاتهم، وأن الجماعة تستهدف القيام بالاستيلاء على الحكم لمصلحة التنظيم الدولي، بدأ يتعامل معهم بشكل مختلف تماماً، إلا أن خلايا الجماعة ظلت على طريقتها ومحاولاتها.

إن دولة الإمارات، التي بدأت من المربع الأول وخلال أربعة عقود استطاعت، ليس مجرد اللحاق بركب دول سبقتها بقرون في مسيرة التطور، بل تجاوزتها، وتشهد على ذلك تقارير المنظمات الدولية ووكالاتها المتخصصة.

دولة تحولت إلى دولة الرفاه، خالية من الضرائب.

وفرت لمواطنيها تعليماً مجانياً وخدمات صحية مميزة وإسكاناً بلا أجر، فضلاً عن مساعدات اجتماعية طالت كل الشرائح والفئات ليتمكنوا من العيش في بيئة توفرت فيها أقصى درجات الكرامة الإنسانية، للمواطن والمقيم سواء بسواء.

وهذا ما أكد عليه المسح الذي أجرته الأمم المتحدة على مستوى دول العالم لقياس مدى الرضا والسعادة المحرزة من جراء تحسن الخدمات الاجتماعية وصولاً للرفاهية الاجتماعية.

والذي حصدت فيه دولة الإمارات “المركز الأول” متقدمة على كل الدول العربية. مما يؤكد أن شعب دولة الإمارات حسب تقرير الأمم المتحدة هو الشعب العربي الأكثر سعادة.

نجاح دولة الإمارات، كما أكده سياسيون وخبراء وحقوقيون، في إدانة الخلية الإخوانية، وصدور قرارات قضائية جادة في هذا الصدد، هو بداية عمل عربي شامل للتضييق على جماعة الإخوان، خاصة أن التنظيم الإخواني أصبح يُزعج مختلف الدول العربية، وبالتالي فما يحدث لهم في مصر وما يشهدونه في الإمارات هو جهد عربي كامل لإزاحة الجماعة من المشهد العربي نهائياً.

إن الحكم الصادر والدي أنهى وجود الإخوان نهائياً من دولة الإمارات، هو حكم قائم على أسس قانونية متعددة، وانه بانتهاء الجماعة في دولة الإمارات لا يعني ذلك أنها ليست موجودة في دول الخليج الأخرى، بل لها تواجد، لكن دور تلك المجموعات سوف ينكمش على خلفية القبضة الأمنية القوية، والضربات المتلاحقة التي توجه إليهم..

كما يجب أن تتناغم المسارات الأمنية للقضاء على الإخوان مع مسارات مختلفة اجتماعياً وفكرياً وثقافياً وما إلى ذلك.