احتلت دولة الإمارات، المرتبة 19 عالمياً في مؤشر الثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر 2020 الصادر عن شركة كيرني الأمريكية للاستشارات، محققة صعودًا من المركز 21 الذي حققته في آخر إصدار من المؤشر عام 2017.

ويعكس تصنيف دولة الإمارات الشعور الإيجابي لدى المستثمرين استنادًا إلى الالتزام الحكومي القوي بالتنوع الاقتصادي والابتكار والبنية التحتية وسهولة ممارسة الأعمال وغير ذلك.

وساهمت السياسات الحكومية الإيجابية التي تم تنفيذها في عام 2019، كإقرار الملكية الأجنبية بنسبة 100% في 13 قطاعًا من القطاعات الاقتصادية، والتي من بينها التصنيع والزراعة والطاقة المتجددة، وكذلك النشاط القوي في قطاع التكنولوجيا الذي يحل في المرتبة التالية بعد شركة “أوبر” الأمريكية لمشاركة المركبات التي استحوذت على شركة “كريم نتوركس” لخدمة حجز السيارات عبر الإنترنت مقابل 3.1 مليار دولار. وقد جعل هذا الأمر الإمارات واحدة من أكثر الوجهات الأجنبية جاذبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم.

وطبقًا لمؤشر الثقة في الاستثمار الأجنبي المباشر، فستنخفض الاستثمارات الأجنبية المباشرة العالمية في العام المقبل نتيجة لجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، وذلك في الوقت الذي لا تزال فيه طبيعة الانتعاش والتعافي الاقتصادي والجدول الزمني له أمرًا غير مؤكد بشكل كبير.

ومع ذلك، فقد أبدى رودولف لومير، شريك في معهد التحولات الوطنية، في شركة “كيرني” الشرق الأوسط ملاحظاته على المركز الذي أحرزته الإمارات قائلاً: “يحقق التزام الإمارات بالحوكمة الرشيدة والابتكار والبنية التحتية وبيئة الأعمال في الوقت الحالي أرباحًا واضحة في مدى جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية”.

وتابع لومير: “يتوقع المستثمرون بوضوح أن تكون هذه العوامل الأساسية إلى جانب الاستجابة الفعالة للغاية للأزمة سببًا في تغلب الإمارات على أزمة جائحة كورونا. ومن المتوقع كذلك أن تستفيد الإمارات من دخول اتفاق التجارة الحرة للقارة الأفريقية حيز التنفيذ من خلال توفر فرص تجارية جديدة مع الدول الأفريقية، إلا أن جائحة كورونا قد أخرت الإطار الزمني للاتفاق”.

وأضاف: “إنه لمن المتوقع أن يؤدي تحول معرض دبي 2021 إلى تعزيز النمو وتحفيز الاستثمارات الأجنبية بعد التغلب على أزمة جائحة كورونا”.

كان المسح يتم بشكل ميداني لأن جائحة كورونا بدأت في الانتشار في جميع أنحاء العالم، وذلك مع بداية ظهور الصدمات السوقية، والتي استغرقت فترة قصيرة في الوقت الذي كان العالم على أعتاب أزمة كبيرة. ومع بداية فترة المسح، قبل انتشار الجائحة، كان قادة الأعمال متفائلين بدرجة معقولة بأحوال الاقتصاد العالمي ومستقبل الاستثمارات المباشرة. ومن الواضح أنه قد تمت السيطرة على الجائحة في قارة آسيا.

ورغم ذلك، فعندما أدرك المستثمرون أن الأزمة قد لحقت بهم في الأسبوعين الأخيرين من المسح، فقد انخفضت ثقتهم بشكل متوقع في جميع المجالات وذلك بالنسبة للأسواق المتطورة والناشئة والحدودية على حد سواء، وهذا يعكس تفشي هذا الوباء بشكل سريع. وخلال الفترة بين الأسبوعين الأولين من المسح والأسبوعين الأخيرين، انخفضت درجات كل من هذه الفئات من الأسواق بنسبة 25-33%.

وقال بول أ. لوديسينا، مؤسس مؤشر ثقة الاستثمار الأجنبي المباشر و مجلس سياسة الأعمال العالمية التابع لكيرني: “إن الجائحة والصدمات الاقتصادية اللاحقة تظهر مدى سرعة وعمق تغير بيئة التشغيل الخارجية”.

وأضاف: “بعض الأسواق ستنتعش بشكل أسرع من غيرها، وربما يفسر هذا سبب العودة إلى العوامل الأساسية أي إلى أسواق كبيرة وأكثر استقرارًا وذات هياكل سياسية وتنظيمية أكثر ثباتًا. وستواصل الأسواق المتقدمة أداءها الجيد هذا العام، وذلك ربما لأنها تظهر قوة في العوامل التي يميل المستثمرون إلى منحها أولوية، كالبيئة الجذابة للاستثمارات والبنية التحتية التكنولوجية القوية.”

وتوضح هذه التفضيلات أيضًا جاذبية الولايات المتحدة الدائمة للمستثمرين الأجانب، والذي يجعلها تحتل قمة المؤشر بصورة مستمرة، وهذا يعود إلى عام 2013. فهي تعمل على توفير بيئة تنظيمية ملائمة للأعمال، بالإضافة إلى حجم السوق والبنية التحتية التكنولوجية.

ويُصنف المستثمرون مدى توافر أهداف الجودة على أنها أهم عامل من عوامل زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، في حين يرون أن استقرار الاقتصاد الكلي أحد العقبات الكبرى في هذا المسار.

وتشير هذه الردود إلى احتمال دخول استثمارات في الأسواق المتقدمة حيث تكون هذه العوامل أقوى بشكل عام وحيث يُتوقع وجود ضرر أقل نسبيًا ناتج عن الجائحة.

وأضاف إيريك بيترسون، المدير العام لمجلس سياسة الأعمال العالمية والمؤلف المشارك في الدراسة قائلاً: “ستعاني الأسواق الناشئة والحدودية أكثر بكثير جراء انتشار جائحة كورونا. وهناك مجموعة من العوامل المؤثرة في ذلك، والتي من بينها عدم كفاية البنية التحتية الطبية، ومحدودية الخيارات المالية، وتراكم الديون بشكل كبير، وزيادة مستويات الفقر بشكل عام”.

وأضاف بيترسون: “تعاني العديد من هذه الدول من محدودية الحيز المالي والمرونة الاقتصادية، بالإضافة إلى التعرض الكبير لتقلبات أسعار الصرف، والتي تفاقمت بسبب مستويات الديون المُقوَّمة بالدولار الاميركي”.

ونتيجة لذلك، فلم يتضمن المؤشر هذا العام سوى ثلاثة أسواق ناشئة وهي: الصين والبرازيل والإمارات العربية المتحدة – وهي صاحبة أقل حصة على المؤشر، لكنها حققت نفس مرتبتها للعام الماضي. ورُغم أن الصين لا زالت تحافظ على ترتيبها كأعلى سوق ناشئ في المؤشر، وهي المرتبة التي حافظت على تحقيقها باستمرار منذ عام 1999، إلا أنها تراجعت هذا العام إلى أدنى مركز لها على الإطلاق في تاريخ المؤشر.

البيان