الفنون التشكيلية وأطروحاتها، من محركات القوى الناعمة المعاصرة، عبر انشغالاتها الاستثنائية ذات الطابع الإنساني والمجتمعي المؤثر في التعاطي مع الكثير من المتغيرات السياسية من خلال سطوة أعمال بصرية ملهمة تخاطب جوهر الإنسان وقيمه المغموسة بالعادات والتقاليد واحترام الآخر.

تلمسنا تلك القوة الناعمة عبر سؤال لقراء «البيان»، مفاده، هل تعد الفنون التشكيلية قوة ناعمة ذات تأثير مجتمعي متجدد؟ فجاءت الردود والآراء فيه متقاربة، فعلى موقع البيان الإلكتروني، كانت أجوبة المستطلعة آراؤهم 62 % بنعم، 38% بلا، أما في تويتر، فقد أكد 69 % بنعم و31% بلا.

توظيف إيجابي

وحول أهمية الفنون التشكيلة كقوة ناعمة مؤثرة، تقول الفنانة والقيمة الفنية فاطمة المحمود رئيسة «1971 – مركز للتصاميم»: بلا شك نجح الفنانون المحليون بوجه عام في دفع حركة الحياة نحو مسارها الطبيعي من خلال أعمالهم الإيجابية من منطلق أن الفنون التشكيلية انعكاس حضاري وثقافي ملهم، وشاهد على عظمة الفعل الإنساني المنتج لكل جمال وإبداع.

ومن منطلق عام فإن أهمية الفنون في المجتمع أصبحت موضوع دراسات وأبحاث تدور حول الوظيفة الكبرى التي يلعبها الفن في تأسيس المجتمعات.

فنشأ الذي ينادي بعدم فصل الإبداع الفني عن المجتمع، وبأن التجربة الذاتية تبقى لا قيمة لها، إذا نظر إليها بمنأى عن حياة المجتمع. صحيح أن الفنان في إبداعه الفني ينطلق من ذاتيته ولاشعوره أو اللاوعي عنده، كما يقول علماء النفس، غير أن هذه الذاتية، وهذا اللاشعور أو اللاوعي نراه مندمجاً في حياة الجماعة، يذيب حياة الفنان في مجتمعه ويحيطها بعوامل ومؤثرات اجتماعية عدة.

رؤى مستقبلية

وفيما يتعلق بالحراك الفني التشكيلي وتأثير مضامينه كقوة ناعمة، يقول الفنان سقاف الهاشمي، إن فنون الشارع تمثل قيمة كبيرة ترصد الحراك المجتمعي والمشروعات الحيوية بصورة إيجابية، وهو ما يسعى الفنانون الإماراتيون بوجه عام إلى طرحه عبر أعمالهم الحالية، فالفن الأرقى كما يقول توفيق الحكيم هو الفن الذي يخدم المجتمع دون أن يفقد ذرة من قيمته الفنية العليا.

ومن ذلك نرى أثر الفن على المجتمع ودوره الكبير، فالفنان تقع عليه مسؤولية كبيرة ليكون قائداً لمجتمعه في مسيرة التقدم والنهوض لمواكبة العالم، فالفنان رأى حقيقة وترجمها بعمل فني ليجسدها لمجتمعه، وهنا نتفق مع من لا يرى الفن محاكاة حرفية ومرآة عاكسة، بل رؤية وفكر فنان يكمن في مضمون ما يبدعه من مادة من خلال أعمال فنية.

رسائل مجتمعية

تشير الفنانة هند راشد إلى أن الفنانين المحليين باتوا يمتلكون بصمتهم الخاصة بحكم الحراك والتجارب المتعددة التي خاضوها رغم تعدد الأفكار والمسارات المطروحة بحكم الأحداث المجتمعية والواقعية، ما يضيف شخصية الفنان ضمن بيئة العمل، ويرفع من رصيد الفنون كقوة ناعمة في تغير اتجاهات الرأي العام في الجوانب المجتمعية والإنسانية.

ثانياً عبر الأعمال الفنية التي يفهم المتلقي مضمونها من خلال ما تحمله من قيم ورموز ومعانٍ، وعلى قدر فهم تلك المضامين يكون مستوى التذوق، وعليه يجب توجيه اهتمام أكبر إلى ثقافة الفن والتربية الفنية والجمالية من خلال التركيز على الثقافة الفنية المتحققة من دروس النقد والتذوق الفني وتاريخ الفن وكل ما يمكن أن يسهم في تدعيم الثقافة الفنية بصرياً.

 

 

البيان