
اتسعت رقعة الاحتجاجات في السودان أمس على خلفية خفض الدعم لأسعار الوقود، حيث ارتفع عدد القتلى خلال ثلاثة أيام من التظاهرات إلى 141 شخصا حسب المعارضة، لكن مصادر طبية ذكرت سقوط 29 قتيلا.
وقال مصدر طبي في مستشفى في أم درمان بالخرطوم طلب عدم ذكر اسمه لرويترز “سقط 29 قتيلا في الاحتجاجات وجثثهم موجودة في مستشفى أم درمان”.
وقال شهود عيان إن الشرطة السودانية أطلقت الغاز المسيل للدموع، لإخماد احتجاج في مدينة بورسودان، حيث هتف المشاركون بسقوط النظام، بينما تظاهر آلاف الأشخاص في الخرطوم منددين بوقف دعم أسعار الوقود.
وأفاد شهود بأن حوالى ثلاثة آلاف متظاهر ساروا في حي الإنقاذ مرددين شعارات “حرية، حرية” و”الشعب يريد إسقاط النظام”. واحرق المتظاهرون إطارات سيارات لقطع الطرق ورشقوا السيارات بالحجارة وحاولت الشرطة تفريقهم بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطي. وانتشرت قوات مكافحة الشغب منذ الصباح الباكر في اكبر مقاطع طرق العاصمة وقامت قوات الأمن بدوريات في شاحنات مزودة بأسلحة آلية. وأغلقت متاجر ومحطات بنزين عدة أبوابها حيث أغلقت معظم المحال التجارية. كذلك أغلقت محطات البنزين لا سيما أن المتظاهرين اضرموا النار في العديد منها امس الأول. وامتدت التظاهرات تلى أحياء أخرى من العاصمة. وتحولت التظاهرات إلى أعمال شغب في بعض الأماكن وحاول المتظاهرون مساء امس الأول إضرام النار في مبنى تابع لوزارة السياحة في حي جنوب العاصمة وافاد شهود بأن واجهته احترقت فقط. وانتشرت قوات الأمن السودانية بشكل مكثف في مختلف أنحاء العاصمة وضواحيها.
واعلن والي الخرطوم عبد الرحمن الخضر الليلة قبل الماضية في تصريح متلفز أن “الحكومة ستضرب بيد من حديد على المخربين للممتلكات العامة”.
وقتل ما لا يقل عن 29 شخصا خلال ثلاثة أيام من التظاهرات المناهضة للحكومة وفق اخر حصيلة من مصادر طبية. وقال مصدر في مستشفى مدينة ام درمان القريبة من الخرطوم “تلقينا 21 جثة” منذ بداية التظاهرات احتجاجا على رفع الدعم عن سعر المحروقات مشيرا إلى أن جميع القتلى مدنيون. وقتل ثمانية اخرون في مناطق اخرى من البلاد وفق شهود وعائلات اكدوا انهم أصيبوا بالرصاص خلال تفريق التظاهرات. وبث التلفزيون الرسمي صور سيارات ومباني ومحطات بنزين محروقة او متضررة واتهم “خارجين عن القانون” بالوقوف وراء تلك الأعمال. وقال إن الشرطة اضطرت الى التدخل لمنع “انتهاك القانون والنيل من الممتلكات العامة والخاصة”.
وفي بور سودان حمل المتظاهرون لافتات كتب عليها “لا للغلاء، و”لا لتجار الدين”. وأعلنت صحيفة “الجريدة” المستقلة توقفها عن الصدور بسبب التظاهرات.
من جانبها، أكدت رئاسة قوات الشرطة السودانية في بيان ان الأمن والاستقرار يسودان الآن ولاية الخرطوم وولاية الجزيرة بعد ان شهدتا احداثا مؤسفة. وكشفت الشرطة النقاب عن 29 حالة وفاة بين المدنيين والشرطة وعدد من المصابين بنسب متفاوتة بين المشاركين فى الأحداث وبين رجال الشرطة حالات بعضهم حرجة. واضافت في بيانها ان قوات الشرطة قامت بعمليات تمشيط واسعة ومداهمات لأماكن تجمعات العصابات والمتفلتين واستطاعت إلقاء القبض على مئات منهم وضبطت بحوزة بعضهم منهوبات ومسروقات عامة وأخرى خاصة وتم استردادها وهى بحوزة الشرطة، كما قامت بتأمين المواقع الاستراتيجية. وأكدت جاهزيتها لأي طارئ يهدد الأمن والتزامها بالتعامل معه بالحسم القانوني.
من جهة اخرى، ذكر المركز السوداني للخدمات الصحفية ان عدد محطات الوقود التي تم حرقها في الأحداث التي شهدتها ولاية الخرطوم أمس الأول قد بلغت 43 محطة. واضاف أن الحياة عادت إلى طبيعتها بشوارع العاصمة الخرطوم بعد عمليات “تخريب” طالت عددا من المنشآت الحكومية إضافة لممتلكات خاصة.
وذكرت تقارير إخبارية سودانية امس أن الخرطوم تحولت الليلة قبل الماضية إلى سرادق عزاء كبير، وذلك بسبب سقوط عدد من القتلى في الاضطرابات التي شهدتها أنحاء مختلفة من البلاد. وذكر موقع “سودان تريبيون” باللغة العربية أن الأنباء تضاربت بشأن العدد الحقيقي للقتلى، غير أن الجميع اتفق على أنهم وصلوا إلى العشرات ومئات الجرحى، وقدرتهم مصادر متطابقة بـ 50 قتيلا موزعين على ثلاث مدن، غير أن العدد الأكبر من القتلى كان في أم درمان. وبحسب مصادر طبية، فإن جميع الإصابات كانت بالرصاص الحي والمطاطي ومعظمها في الرأس والصدر، وأشارت مصادر طبية إلى أن معظم القتلى من طلاب المدارس الثانوية والجامعات.
وذكر الموقع أن الحكومة شنت حملة شرسة على الأجهزة الإعلامية ومنعتها من نشر أي أخبار عن الاحتجاجات الدامية، مضيفة أن جهاز الأمن والاستخبارات علق الليلة قبل الماضية صدور صحيفة “السوداني” إلى أجل غير مسمى، فيما علق عميد الصحفيين السودانيين محجوب محمد صالح صدور صحيفته “الأيام”. وصرح صحفيون للموقع بأن جهاز الأمن والاستخبارات عقد اجتماعا مع روساء تحرير الصحف ومدراء الأجهزة الإعلامية المختلفة وطلب منهم عدم استخدام كلمة “متظاهرين” والاستعاضة عنها بـ”مخربين”.
وقال رئيس تحرير الصحيفة ادريس الدومه لفرانس برس “اتخذنا قرارا بالا نصدر احتجاجا على منع جهاز الأمن لنا من نشر أخبار التظاهرات والاحتجاجات ولا يليق بنا كصحفيين أن تكون في البلاد مثل هذه الأحداث ولا يسمح لنا بنشرها”.
وعادت خدمات الانترنت في السودان امس بعد يوم من انقطاعها بعد أن بدأ النشطاء يبثون صورا من الاحتجاجات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وقال مسؤول في قطاع الاتصالات الخاص لرويترز إن الحكومة قطعت خدمات الانترنت دون أن تتشاور مع شركات الاتصالات لكن السفارة السودانية في واشنطن قالت إن السبب هو تخريب محتجين لبعض منشآت الاتصالات.
الإتحاد