الفجيرة اليوم
وضعت خطة التنمية الشاملة لمنطقة حتا، الشباب في مقدمة أولوياتها كرقم مهم وحاسم في معادلة التنمية، التي أطلقتها حكومة دبي.
قصة نجاح سطر فصولها الشاب الإماراتي مانع الكعبي الذي الذي قدم نموذجاً اقتصادياً يحتذى بخوضه تجربة كللت بالنجاح في إطلاق مشروعه الصغير الذي ما لبث أن تحول إلى قصة نجاح مثالية، بعدما استوحى فكرته من بيئته المحيطة والغنية بالأفكار النابعة من تراث الإمارات العريق، فقد اختار الكعبي مجال تربية النحل وإنتاج العسل.
وحرص الكعبي عند تأسيسه شركة “حتا للعسل”، أن يكون مبدعا في مجاله وسعى إلى تقديم إضافة يمكن من خلالها أن يحقق التميز في هذا المجال الذي طالما ارتبط بتاريخ وتراث دولة الإمارات، إذ نجح في انتاج ملكات النحل محليا لأول مرة، ليستعيض بذلك عن استيراد خلايا الملكات من خارج دولة الإمارات والتي تعتمد فيها تربية النحل بحسب الكعبي على استيراد النحل بنسبة 95% من الخارج، بينما يدخل سنويا أكثر من 800 ألف خلية نحل لموسمي السمر والسدر، حيث لم توجد أي محطة لإنتاج “الملكات” لتغطية احتياجات السوق المحلي.
وتعد نجاح عملية إنتاج ملكات النحل محليا خطوة مهمة تسهم في دفع وتطوير قطاع إنتاج العسل في حتا، وكافة إمارات الدولة لما في ذلك من ضمان لاستدامة هذه الصناعة، والقدرة على تطويرها بما يتناسب مع الظروف البيئية في الدولة إذ إن أغلب الخلايا المستوردة تعيش لمدة عام واحد على الأكثر بسبب ارتفاع درجة الحرارة، بيد أن الخلايا المنتجة محليا لها قدرة أكبر على التعايش مع الطبيعة المناخية.
لم يكن تأسيس مصنع العسل الحلم الوحيد للشاب الإماراتي مانع الكعبي، بل مجرد البداية إذ قرر تبنى وتنفيذ مجموعة من الأفكار المبتكرة لتكون دعما له، وضمانا لقدرته التنافسية، وهو ما دفعه إلى تأسيس محطة إنتاج “ملكات النحل”، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل استطاع الكعبي، من خلال الدعم الذي تلقاه من بلدية دبي ومؤسسة محمد بن راشد لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسط، التواصل مع عدد كبير من الجهات والأشخاص المتخصصين في هذا المجال وذلك حتى يحصل على أفضل السلالات ومن ثم يعمل على تهجينها لتطوير سلالة تتناسب مع الظروف البيئية للدولة.
وعن السلالات التي توجد بالمحطة حاليا، يقول الكعبي أنه من المعروف بين المختصين والمهتمين بقطاع إنتاج العسل أن خلايا الملكات هي اللبنة الاساسية لهذا المشروع، ومن هنا كانت بداية التفكير في دراسة وتأسيس أول محطة على مستوى الخليج العربي لإنتاج ملكات نحل العسل، وتضم المحطة حاليا مجموعة متنوعة من أفضل سلالات النحل العالمية والاقليمية من أهمها سلالة “ساسكاتراز” الكندية، وهي سلالة تتماز بخصائص تجعلها من بين الأفضل عالميا نظرا لقدرتها الكبيرة على مقاومة أغلب أمراض النحل، وهناك أيضا سلالة إيطالية من انتاج شركة أوليفاريز الأمريكية تحت إشراف خبير النحل العالمي راندي اوليفر، وسلالة استرالية، فضلا عن السلالات الخليجية كالعماني والغنامي السعودي، وتعمل المحطة على إنتاج سلالة تجمع بين أفضل الصفات العالمية والخليجية وتتحمل ظروف المناخ الحار وتكون جماعة للعسل”.
وعن طموحاته لتطوير قدرات المحطة الانتاجية ونوعية ما تمتلكه من سلالات، أكد الكعبي أن المحطة تستهدف حاليا توزيع الانتاج في السوق المحلي، والأسواق الخليجية، وبعض البلدان العربية مثل الاردن ولبنان والعراق، وتسعى في المستقبل إلى تصدير العسل الإماراتي إلى المزيد من البلدان، مشيرا أن المحطة وقعت بالفعل اتفاقية تعاون وشراكة استراتيجية مع شركة “الناجح” وهي من الشركات الرائدة محليا وإقليميا في مجال النحل وتتمتع بعلاقات دولية وعالمية وتمتلك وكالات لأحدث أدوات ومستلزمات المناحل في المنطقة.
لم تتوقف طموحات الكعبي عند هذا الحد فهو يهدف خلال المرحلة القادمة إلى انتاج سلالة جديدة تجمع الصفات الأقوى بين كافة السلالات، لتكون “سلالة دبي” وذلك من خلال التعاون مع مجموعة كبيرة من الهيئات والجهات المعنية بالقطاع.
وعن التحديات التي واجهت المشروع، قال الكعبي أن المناخ الحار مثل لدولة الإمارات تحديا لمشروع إنتاج ملكات النحل، إلا أنه ومع تساقط الثلوج خلال فصل الشتاء في أوروبا واستحالة إنتاج “الملكات” لاسيما في شهر ديسمبر، باتت الفرصة سانحة ومواتية لنا لإنتاج الملكات محليا وتصديرها إلى المناطق التي تعاني شدة البرودة.
وتتبنى المحطة أحدث التقنيات العالمية المستخدمة لإنتاج “الملكات”، ويتم استخدام العديد من الاجهزة المتطورة التي يأتي في مقدمتها جهاز التلقيح الصناعي الخاص بالبروفيسور الألماني بيتر شلاي، وأجهزة فرنسية، وألمانية وأمريكية، فضلا عن أحدث خلايا تربية النحل كخلايا الفوم البولندي، والخلايا التركية الحاصلة على عدة جوائز عالمية، كما تم تصميم خلايا خاصة لمشروع “عسل حتا”.
وخلال مراحل التطوير والدراسة تم التعاون مع مجموعة من الخبراء المشهود لهم بالكفاءة حيث تم تنظيم زيارات ميدانية لمواقع النحل في منطقة حتا حضر خلالها البرفيسور العالمي أحمد الغامدي من المملكة العربية السعودية والخبير العالمي الاسترالي في أمراض النحل والفاروا الدكتور “دينيس كاسترلس”، وفيليب مكايب رئيس منظمة ابيمونديا العالمية المتخصصة في عالم تربية النحل، وحرصت إدارة المشروع على استقدام أمهر الكوادر المدربة والمتخصصة والحاصلة على شهادات ودورات في مجال إنتاج الملكات من الفلبين وجمهورية مصر العربية.
وأشاد الكعبي بالدور المهم لبلدية دبي ومؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة الذي كان من أسباب نجاح المشروع وتذليل كافة التحديات التي واجهته وذلك من خلال توفير سبل الدعم اللازمة لنمو مختلف القطاعات الاقتصادية في حتا، وأكد الكعبي أن الجهود المبذولة من قبل كلتا المؤسستين أسهمت في دعم ومساعدة رواد الأعمال الراغبين في الاستثمار والعمل في مجال إنتاج عسل النحل في حتا، والذي يعتبر من الأنشطة الاقتصادية التي تتناسب مع طبيعة حتا بما تتسم به من ميزات بيئية وجغرافية.
ومن جهتها تعمل كافة الجهات المشاركة في خطة تطوير حتا على توفير مختلف أشكال الدعم لتمكين شباب المنطقة للاستفادة من الفرص الاستثمارية، وفي ذات السياق تنظم بلدية دبي سنويا “مهرجان حتا للعسل”، والذي يعد منصة إقليمية مهمة تجمع بين المهتمين بالقطاع، وتوفر لهم فرصا عديدة في مجالات التسويق، والتطوير، وذلك للمساهمة في تطوير القطاع والعمل على استدامته من خلال إنتاج سلالة إماراتية متأقلمة مع الظروف المحلية وقادرة على توفير انتاج بمواصفات ممتازة وبحجم مقبول، وتشجيعا للمزارعين والمنتجين على الاستثمار في هذا المجال.
وتقوم مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب الصغيرة والمتوسطة بتوفير الدعم المادي، والاستشاري لأصحاب المشروعات حيث افتتحت مكتبا تنفيذيا في مدينة حتا، يقدم جميع خدمات المؤسسة لأهالي المنطقة، ويمكنهم من إنجاز معاملاتهم بكل سهولة ويسر.
وام