استهلك البشر، اليوم الإثنين، كل الموارد القابلة للتجدّد المتوافرة لسنة في غضون سبعة أشهر لا غير، بحسب تقديرات “غلوبال فوتبرنت نتوورك” الأميركية.بذلك، يكون البشر قد بلغوا ما يعرف بـ “يوم تجاوز موارد الأرض” الذي يأتي كل عام في موعد أبكر. ما يعني أن استهلاك البشر يزداد، في كوكب محدود الموارد، كل سنة أكثر من سابقتها.لكن ما هو يوم تجاوز موارد الأرض؟ يرمز هذا اليوم، المعروف بالإنكليزية بـ “أوفرشوت داي”، إلى التاريخ الافتراضي الذي تكون فيه البشرية استهلكت مواد أكثر من تلك التي تكون الأرض قادرة على تجديدها في سنة من الوقت، كالأسماك والغابات والأراضي الصالحة للزراعة.
وهو يحتسب منذ العام 2003 بمبادرة من منظمة “غلوبال فوتبرنت نتوورك” الأميركية لإظهار الاستهلاك المتسارع الوتيرة لسكان الأرض الذين يزداد عددهم في كوكب محدود الموارد.
ويحتسب هذا التاريخ بالاستناد إلى البصمة البيئية للنشاطات البشرية (المساحات البرية والبحرية الضرورية لإنتاج الموارد المستهلكة وامتصاص مخلّفات البشر) من جهة وقدرة الأرض الحيوية من جهة أخرى، أي قدرة الأنظمة البيئية على التجدّد وامتصاص النفايات التي يولّدها الإنسان، خصوصاً في ما يخص احتباس ثاني أكسيد الكربون.
يتمّ تجاوز موارد الأرض عندما تتخطّى الضغوط البشرية قدرة الأنظمة البيئية الطبيعية على التجدّد. وينسف هذا الوضع “قدرة الأرض على التجدّد من خلال قضم الموارد الطبيعية”، بحسب “غلوبال فوتبرنت نتوورك”.
وبدأ هذا العجز البيئي يسجّل، بحسب المنظمة غير الحكومية، في السبعينات وتحديداً في 29 ديسمبر 1970 ثم 4 نوفمبر 1980 وصولاً إلى 11 أكتوبر 1990 و23 سبتمبر 2000 و7 أغسطس 2010.
وهو يصادف هذه السنة يوم 29 يوليو، كما الحال العام الماضي، علما أن المنظمة غير الحكومية كانت قد أعلنت سابقا عن تاريخ الأول من أغسطس للعام 2018 لكنها حدّثت بياناتها لاحقاً. ثم استهلكت البشرية مجمل الموارد القابلة للتجدّد المتوافرة لسنة في غضون سبعة أشهر لا غير.
وبمعنى آخر، يتطلّب الأمر 1,75 كوكب أرض لتلبية حاجات سكان العالم بطريقة مستدامة.
اقرأ أيضاً… الاحتباس الحراري قد يتسبب بفقدان 80 مليون وظيفة بحلول 2030ثمة اختلافات هائلة بين البلدان مرتبطة خصوصاً بنموها الاقتصادي ونماذج الإنتاج والاستهلاك المتبعة فيها.
ولتصوير هذه الفروق، تحتسب شبكة “غلوبال فوتبرنت نتوورك” يوم تجاوز موارد الأرض لكل بلد على حدة، ما يوازي تاريخ حصول هذه الحالة إذا ما كان العالم بأسره يستهلك مثل هذا البلد.
وبيّنت حسابات 2019 أن هذا التجاوز كان ليحصل في 16 فبراير لو كان العالم برمته يستهلك الموارد بقدر لوكسمبورغ، وصولاً إلى 25 ديسمبر لميانمار و26 ديسمبر لقيرغيزستان.
وفي حالة الولايات المتحدة، كان ليسجل تاريخ تجاوز موارد الأرض في 15 مارس. أما في روسيا، فكان التاريخ 26 أبريل، و14 أمايو في فرنسا و14 يونيو في الصين و31 يوليو في البرازيل.
وبعبارات أخرى، لو كان سكان العالم بأسره يعيشون كالأميركيين، كنا سنحتاج إلى خمسة كواكب لسد حاجات البشرية بصورة مستدامة أو 2,2 كوكب لو كان العالم يعيش كالصينيين.
يكتسي “يوم تجاوز موارد الأرض” أهمية رمزية، غير أن السلوكيات التي يسلط الضوء عليها وتبعاتها موثقة على نطاق واسع من العلماء، من الاضطرابات المناخية إلى الزوال الكارثي للأجناس والأنظمة البيئية.
وتحدد آخر تقارير الخبراء في الأمم المتحدة، بشأن الاحترار المناخي والتنوع الحيوي بوضوح، الاتجاهات الواجب اتباعها، بما يشمل تقليص انبعاثات الغازات المسببة لمفعول الدفيئة واستخدام مصادر الطاقة الأحفورية والتغيير الجذري لنموذج الإنتاج الزراعي.
وكتب برنامج الأمم المتحدة للبيئة عبر “تويتر”، اليوم الإثنين “علينا إجراء تحويل جذري لطريقة إنتاجنا واستهلاكنا”.
وتؤكد شبكة “غلوبال فوتبرنت نتوورك”، التي أطلقت حملة “موف ذي دايت” (أخّروا الموعد)، على سبيل المثال أن تقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المتأتية من حرق مصادر الطاقة الأحفورية بنسبة 50 % من شأنه أن يؤجل موعد يوم تجاوز موارد الأرض 93 يوماً.
وأشار الصندوق العالمي للطبيعة، وهي منظمة غير حكومية شريكة في الحدث منذ 2007، إلى أنه “من خلال تقليص استهلاك البروتينات الحيوانية إلى النصف، يمكننا إرجاء هذا الموعد 15 يوماً”.
الاتحاد