في السابق عندما كنا نعيش في عصر الهواية، كان الانضمام إلى صفوف المنتخب غاية لا تعادلها غاية، كان ارتداء القميص الأبيض هو البداية وخلعه يعني الاعتزال والنهاية، كان أول حلم للاعب منذ انضمامه إلى مدارس الكرة وكان آخره، لم يكن ترفاً ولكنه كان شرفاً لا يضاهيه شرف، واليوم كل شيء اختلف، فنحن نعيش عصر المادة وزمن اللاعب المحترف، ليت الماضي يعود يوماً وليتنا لم نحترف.

في السابق كان اللاعب ينخرط في نوبة من البكاء، إذا وقعت عيناه على قائمة المنتخب ولم يكن اسمه من ضمن الأسماء، كان يعتبر عدم وجوده في القائمة ذنباً كبيراً، وكان يعاتب نفسه على الخذلان والتقصير، وكان يشعر بتأنيب الضمير، فيضاعف جهوده إلى أن يثبت وجوده، فقد كان يشعر بالنقص بين أقرانه، ويبذل أقصى ما لديه حتى يسترد مكانه.

في السابق كان اللاعب يتسابق مع زملائه في تلبية نداء الواجب، لم يكن يبحث عن المقابل ولم يكن يفكر في الفائدة، بل رأيت لاعبين كانوا على استعداد لتمثيل الوطن ولو بقدم واحدة، وكان اللاعب يتراجع مستواه مع ناديه وقد يشعر بالتكاسل، ولكنه عندما يرتدي قميص المنتخب ينقلب إلى شخص آخر ويتحول إلى مقاتل، كان لا يتوانى في ساعته ويتفانى قدر استطاعته ولم يكن ينتظر المقابل.

اليوم يعيش بعض اللاعبين حالة من القلق والتوتر، خشية ظهور أسماءهم في قائمة الدكتور مسفر، وقبل إعلان الأسماء يجهزون الدواء، فإن وجدوا أسماءهم في القائمة يبدأون في البكاء، ويتقدمون بالعذر تلو العذر، وإن خلت القائمة منها فلا ضرر ولا ضرار و”يا دار ما دخلك شر”.

واليوم كل شيء له ثمن، حتى تمثيل الوطن، وأصبح القميص الأبيض موضة قديمة عفى عليها الزمن، فاليوم الأفضلية للأندية على حساب المنتخب، وإذا عُرف السبب بطُل العجب، وبين النادي والمنتخب أصبحت القضية عرض وطلب، وهذا هو الاكتشاف الذي تعلمناه منذ ولجنا بوابة الاحتراف، فأصبحت الأولوية لشعار النادي، على حساب ارتداء قميص منتخب بلادي.

أتذكر الأجيال السابقة ويمر في خاطري جيل الأوائل أحمد عيسى وسالم بوشنين، وجيل الطلياني أو ما يعرف بجيل “التسعين” وأشاهد ما يحدث هذه الأيام فأصفق كفاً بكف وأقول: “راحوا الطيبين”.

مسك الختام:

عزيزي اللاعب، قبل أن تعتذر عليك أن تفكر، فإذا كنت تقدم التضحيات وتبذل كل ما لديك، من أجل لون فريقك وشعار ناديك، فمن باب أولى أن تسارع لتلبية واجب الوطن حين يناديك

– عن الاتحاد