جمال بن حويرب المهيري

لما سمعت البارحة بقدوم الشيخ زايد بن محمد بن راشد آل مكتوم حفظه الله إلى هذا الوجود عشت لحظات فرحٍ غمرت قلبي، وبرهةَ بهجةٍ تفتّحت لها أسارير وجهي التي غيرتها وأثقلتها يد السنين ، ووالله إنها لفرحةٌ أشعر بها ولا أستطيع التعبير عنها في هذا المقال القصير وقد أجبرتني المناسبة للعودة إلى تاريخٍ قديمٍ جداً إلى عهد الشيخ زايد بن خليفة آل نهيان (1855-1909م) الذي أرسى دعائم الملك ونشر الأمن في ربوع الوطن وقاد إمارة أبوظبي بكلّ حكمةٍ وسياسةٍ وصبرٍ حتى تبعته باقي الإمارات وإنْ لم تكن تحت حكمه المباشر ولكنها تستنير برأيه وتسترشد بحكمته وهو جدّ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان طيب الله ثراه الذي لم ير العالم مثله منذ قرونٍ طويلةٍ مؤسس دولتنا الحديثة دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك هو جدُّ والدة الشيخ محمد بن راشد الشيخة الجليلة المربية لطيفة بنت حمدان آل نهيان رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه .

وعلى هذا يكون الشيخ زايد بن محمد سميُّ جدين عظيمين وابن رجلٍ عظيم وسليل الملوك الهاشميين الحسنيين الأشراف من جهة الخؤولة .

نقول في لهجتنا المحلية للرجل عندما يرزق بمولودٍ ذكرٍ ” تستاهل الطارش” تيمناً وتفاؤلاً بأنّ هذا الولد سيكبر ويكون عوناً لأبيه في أعماله، والطرش في لهجتنا الإرسال والطروش القوم المرسلون في حاجةٍ ولم أجد لهذه المفردة أصلاً لغوياً قريباً من هذا المعنى إلا أنّه يقال في اللغة العربية: طرش بالبهم سار بها، وأظنّ أنّ معاني الفصحى جُدّد فيها في اللهجات واستخدمت مجازاً لأمورٍ أوسع وأكثر مما كان قد وُضعت له في أيام فصاحتها الأولى ولا غرابة في ذلك لأن اللغة تتجدد واللهجات جزء من هذه اللغة القديمة وقد استُحدث في الإسلام كثير من المفردات لم تكن معروفة في السابق.

ونقول أيضا في لهجتنا تهنئةً بقدوم البنت: “مبارك الحاسر” وهي كذلك لم تستخدم في الفصحى ولكنها تعني أن البنت كذلك يراد لها الفأل الحسن بأنها ستكون امرأة بيتٍ تحسر عن يديها وتخدم في منزل والدها وزوجها وهو معنى جميل أيضا وتفاؤلٌ بالخير وللأسف إنّ كثيراً من أصحاب هذه اللهجة قد نسوا هذه المفردات الجميلة أو تناسوها بفعل تغيرات الحضارة المشوهة ، فماذا يمنعنا من بناء أعلى الأبراج ونُبقي على لهجتنا وعاداتنا لا مانع من ذلك البتّة، ولهذا أتقدم بالتهنئة الخالصة وأسمى التبريكات لمقام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بقدوم الشيخ زايد بن محمد حفظه الله ورعاه ومبارك الطارش أبا راشد.

قلتُ في هذه المناسبة الكريمة أبياتاً خرجت من قلبي مباشرةً فور سماعي للنبأ السعيد وأتمنى أن ترقى إلى ذائقتكم مع أنها لم تكن إلا تخليداً لمشاعر الفرحة وكأنها من تلكم الأبيات التي ترقص الأم ولدها بها متمنيةً له الشجاعة والرئاسة والمقام الأسمى قلت:

مبــــــــاركٌ مبـــــــــاركٌ مـبـــــاركٌ

مباركٌ في مــغــــربٍ ومشــــــرقِ

أقـولــــــها أزفّـــــــــها أبـعـــــــثـها

من عاشقٍ لمجـــــدكـم مُعـــــلّقِ

أفـرحتنا يا سيــــــــدي أسعـــدتنا

بـ “زايدٍ” كـ “زايد” المجدِ النقي

هذا الفتى هذا العلا هـذا النَّدى

هذا الكريمُ ابن الكريمِ المـتقي

مكـــــرّمٌٍ مـــــــــــؤدبٌٍ مُجَـــــــــمِّعٌٍ

وقائــــــدٌٍ في نهجــــهِ لم يُــسبقِ

يعيـــــــــذهُ ينــصــــــرهُ يــــــرفعهُ

ربي ومنْ شرِّ الأنــامِ قــــــدْ وُقي

اللهم آمين

– عن البيان