نورة السويدي

تثبت دبي كل يوم أنها استطاعت بكفاءة ونجاح وتميز فك شيفرة التألق الحضاري العالمي ممزوجاً بالعبق التراثي الأصيل، لترقى بكلا الجناحين صعوداً في التميز والمدنية والبنية التحتية، واستحضاراً على الدوام لأصالة أهلها وعراقتهم، حتى غدت قبلة السائحين الخليجيين عموماً والسعوديين خصوصاً، الذين يجدون في «دار الحي» حياة الطابع الخليجي والنهضة العالمية تسيران معاً لا يطغى أحدهما على الآخر، ولا ينقص أحدهما من الآخر.

وأن تكون دبي مهوى أفئدة أهلنا السعوديين في مواسم الأعياد والإجازات فهذا يحمل في طياته شهادة من شعب يعشق السياحة ويتقن فنها ولا تكاد تختبر بقعة من بقاع العالم إلا وتجد منهم الرحالة أو السائح أو المسافر أو المقيم، وذلك على مدار العام، وهي ثقافة تنم عن حسّ عام بالرقي الحضاري واختبار تجربة التعايش الإنساني على الواقع واقتناص أجمل ما في هذه الحياة وأرقى درجات التعارف الاجتماعي بين الشعوب.

نعم هي شهادة نفخر بها من أهلنا في السعودية، وهي بلا شك ثمرة نجاح دبي في ترسيخ مكانتها السياحية خليجياً ثم توجهها الحثيث لأنها ترسخ حضورها ومكانتها أيضاً على الصعيد العالمي، عبر منظومة اجتماعية مؤسساتية متناسقة تمنح الداخل إليها أو الزائر لها أو المقيم فيها جرعات من الثقة والأمن والأمان والحرية والتعايش الإنساني ما يأسر الإنسان، ويفقد أمام ذلك التناغم الإنساني والحضاري الرغبة في التحول عن هذه المدينة العالمية، القادرة على إيجاد المناخ المفعم بأوكسجين التعايش الإنساني الذي يمكّن الجميع من استنشاق هواء الحرية في الحياة والسياحة والعمل.

أهلاً بأهلنا السعوديين، أهل الدار وأصحاب البيت، لا غريب بيننا وبينهم، فهم منا ونحن منهم، نفرح بقدومهم كل إجازة إلى ديارنا كما نفرح بعودة المسافر من أهلنا، وننتظر عودتهم كل عام انتظار الإخوة بعد طول البعاد، ونحفل بأن يختاروا دبي وجهتهم الخليجية المفضلة لراحتهم وراحة أسرهم وأطفالهم، ونأمل بأن تكون وجهتهم العالمية المفضلة كذلك.

ودبي حين تفتح ذراعيها لأهلنا من دول الخليج تدرك أنها وطنت أرضها وبنيتها لاستقبال طموح أهلنا الضيوف فيها، فيجد كل فرد من أبناء الأسر الخليجية والسعودية خصوصاً منتهى أمله في الإجازة المتصورة لقضاء أفضل الأوقات، من حيث فخامة الفنادق وأناقتها واقترابها من حاجات الزائرين، وانتشار أماكن الترفيه العائلية القادرة على تلبية متطلبات السياح في بيئة تمنح الترفيه والأمان مقرونين معاً، والأسواق العالمية المواصفات التي تتنافس فيها العلامات التجارية العالمية لتحجز لها قدماً على أرضها، إلى جوار الأسواق التراثية الأصيلة التي تعيد الزائر إلى ذكريات الماضي الأثير حيث البساطة والجمال، ويجد الصغار فيها متعتهم الممزوجة بالترفيه والتعليم.

ومما يثلج الصدور أن تسمع من السعوديين أنفسهم أن تجربة زيارة دبي وقضاء حتى ولو أيام قليلة فيها تبقى عصية على النسيان، من حيث بساطة الحياة التي تلف بردائها الجميع الخليجي والعربي والآسيوي والأوروبي ومن شتى بقاع الأرض، لا تحس أن أحداً يضغط على أحد، ولا تفرض أي جالية تقاليدها على الجاليات الأخرى حتى أهل الإمارات أنفسهم تراهم يعيشون بين الناس حياتهم الخاصة من دون أن يفرضوا على الآخرين طراز حياتهم، ما دام الجميع يستمتع ضمن إطار عام من صون حقوق الآخرين وعدم التعدي عليها.

شيء أشبه بالوسام الأخلاقي من أهلنا أبناء السعودية الحبيبة، وتجعلنا على يقين بأن تجربة التعايش الإنساني جديرة بالتمسك بها، وتقديمها نموذجاً عالمياً إنسانياً.

أهلاً بالسعوديين، فهم يمثلون لنا رافداً سياحياً أخوياً مثمراً، تستثمر فيه الأوقات والأموال بين الأهل في البلدين، وهم مخلصون لهذا التوجه حيث تثبت الإحصائيات أن الإجازات والمناسبات والأعياد تشهد على الدوام دخول ما يربو على المليون سعودي في بعض الأحيان، في وفاء لهذا التوجه الخليجي بين أهل البلدين، ونرى أغلبهم ضمن عائلاتهم كاملة في مشاهد تبعث على السعادة والفخر برؤية أهلنا بيننا.

أهلاً بإخواننا وأهلنا السعوديين الذين ينعشون في نفوسنا جميعاً نحن أبناء الإمارات الروح الخليجية الفياضة والتلاحم الخليجي المتين الذي يعد الكفيل بأن ينهض بالجميع نحو الأفضل والأرقى على درجات النهضة، في عالم لم يعد يعترف إلا بالأقوياء..

أهلاً بهم وبجميع أهلنا من أبناء الخليج في بلدهم الثاني الإمارات، وحاضرتهم الأثيرة دبي، التي يعني لها وجود الروح الخليجية في أرجائها الشيء الكثير، ولا أقل من شيوع البناء الموحد بين دول التعاون، القادرين على مزج النكهة الخليجية الأصيلة بالنهضة الحضارية العالمية في توازن ناجح يجمع خصائص المثل العالمي المقبل لفن التعايش الإنساني.

– عن البيان