قال جوناس برايسينغ المدير التنفيذي لشركة «مان باور جروب» المتخصصة في مجال حلول القوى العاملة والتي تبلغ قيمتها 22 مليار دولار، والشريك العالمي للموارد البشرية لإكسبو ميلانو 2015 إن فوز دبي باستضافة معرض إكسبو العالمي 2020 شكل حافزاً قوياً للتنمية، كما أنه خلق المزيد من فرص العمل في قطاعات الإنشاءات والبنية التحتية والعقارات والفنادق والسفر والسياحة في الدولة.

وأنه في ضوء النمو الهائل المتوقع في المشهد العام للأعمال في الإمارات استعداداً لاستضافة الحدث العالمي الضخم فإن الصراع على الكفاءات في الدولة سيتصاعد مما يزيد من أهمية الحفاظ على الموظفين. مشيراً إلى أن أمام شركته فرصة كبيرة لأن تصبح شريك الموارد البشرية لإكسبو 2020 بسبب العلاقة بين إكسبو ميلانو وإكسبو دبي.

وأشار برايسينغ – في حوار مع «البيان الاقتصادي» – إلى أن التحدي الأكبر الذي يواجه الشركات والمؤسسات اليوم لا يكمن في إيجاد الموظفين من أصحاب المواهب الماهرة، ولكن في كيفية الحفاظ عليهم، قائلاً إن نجاح الدول والشركات في الوصول إلى القوى العاملة الماهرة سيكون مفتاح المحددات الرئيسية للميزة التنافسية والنجاح في الأسواق لكليهما، مشدداً على أن وجود العمالة الماهرة يشكل عاملاً مهماً في جذب الاستثمارات الجديدة للدول.

وقال برايسينغ إن طموحات الإمارات في التكنولوجيا الذكية والابتكار تدفع نحو تحول الإمارات بشكل أكبر تجاه استقطاب أصحاب الياقات البيضاء من أصحاب العقول والمهارات المتخصصة في قطاع التقنيات الذكية والابتكاري عما كان سائداً في الماضي من التركيز على جلب العمالة الرخيصة من أصحاب الياقات الزرقاء والتي تحتاجها الإمارات في مشاريع البناء.

وفيما يلي نص الحوار:

هل لك أن تحدثنا عن وضع «مان باور جروب» في قطاع القوى العاملة وكيف تقيم أداءها في عام 2014؟

شركة «مان باور جروب» تم تأسيسها منذ نحو 60 عاماً وتبلغ قيمتها 22 مليار دولار، والشركة مدرجة في بورصة نيويورك، وتساعد الشركة عملاءها من خلال مجموعة شاملة من الحلول الابتكارية على النجاح في عصر «القدرات البشرية».

وتشمل هذه الحلول نطاقاً كاملاً للاحتياجات المرتكزة على الكفاءات البشرية بدءاً من التوظيف والتقييم، والتدريب والتطوير، وإدارة الوظائف، وصولاً إلى التعاقد الخارجي والاستشارات المتعلقة بالقوى العاملة.

وتمتلك الشركة أكبر شبكة ريادية في القطاع عبر العالم تتألف من حوالي 3600 مكتب في أكثر من 80 دولة ومنطقة في العالم، مما ينتج مزيجاً ديناميكياً يترك تأثيراً عالمياً فريداً من خلال تقديم التصورات القيمة والخبرات المحلية من أجل تلبية احتياجات عملائها الذي يبلغ إجمالهم 400 ألف عميل سنوياً في كل القطاعات والشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات المحلية والشركات المتعددة الجنسية والشركات العالمية.

وتساعد «مان باور جروب» المؤسسات والأفراد التي نخدمها من خلال ربط فهمنا العميق للإمكانات البشرية مع طموحات عملائنا في تحقيق ما يفوق توقعاتهم، ذلك لأن نجاحنا منوط بنجاحهم. ومن خلال تأسيس هذه الروابط القوية، فإننا نوجد القوة التي تدفع المؤسسات قدماً، وتسرع النجاح الشخصي وتبني مجتمعات أكثر استدامة، فنحن نساهم في منح القوة لعالم الأعمال.

وكان أداؤنا إيجابياً للغاية في عام 2014، وننظر للسوق حالياً في المنطقة بأنه سوق ديناميكي، والإمارات نرى أنها مركز للكثير من الأنشطة التي تشهدها المنطقة، وبالتالي نحن مستمرون في تواجدنا القوي في أسواق الإمارات والمنطقة ونتطلع لمزيد من التوسع في أعمالنا في المنطقة والتي ننظر لها على أنها من المناطق المهمة لأعمالنا في العالم.

كيف ترى سوق التوظيف في الإمارات أخيراً، وهل تتوقع له المزيد من النمو؟

الإمارات شهدت ارتفاعاً كبيراً في التوظيف خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن المتوقع لهذا التوجه أن يتزايد. وتعتبر أعداد الكفاءات محدودة، وفي ظل تنافس المؤسسات المحلية على المرشحين من أصحاب المهارات، يصبح استقطاب الموظفين والحفاظ على الكفاءات أمراً ذا أهمية بالغة.

كما شهدت الإمارات نمواً ملحوظاً في مناطق التجارة الحرة المخصصة للإعلام والترفيه وقطاعات إبداعية أخرى، ونجحت باستقطاب شركات دولية كبرى لتؤسس أعمالها في منطقة الشرق الأوسط ومقراتها في البلاد.

هل سيخلق إكسبو 2020 منافسة لاستقطاب الكفاءات في الإمارات؟

أثبت فوز دبي بعطاء استضافة معرض إكسبو العالمي 2020 بأنه حافز قوي للتنمية، مما أدى إلى إطلاق موجة من المشاريع والمبادرات وخلق المزيد من فرص العمل في قطاعات الإنشاءات والبنية التحتية والعقارات والفنادق والسفر والسياحة.

وفي ضوء النمو الهائل المتوقع في المشهد العام للأعمال في الإمارات استعداداً لاستضافة دبي إكسبو 2020 فإن الصراع من أجل الكفاءات في الدولة سوف يتصاعد مما يزيد من أهمية الحفاظ على الموظفين.

ويجب أن تتركز عملية الحفاظ على الموظفين على الاستراتيجيات التي تمنع فقدان الموظفين لصالح مؤسسات أخرى. وهذا يعني الذهاب إلى ما هو أبعد من مجرد المكافآت المالية وتقديم حزمة منافسة من المنافع،- مثل تجارب التعليم والتطوير، ومسارات التطور الوظيفي، وفرص الانتقال ضمن المؤسسة والمرونة لخلق التوازن بين الحياة العملية والشخصية – وهي الأمور التي تهم أصحاب الكفاءات هذه الأيام.

إكسبو 2020 حدث عالمي ضخم ويتوقع أن يجذب 25 مليون زائر لدبي. و«مان باور جروب» أحد الرعاة الرئيسيين لإكسبو ميلانو 2015، وبالتالي نقوم بكل عمليات التوظيف لجميع العاملين في أجنحة الحدث، وبالتالي نحن شركاء الموارد البشرية لإكسبو ميلانو 2015 ونأمل أيضاً أن نكون الشركاء في التوظيف لإكسبو دبي 2020، وسنركز حالياً على إكسبو ميلانو 2015 وإكسبو دبي 2020.

وسيوفر لنا إكسبو ميلانو 2015 الكثير من الخبرات والتي يمكن أن ننقلها لدبي إكسبو 2020، ولدينا فرصة لنكون الشريك العالمي للموارد البشرية لإكسبو2020 بسبب العلاقة ما بين إكسبو ميلانو 2015 وإكسبو دبي 2020.

ما هي توقعاتكم لمستقبل سوق العمل في المنطقة الخليجية؟

ما زالت الاقتصادات الخليجية مستمرة في خلق فرص العمل تصدرها السعودية، التي أظهرت أن 62% من الشركات فيها حققت زيادة في أعداد موظفيها خلال عام 2014، تتبعها الإمارات بنسبة 51%. وتقود قطاعات الرعاية الصحية والاتصالات وتجارة التجزئة هذا النمو في الوظائف.

ومن المتوقع أن يؤدي تطوير البنية التحتية الخاصة بكأس العالم 2022 في قطر ومعرض إكسبو 2020 في دبي إلى جانب تعافي الاقتصاد العالمي إلى التأثير على معدلات النمو في المنطقة. كما أن معدلات الأجور مهيأة للارتفاع بشكل أكبر في عام 2015 في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وبالدرجة الأولى في كل من عُمان والسعودية.

إلى أي مدى أثر غياب الاستقرار السياسي والأمني في بعض دول المنطقة على سوق العمل بشكل عام؟

بالتأكيد كان له تأثير، فأي أسباب تؤدي إلى عرقلة تدفق الاستثمارات ستقود بطبيعة الحال لتأثر سوق العمل، ولكن في الوقت نفسه عدم الاستقرار السياسي والأمني في دول معنية في المنطقة يبرز بشكل أكبر البلدان التي تنعم بالاستقرار السياسي والأمني في المنطقة وعلى رأسها الإمارات.

حيث شكل ذلك الاستقرار عامل جذب قوياً للشركات العالمية لتأسيس تواجد لها في أسواق الإمارات، وأيضاً لتدفق الكثير من الناس للعيش والعمل في الإمارات، وتدفق رؤوس الأموال والمستثمرين أيضاً. عدم الاستقرار السياسي والأمني لا يقود بالتأكيد إلى تعزيز وجود مناخ صديق للبيئة الاستثمارية.

في أي القطاعات تحديداً شهدتم طلباً أكبر على التوظيف في الإمارات؟

التجزئة والضيافة والبناء كانت القطاعات التي شهدت طلباً أكبر على الوظائف، وقد رأينا 33% نمواً في الطلب على الوظائف في قطاع التجزئة في الإمارات، وارتفعت أرقام التوظيف في كل من قطاعات الهندسة والبناء عبر شركتنا بنحو 10 إلى 15% في عام 2014 مقارنة بعام 2013.

وبالمناسبة فإنه من المثير متابعة تلك القطاعات الثلاثة وهي التجزئة والضيافة والبناء لأنها جزء من جهود تنويع الإمارات لقاعدتها الاقتصادية، حيث إن الاستثمار في بناء البنية التحتية في الإمارات دعم الكثير من القطاعات إلى جانب أن الإمارات أصبحت وجهة رئيسية للضيافة والسياحة وأيضاً الخدمات المالية في العالم. الناس لا تأتي اليوم لدبي والإمارات بشكل عام فقط لقضاء عطلة سياحية وإنما أيضاً للاستهلاك.

ولقد شهدنا في «مان باور جروب» طلباً كبيراً في نطاق الحاجة إلى التعاقد الخارجي، وذلك مع ارتفاع بنسبة 50% في الطلب خلال عام 2014 مقارنة بالعام 2013.

اليوم الشركات تحول تركيزها، وتدرك أهمية المحافظة على قواها العاملة من خلال الاستثمار في برامج التدريب والتطوير وتخطيط التعاقب الوظيفي.

كما أن هنالك طلباً متزايداً من قبل المؤسسات على إدارة التوظيف عبر التعاقد الخارجي من خلال الجهات الخبيرة في هذا المجال، الأمر الذي يمكنها من التركيز على أعمالها الأساسية.

أرباب العمل أصبحوا اليوم أكثر إدراكاً واهتماماً في كيف سيكون مستقبل أعمالهم خلال السنوات الخمس المقبلة فيما يتعلق بتوظيفهم للمواهب وتوظيفهم للأيدي العاملة الصحيحة والمناسبة، اليوم المؤسسات والشركات تستثمر في موظفيها من خلال برامج التدريب والتطوير واستراتيجيات المكافأة والتطوير.. الخ، لكي تنمو أعمال تلك المؤسسات والشركات ولكي تكون قادرة على المنافسة، وبالتالي نشهد اليوم تحولاً في كيفية هيكلة المؤسسات والشركات للقوى العالمة لديها.

ما تداعيات التراجع الكبير في أسعار النفط وهبوط اليورو على سوق العمل في العالم؟

تراجع أسعار النفط اليوم هو جزء من الدورة الاقتصادية الحاصلة، هذا التراجع سيكون له تداعيات إيجابية على بعض دول العالم مثل بلدان آسيا وأوروبا، كما أن الولايات المتحدة استفادت بالفعل هي الأخرى من هذا التراجع وخاصة المعتمدة كلياً على استيراد النفط، حيث ستنخفض كلفة الاستيراد النفطي وبالتالي سيكون هناك انخفاض في كلفة المعيشة للأفراد.

وبالتالي تراجع أسعار النفط سيكون محفزاً لاقتصادات تلك البلدان، في حين أن التأثر سيطال البلدان التي تعتمد بشكل أساسي على الثروات النفطية وعلى تصدير النفط، وما لا نعرفه حتى الآن هو إلى أي مدى سيكون هناك تأثر بهذا التراجع النفطي، برأيي أنه من المبكر جداً رصد ذلك.

وقال جوناس برايسينغ: إن التبصر والتخطيط ورؤية قادة الإمارات فيما يتعلق بأين هي الإمارات اليوم وأين تتجه مستقبلاً هو أمر محل تقدير كبير بالنسبة لي، لأن الإمارات تعمل على تنويع اقتصادها بحيث لا يعتمد بشكل كلي على الثروة النفطية وهو ما نراه حاصلاً اليوم.

فعلى سبيل المثال دبي أصبحت اليوم وجهة عالمية للتسوق والسياحة، كما أن أنشطة أخرى ستقود النمو، وإعلان الميزانية الاتحادية الضخمة للإمارات أخيراً يعكس الطموحات الكبيرة للإمارات.

كما أن النمو البارز لاستثمارات البنية التحتية وللاستثمار بشكل عام محل إعجاب إلى جانب استعدادات الإمارات لاستضافة معرض إكسبو 2020 في دبي وهو حدث فريد، كما أنه سيتيح فرصة للإمارات لتكون مركزاً للابتكار في المنطقة.

ويترأس جوناس برايسينغ المدير التنفيذي لـ «مان باور جروب» هذا الأسبوع وفد الشركة في الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي 2015 في دافوس، سويسرا، حيث سيقدم آراءه حول توجهات الوظائف والتوظيف.

أكد جوناس برايسينغ أن هناك حالياً نمواً لوتيرة النشاط في دبي تستبق استضافة إكسبو 2020، وقال: برأيي سيكون من الصعب إيجاد الموظفين من ذوي المهارات الصحيحة في البناء نحو استضافة إكسبو 2020، وبالتالي الشركات لن تركز فقط على جذب أصحاب المهارات ولكن أيضاً كيفية الاحتفاظ بالمهارات الموجودة لديها، وبالتالي الحفاظ على القوى العاملة لدى تلك الشركات.

أيضاً سيكون هناك تساؤل عما سيجري بعد الانتهاء من استضافة الحدث الضخم، إكسبو 2020 سيعرض دبي في عام 2020 وتوجهاتها نحو أن تكون مدينة مبتكرة ومركزاً للابتكار وبإمكان دبي أن تطلع العالم على إنجازاتها في عالم الابتكار، وخاصة أن إكسبو 2020 يعتمد الاستدامة والابتكار والتنقل.

دبي جعلت من نفسها مركزاً للمنطقة، وسوف تجتذب بسبب هذه المركزية المهمة الكثير من الشركات العالمية من العالم، وأعتقد أن شركات الابتكار في العالم ستؤسس مراكز لها في دبي بناءً على استراتيجيات بعيدة المدى ولا ترتبط فقط بإكسبو 2020.

وأوضح جوناس برايسينغ أن «مان باور جروب» تتخصص في توفير العمالة الماهرة من أصحاب الياقات البيضاء لقطاعات مثل الهندسة والمال وتكنولوجيا المعلومات والخدمات المالية والإدارية. وقال: لدينا الكثير من العاملين من أصحاب الياقات البيضاء في جميع أنحاء الإمارات.

وإيجاد تلك العمالة الماهرة التي تحتاجها الإمارات التي تشهد اليوم نمواً كبيراً ومستمراً هو أمر مهم، لكن الأهم من إيجاد تلك المواهب هو مساعدة الشركات على التفكير في تلك المواهب بشكل استراتيجي، وفي كيفية الحفاظ على تلك المواهب، وجعل هيكلة تلك الشركات والمؤسسات تستجيب للبيئة الديناميكية جداً، ولدينا قدرة على مساعدة الشركات في إيجاد تلك المهارات والاحتفاظ بها أيضاً.

لدينا بصمة عالمية، ونحن شركة تقدم شريحة واسعة جداً من الخدمات لعملائها كالتوظيف والتعاقدات، وأيضاً إيجاد العمالة الماهرة والحلول لتلك العمالة. لدينا فهم تام لأسواق العمل في العالم، ولدينا ميزة لجلب أحدث ما وصل إليه عالم التوظيف في العالم.

البيان