راشد الزعابي

اليوم يتجدد الموعد، وكأس الخليج تعود إلى المهد، وها هي البحرين كعادتها تتأنق، فلا يشبهها أحد عندما ترفض إلا أن تتألق، تعود اليوم البحرين وهي التي لم تغب يوماً عن أذهاننا، لتضمنا بكل شوق وتهمس في آذاننا، ولنشم روائع العود والبخور، وتفوح روائح العطور، وينتشر الأريج، مصدره المنامة ليغمر كل مدن الخليج.

اليوم عدنا من حيث بدأنا، وتعود البطولة إلى البحرين، التي لم تفز سابقاً باللقب المهم، ولكنها فازت بما هو أهم، يكفي أن أبناءها كانوا أصحاب المبادرة في إقامة هذا التجمع الشبابي، ويكفي أنها حظيت باستضافة أولى بطولات كأس الخليج العربي، والتي أكاد أجزم أنها أقوى بطولة رياضية في تاريخ العرب، ولأن أبناء الخليج كانوا هم الأكثر جدية والأكثر إصراراً، في الحفاظ على ديمومة هذا التجمع فقدموا البطولة الأكثر استقراراً.

اليوم يعود التنافس الرياضي الشريف، ومهما ارتفعت وتيرة المنافسة لا صوت يعلو على صوت اللعب النظيف، فكأس الخليج ليست مباريات تتألف من 90 دقيقة وحسب أو منافسة بين اكثر من منتخب، ولكنها حب، وأصبحت رمزاً للتلاقي، وعنواناً معبراً عن معاني التآخي، وكأنها عرس موسمي أو موعداً للأحباب، يلتقي فيه أبناء المنطقة بشوق ولهفة بعد طول غياب.

اليوم تبدأ الحرب الشرسة بين مختلف وسائل الإعلام، وينطلق الصراع الأشهر بين مختلف الشاشات وحملة الأقلام، واعتباراً من اليوم ستدشن معارك الكلام، وستتجه الأنظار إلى تلك الأسماء التي باتت كأس الخليج ملعبها المفضل، فهذا سيشعل أروقة البطولة بكلمة وتصريح، وذاك سوف يرد عليه

“بنغزة” وتلميح، وما بين هذا وذاك لا توجد مشاعر عداء وليس هناك سوء نية، واختلاف الرأي في دورات الخليج مهما كان ساخناً لا يفسد للود قضية.

اليوم يبدأ الأبيض مشوار البطولة، ويخوض مباراته الأولى، وباتت جماهير الإمارات على أحر من الجمر، في انتظار الظهور الأول أمام قطر، وهؤلاء الشباب الذين يخوضون أولى بطولاتهم بقميص المنتخب الأول، لا نريد منهم سوى أن يكونوا كما عهدناهم، رمزاً للأمل وعنواناً للتفاؤل في الغد.

والمستقبل، لا يتحدثون سوى بلغة الانتصارات ولا يعرفون موقعاً سوى في المقدمة والأفضل. اليوم سوف تكون المنامة لكل مواطن خليجي هي الوطن، وكل الخليجيين سيجدون في أرض البحرين بيتاً لهم ومسكناً، واليوم سوف تكتب البحرين حكايتها الرابعة، لتلك الإلياذة الرائعة، والتي بدأت فصولها قبل 43 سنة، ولا تزال متواصلة بنفس الحب الذي كان منذ ذلك الزمان، واليوم تعود من حيث بدأت في هذا المكان.

الاتحاد