حجزت دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا قضية “الخلية الإخوانية” للنطق بالحكم في جلسة 21 يناير المقبل، على أن يقدم دفاع المتهمين المرافعات المكتوبة إليها خلال أسبوع من تاريخه.
ومثل في الجلسة الخامسة التي انعقدت أمس 15 من المتهمين، فيما استمر تغيّب 9 متهمين مواطنين عن الحضور، الأمر الذي برره أحد المتهمين بأنه يأتي احتجاجاً على عدم تمكينهم من مقابلة محاميهم واستلام أوراق القضية، على الرغم من إقرارهم الموقع والذي وقف عليه القاضي يفيد بتمكينهم من تلك الطلبات في جلسة سابقة.
واستمعت المحكمة برئاسة القاضي محمد الجراح الطنيجي، إلى مرافعات دفاع المتهمين الشفوية، فيما طالب الدفاع بالبراءة.
وشهد الجلسة 13 من ممثلي وسائل الإعلام، و4 من منظمات المجتمع المدني، من بينهم اثنان من جمعية الإمارات لحقوق الإنسان وممثل من جمعية الإمارات للمحامين والقانونين، وآخر من اتحاد كتاب وأدباء الإمارات، و6 من ذوي المتهمين، وممثل عن السفارة المصرية.
وشهدت الجلسة التي خصصت للاستماع لمرافعة الدفاع، مطالبة المحامي عبدالحميد الكميتي الحاضر عن جميع المتهمين المصريين و5 من المتهمين المواطنين، بتبرئة موكليه من جميع التهم المنسوبة إليهم، مستنداً في ذلك إلى ما أسماه بطلان أمر الإحالة، وما ترتب عليه من إجراءات، ومنها بطلان الضبط، وإجراءات التفتيش والتحقيق.
وشكك الكميتي في دستورية مؤسسات الدولة القضائية والأمنية، بدءاً باختصاص المحكمة الاتحادية العليا وإجراءات النيابة العامة لأمن الدولة، وانتهاءً بدستورية تعيين قاضي المحكمة وأمانة سرها، مطالباً ببطلان كافة الإجراءات المتبعة في القضية بالارتكاز على دفوع شملت التزوير والتلفيق والطعن على عمليات التفتيش والضبط القضائي والاستدلالات وإجراءات التحقيق وآليات التحريز.

قص ولصق
وكرر الكميتي في مرافعته، التي جاءت على فترتين بعد استراحة أمر بها قاضي المحكمة، طعنه بالتزوير المادي والمعنوي على استدلالات النيابة العامة، مشيراً إلى حرمان عدد من موكليه من استعمال نظّاراتهم الطبية، وحرمان آخر من سماعة طبية، إضافة إلى ما قال إنه تلفيق سلطات التحقيق التهم المنسوبة إلى موكليه بقص مقتطفات من التهم الموجهة لعدد منهم ولصقها في محاضر تحقيق آخرين.
وطعن المحامي بتزوير جمع الاستدلالات والتحقيقات، مشيراً إلى تطابق أقوال منسوبة للمتهمين في محاضر الاستدلال، مضيفاً: “تم قص ولص عدد من التهم والجمل لإيهام المحكمة بوقوع تلك الجرائم”.

اتهام الشاهد
ورأى الكميتي أن الجدير بالعقوبة، هو الشاهد الذي سرب المعلومات السرية الخاصة بجهاز أمن الدولة، مشيراً إلى أن النية الإجرامية لا تتوافر في موكله؛ لأنه لم يبادر بطلب الحصول على وحدة التخزين الخارجية المحتوية على أسرار الدولة.
وأضاف: “أن احتمالية تسرب تلك المعلومات بطريقة غير تلك التي أظهرتها النيابة العامة في استدلالاتها وحيثيات القضية التي كشف خيوطها قائمة”، مشيراً إلى أن الشاهد الأول الذي كان يشغل بالتزامن مع وظيفته الرسمية في جهاز أمن الدولة عضوية مجلس إدارة نادي حتا الثقافي الرياضي، أكد أنه لم ير المتهم وهو ينسخ المعلومات السرية، وبالتالي فإن التهم المنسوبة إليه ترتبط بالشك، الذي يفسر لصالح المتهم.
وقال إن الشاهد سرب بجهل أو برعونة أو بإهمال معلومات الذاكرة محل الاتهام، مضيفاً: أن عدم علم موكلي بجهة عمل الشاهد قبل وأثناء وقوع الجريمة المنسوبة إليه ينفي النية في ارتكاب الجريمة”.
وعاد الكميتي للتشكيك في اعترافات المتهمين، وتحقيقات النيابة العامة لأمن الدولة، علماً بأن مرافعة النيابة العامة قد شهدت الكشف عن اعترافات المتهمين بالتهم المنسوبة إليهم، واعتراف عدد منهم على بعضهم بعضاً، وهو ما سعى الكميتي للتشكيك في مصداقيته بادعاء التزوير والإجبار.

التمويل المالي
وفيما يتعلق بتهم التمويل المنسوبة للمتهمين، دفع المحامي ببطلانها، بحجة عدم توافر أدلة مادية بعيدة عن اعترافات المتهمين واستدلالات سلطات التحقيق، مشيراً إلى أن أوراق القضية لم تشتمل أي مستندات أو وثائق تثبت تحويل المتهمين لمبالغ مالية، في حين برر اعترافات أحد المتهمين الإماراتيين بتحويله مبالغ مالية لجمهورية مصر العربية على أنها زكوات فضل المتهم إرسالها للمحتاجين في مصر عن طريق زميل عمله. وطالب الكميتي بإثبات التحفظ على ممتلكات المنتسبين للخلية أو المشتبه في تعاونهم مع أفراد القضية بمستندات رسمية، إضافة لإرفاق قائمة الشركات والمؤسسات الفردية المشار لها في تحقيقات النيابة العامة لأمن الدولة.

دفوع إضافية
أشار محامي الدفاع إلى أن عنصر المباغتة في عمليات التوقيف، والذي لم يسمح للمتهمين بإخفاء أية أدلة، متسائلاً: لماذا لم يتم ضبط المتهمين في أحد اجتماعات التنظيم، موضحاً أن تحريات النيابة العامة لأمن الدولة تمت اعتماداً على فرضية هيكلية مزعومة لتنظيم الإخوان المسلمين.

الطب الشرعي
إلى ذلك، أكد المستشار محمد الجراح الطنيجي قاضي المحكمة استلام تقرير لجنة الطبي الشرعي، وذلك ردا على دفع محامي الدفاع. وقال: تسلمت المحكمة التقارير الخاصة بكافة المتهمين، إلا أن المحامي عاد وطعن بنتائج التقرير. وقال الكميتي: “جرجر المتهمون بعد تغطية وجوههم بعد أن حبسوا في سجون انفرادية، ومكثوا فيه لمدة تصل إلى 7 ساعات ثم أدخلوا على تحقيقات النيابة في وضع وصفة بغير الإنساني.

بطلان الشيوع
ودفع المحامي في مرافعته ببطلان تهمة إشاعة سر من أسرار الدولة، وذلك بعد أن أكد على محتويات ذاكرة التخزين الواردة في القضية سبق تسريبها أثناء محاكمة المتهمين في القضية 17/2013 والمعروفة بـ التنظيم السري”.
وقال: إن ذات الأسرار وزعت على مأموري الضبط القضائي في 3 سجون، وأكثر من 7 مكاتب محاماة في الدولة، وتساءل عن سبب عدم التأكيد على أهمية تلك الأسرار وخطورة تسريبها على الأطراف التي استلمت تلك الأوراق والملفات، مشيراً إلى إمكانية تسريب تلك المعلومات من أطراف أخرى بعيداً عن موكله، وبالتالي فإنه طالب ببطلان تهمة إشاعة أسرار الدولة.

شهود الإثبات
وأشار محامي الدفاع في مرافعته إلى عدم وجود أدلة فنية دامغة في إفادات شهود الإثبات، مؤكداً أن الاكتفاء بالأدلة القولية غير كاف لإثبات التهم على موكليه. وأضاف أن إفادات شاهد الإثبات الأول، أوضحت عدم مقدرته على تحديد درجة سرية المعلومات بين سرية وسرية للغاية وغيرهما من التصنيفات، الأمر الذي اعتبره دليلاً واضحاً على عدم تعميم جهة عمله الأمنية درجات السرية وهو خلل يستحق الوقوف عنده، بحسب الكميتي، الذي أورد قراراً وزارياً يحدد معايير ثابتة لاستخدام ذاكرة التخزين وعناوين البريد الإلكترونية في الجهات الحكومية.

الحق في محاكمة عادلة
وذهب محامي الدفاع إلى عدم توافر الضمانات الكافية لمحاكمة عادلة، وقال: “لموكلي حقوق لم يتحصلوا عليها، منها: الحق بالإبلاغ بحقوقه، والحق في إبلاغه بسبب القبض عليه، والحق في توكيل محام، والحق في إبلاغ أسرته بأماكن تواجده، والإفراج عنه بكفالة، وإعادة النظر بالاحتجاز”.

استراحة تنظيمية
قرر المستشار محمد الجراح الطنيجي قاضي المحكمة رفع الجلسة بعد ساعتين من بدايتها، وذلك بعد توجيه المحامي نحو الترافع في التهم كافة وعدم الاسترسال في سرد تفاصيل لا علاقة لها بأحداث القضية، وعدم تكرار بعض الدفوع أكثر من مرة في القضية حفاظاً على حقوق المتهمين في الترافع عن كافة القضايا المنسوبة إليهم. ورفعت الجلسة نحو الساعة 12:15، قبل أن تبدأ مجدداً بعد أكثر من ثلثي الساعة، ليكمل محامي الدفاع مرافعته النهائية في القضية. وطلب المحامي، قبيل رفع الجلسة، الاستماع لطلبات المتهمين، فيما أكد القاضي على تضمينها في مرافعة الدفاع المكتوبة.

إقرار موقع
في مداخلة قبيل بدء مرافعة الدفاع، قال المتهم المواطن الوحيد الماثل أمام المحكمة إن غياب المتهمين الإماراتيين وجميعهم من المحكوم عليهم في القضية رقم 17/2013 والمعروفة بـ “التنظيم السري”، يعد تغيباً احتجاجياً.
ونقل رسالة المتهمين بررت الاحتجاج بعدم حصولهم على أوراق القضية أو تمكنهم من مقابلة المحامي على الرغم من تأكد المحكمة في جلسة سابقة من تنفيذ أوامرها بتمكينهم من مقابلة المحامي واستلام أوراق القضية، بعد استلامها إقراراً موقعاً من جميع المتهمين يفيد بتمكينهم من تلك الطلبات.

لقطات من الجلسة
أورد المحامي أسماء أشخاص ليسوا على علاقة مباشرة بالقضية، واستخدم أساليب متعددة في الطعن على شهادة الإثبات؛ ما استدعى تدخل القاضي.
قال محامي الدفاع: إن مرافعته الكتابية ستتضمن 6 آلاف صفحة، وطالب بمنحه 10 أيام لتقديمها بسبب ارتباطه بقضايا أخرى، إلا أن طلبه قوبل برفض من القاضي، الذي أكد أن المحكمة كانت منحته مدة إضافية لتقديم مرافعته الكتابية.
استشهد المحامي بعدد من الجرائم الواقعة في فرنسا، وانجلترا، ومصـر، سـارداً وقائعها تفصيلاً، ما استدعى تدخل القاضي وتنبيهه إلى عدم إضاعة وقت المحكمة والمتهمين في قراءة تفاصيل تلك القضايا.
تساءل المحامي عن الآلية التي جمع بها أعضاء الخلية المبالغ المشار إليها في تحقيقات النيابة العامة، والتي قـاربـت 7٫5 مليون درهم، وقارن تلك المبالغ بدخول المتهمين الشهرية.
ممازحاً، أعـرب القـاضي محمد الجراح الطنيجي عن أمنياته بالتوفيق لنادي حتا الثقافي الرياضي، إثر تعمد محامي الدفاع الخـوض في تفاصيل حفل تكريم رأى أنه مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالقضية.
وجاء تعليق القاضي بعد أن استرسل في شرح وضع الفريق الحتاوي وأبرز إنجازاته على صعيد فريق كرة القدم.

الاتحاد