بدأت أزمة الصحف الورقية الأردنية تأخذ منحنيات وتطورات جديدة بإعلان مجلس النواب وهو الغرفة الأولى للبرلمان أخيراً، تخصيصه جلسة عامة لبحث أزمة الصحف وإيجاد الحلول لإنقاذها من شبح الانهيار، أو ما وصفه برلمانيون دخولها لإنقاذها وهي في طريقها إلى غرفة الإنعاش.
وتواجه صحيفتا الدستور و«ملكيتها مشتركة بين الحكومة والقطاع الخاص»، والرأي وهي حكومية كبرى، وتعتبر من أقدم الإصدارات الورقية اليومية في المملكة، أخطاراً وتحديات كبيرة، وظروفاً مالية صعبة أعلنت عنها إدارتا الصحيفتين في أوقات كثيرة، ووصلت أخيراً إلى توقف «الدستور» عن دفع رواتب ثلاثة أشهر مستحقة للعاملين فيها.
ويجيء قرار مجلس النواب الأردني بتخصيص جلسة مناقشة عامة لأوضاع الصحف الورقية، وكيفية دعمها، من منطلق إنقاذ ما يمكن إنقاذه للصحيفتين من خطر الانهيار، ووفق مصادر برلمانية فإن الجلسة ستكون ذات صفة عاجلة وقريباً جداً.
وطالب 53 نائباً في البرلمان من أصل 150 وهو العدد الكلي لأعضائه، في مذكرة موجهة للحكومة، بدعم الصحف الورقية وإنقاذها، وعدم التعامل معها من منظور الربح والخسارة، بل اعتبارها مؤسسات وطنية تحمل رسالة الدولة، وضرورة إعفائها من الضرائب المفروضة عليها.
في حين طالب نواب آخرون أن تواكب الصحافة الورقية التطور الذي تنتهجه الصحف الإلكترونية، وقال النائب محمد القطاطشة: الصحافة الورقية تمر بمرحلة تتطلب الإنعاش، ويجب أن ننتبه لما تضم من كتاب أصحاب الأقلام الحرة، وعليه يجب على الحكومة القيام بدعم صحيفتي الرأي والدستور لأنهما صحيفتا دولة لا حكومة.
فيما اعتبر رئيس لجنة التوجيه الوطني والإعلام في البرلمان النائب زكريا الشيخ، الصحف اليومية قلاع إعلامية يجب عدم التعامل معها كشركات بلغة الربح والخسارة، وهي دافعت عن الوطن وتمكنت أن تمضي قدماً به إلى بر الأمان حين احتاجتها الدولة.
وسبق أن التقى رئيس مجلس إدارة صحيفة الدستور، الوزير الأسبق للتخطيط تيسير الصمادي مع أعضاء البرلمان، فأوضح أن الصحافة الورقية عموماً تتعرض لأزمات، إلا أن صحيفته لن تنهار ولن يتم إعلان إفلاسها فالعاملون بها من صحافيين وفنيين وإداريين، أبلغوه أنهم لن يسمحوا بتوقف الإنتاج بها، فهي صحيفة وطنية لابد أن تواصل مسيرتها، ولو كان على حساب قوت أبنائهم.
وكشف أن مشكلة الصحيفة بدأت عام 2010 وتتعلق بحجم الإنفاق المالي الكبير المترتب على الصحيفة في ظل تواضع إيراداتها. في السياق نفسه يرى رئيس مجلس إدارة صحيفة الرأي، الوزير الأسبق للإعلام سميح المعايطة أن ملف صحيفته يختلف عن غيرها، لأن إيراداتها من الإعلان والتوزيع كبير.
علماً أن مشكلة «الرأي» تكمن في مجمع المطابع الذي استنزف حوالي 40 مليون دينار أردني «55 مليون دولار»، دون قدرته على تحقيق دخل مناسب، وربما يكون الخوف ناتج عن استنزافه بديون بسبب ارتفاع كلفة التشغيل وفاتورة الرواتب، ورغم ذلك لا نعاني من خطر الاستمرار والبقاء، فالمشكلة مالية بالدرجة الأولى.
ويبدو أن الصحافة الورقية، التي ظلت طوال ما يزيد على قرن ونصف من الزمان وهي تتربع على عرش وسائل الإعلام، متجهة الآن نحو الانحدار التدريجي وربما السريع نحو القاعدة تاركة القمة لجيل جديد من الإعلام الشبكي والتقني الحديث. وعلى الرغم من التوسع في إصدار الصحافة الورقية في العالم العربي، فإن العالم الغربي يشهد مرحلة توقف أو تحول نحو الإعلام الإلكتروني..
فيما عالمنا العربي يشهد تطورات ملحوظة نحو التقنيات الحديثة، ففي إحدى الدراسات التي قام بها منتدى الإعلام العربي وجد أن أغلبية شباب العالم العربي يفضلون التعامل مع الوسائل الإعلامية الحديثة.
وفي استطلاع أجري مع بعض أعضاء هيئة التدريس في قسم الإعلام وطلاب وطالبات الجامعات الأردنية، أبدى العديد منهم تمسكهم بقراءة الصحف الورقية دون الرجوع إلى الإلكترونية إلا إذا تواجدوا خارج البلاد، فيما خالفهم قلة حيث يتوجهون نحو الصحف الإلكترونية لحداثة الأخبار ولتمتعها بالصوت والصورة والفيديو الموثق في بعض الأحيان.
توجد في الأردن ثماني صحف يومية أقدمها الدستور التي تأسست سنة 1967 وتساهم فيها الحكومة بنسبة 30 %، والرأي وجوردان تايمز التي تصدر باللغة الإنجليزية، وتبلغ نسبة مساهمة الحكومة فيهما 56 % وخمس صحف مستقلة، وهي: الغد، والعرب اليوم، والسبيل، والأنباط، والديار.
– البيان