دخلت الأزمة التي يشهدها العراق منعطفاً جديداً أمس، حيث أعلن مبعوث عشائري من قبل رئيس الحكومة نوري المالكي، أن الأخير وافق على جميع مطالب المتظاهرين في ساحة الاعتصام بالأنبار في حين ردت عشائر الأنبار بعدم ثقتها بوعود المالكي وطالبت بتغييره، تزامناً مع تظاهرات غمر بها المالكي بغداد ومدن الجنوب دعماً له، وبعد إغلاق منفذ طريبيل الحدودي مع الأردن قبل أيام أعلنت السلطات العراقية إغلاق منفذي الوليد وربيعة مع سوريا بدأً من اليوم، فيما تواصلت الاجتماعات السياسية بين قادة الكتل للبحث عن مخرج من الأزمة والوصول إلى توافق بشأن عدة قوانين مهمة ومنها قانون العفو العام الذي سيصوت عليه البرلمان غداً الاثنين.

وأفادت تقارير إعلامية أمس، أن وفدا عشائريا مبعوثا من قبل المالكي برئاسة الشيخ سعد نعيم الركابي، رئيس ائتلاف الوطني لعشائر العراق، وصل إلى ساحة الاعتصام في الأنبار بعد منتصف ليل الجمعة، من أجل المساهمة بحل الأزمة بين الحكومة المركزية والأنبار.

وبحسب موقع «المدى برس» قال الركابي لممثلي عشائر الأنبار المرابطين في ساحة الاعتصام إن «رئيس الوزراء نوري المالكي وافق على جميع المطالب التي قدمها المتظاهرون في الأنبار، وأن مطالبهم شرعية وقد كفلها الدستور العراقي لهم». وأضاف الركابي إن «رئيس الوزراء يرحب بجميع المطالب وإنه مع أهل الأنبار في مطالبهم وسوف يباشر بتنفيذها بأسرع وقت ممكن». لكن ممثلي العشائر ردوا على ما حمله الركابي بتأكيد أن «مطالب المتظاهرين لم تعد هماً».

وقال أمير قبائل الدليم الشيخ علي حاتم السلميان، الذي تحدث نيابة عن شيوخ العشائر الممثلة في ساحة الاعتصام مخاطبا الشيخ الركابي: «إننا نرحب بكم كعشائر في ساحة الاعتصام، ولكننا نرفض هذا القرار من رئيس الوزراء لأنه استهان بالأنبار أربع مرات وقلل من شأنها». وبين السليمان أن «دليل عدم جدية الحكومة بحل الأزمة هو البدء بالتحشيد الطائفي تجاه المتظاهرين»، وتابع مؤكداً: «وبناء على هذا فإن المطالب لم تعد همنا بعد اليوم، وإن المطلب الأول والأخير بات إسقاط الحكومة في بغداد وتغيير رئيس الوزراء».

مسيرات مؤيدة

في المقابل، شهدت بغداد ومدن العراق الجنوبية أمس، تظاهرات حاشدة مؤيدة للمالكي، ورافضة لمطالب معتصمي الأنبار بإلغاء مواد وقوانين المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) والمواد الخاصة بالإرهاب.

وانطلقت في ساحة التحرير وسط بغداد وعدد من مدن الجنوب، تظاهرات مؤيدة للمالكي ومنددة بالطائفية وبمحاولات إثارة الفتن بين مكونات الشعب العراقي.

ورفع المتظاهرون في بغداد شعارات ورددوا هتافات تندد بالطائفية والطائفيين، وتدعو الحكومة إلى رفض الدعوات إلى إلغاء قانون المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث) وقانون «مكافحة الإرهاب»، مشددة على رفض أي دعوة لتقسيم العراق أو بث الفتن بين مكوناته.

وقد أحيطت التظاهرة التي أطلق عليها اسم «مظاهرة التضامن» والتي شارك فيها مواطنون قدموا من بغداد وعدة محافظات بوسط العراق وجنوبه، بتدابير أمنية مشدّدة حيث تم قطع جسر الجمهورية الذي يربط بين ساحة التحرير والمنطقة الخضراء الحصينة.

إلى ذلك، أعلن نائب رئيس مجلس محافظة الأنبار، سعدون عبيد الشعلان، إن الحكومة المركزية قررت إغلاق منفذ الوليد الحدودي مع سوريا في محافظة الأنبار، ومنفذ ربيعة مع سوريا في محافظة نينوى، ابتداء من اليوم الأحد.

ودعا في تصريح صحفي، إلى الإسراع بإدخال الشاحنات والمسافرين قبل موعد إغلاق المنفذين، مشيرا إلى أن محافظ الأنبار قاسم محمد الفهداوي سيحاول التدخل والاتصال برئيس الوزراء من أجل العدول عن هذا القرار أو إيجاد بدائل أو استثناءات.

حراك سياسي

وفي تطورات الحراك السياسي لحل الأزمة، أعلن التحالف الوطني، عن اتفاقه مع القائمة العراقية على الابتعاد عن تأزيم العلاقة بين البرلمان والحكومة، ودفعهما إلى الاستجابة لمطالب المواطنين المشروعة، فضلا عن إطلاق مبادرة لتحقيق لقاء موسع.

وقال رئيس التحالف إبراهيم الجعفري في بيان صدر عقب لقائه بوفد من قياديي القائمة العراقية، إنه «جرت خلال اللقاء مناقشة الوضع السياسي العراقي، والتظاهرات التي تشهدها بعض المحافظات»، مؤكدا أنه «اتفق مع وفد العراقية على الابتعاد عن كلِّ ما من شأنه تأزيم العلاقة بين مجلس النواب والحكومة، ودفعهما نحو تقديم الخدمات إلى المواطنين، والاستجابة لمطالبهم المشروعة».

قانون العفو العام

في السياق، عقد رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، اجتماعا مع رؤساء الكتل البرلمانية للاتفاق على قانوني المحكمة الاتحادية والعفو العام، بعد رفع جلسة البرلمان المقرر عقدها إلى يوم غد الاثنين. وقال مقرر مجلس النواب محمد الخالدي، إن «رئيس مجلس النواب عقد، اجتماعا مع رؤساء الكتل البرلمانية لمناقشة قانوني العفو العام والمحكمة الاتحادية والاتفاق على التصويت عليهما بأسرع وقت ممكن». وأضاف الخالدي إن «الاجتماع حضره رؤساء كتلة ائتلاف دولة القانون خالد العطية وكتلة العراقية سلمان الجميلي وكتلة الأحرار بهاء الأعرجي والنائب عن العراقية حيدر الملا ونواب كرد وعرب عن محافظة كركوك».

وقرر رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، أمس السبت، تأجيل جلسة البرلمان إلى يوم الاثنين لفسح المجال أمام الكتل السياسية للاتفاق على قانوني العفو العام والمحكمة الاتحادية. يذكر أن مجلس النواب العراقي أجل أكثر من مرة التصويت على قانوني العفو والمحكمة الاتحادية بسبب الخلافات السياسية على بعض بنودهما، كان آخرها يوم الخميس الماضي.

انتحار قائمقام

كشفت مصادر أمنية ومسؤولون محليون عراقيون أمس، عن انتحار قائمقام قضاء شيخان، المتنازع عليها شمال العراق.

وقال مصدر أمني عراقي كردي إن «قائمقام قضاء شيخان حسو نرمو، من الطائفة اليزيدية، انتحر بإطلاق النار على نفسه داخل منزله». وأضاف إن «نرمو (51 عاما) العضو في الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة رئيس الاقليم مسعود بارزاني) توفي بعد وصوله إلى المستشفى» دون الاشارة لتفاصيل أكثر.

وأكد مصدر في الحزب الديمقراطي الكردستاني، وفاة نرمو، الذي كان قد تولى منصب قائمقام الشيخان منذ عامين تقريبا. وكان نرمو قد عاد من زيارة لعائلته في ألمانيا قبل أيام، وفقا للمصدر.

ويعد قضاء شيخان من المناطق المتنازع عليها بين حكومتي بغداد وإقليم كردستان العراق. وسبق أن قام قائمقام مدينة السليمانية، زانا حمه صالح، بالانتحار داخل سجن لاعتقاله بتهمة الرشوة، بخنق نفسه بحبل، منتصف أبريل 2012. بغداد- يو. بي. آي

– البيان