علي أبو الريش

هكذا يفهم العقل الإنساني، حين يفسر التطرف، فعلى مر العصور والدهور، تبتلى الأمم بشواذ، يجدفون ويحرفون ويسفون ويغرفون من مستنقعات الخيال، فيتيهون في منافي الغي والطغيان ويكبدون الإنسانية خسائر فادحة، في البشر والشجر والحجر، ويهدمون منجزات ويدمرون مكتسبات ويعبثون بحضارات، ويحطمون ويهشمون، ويفتكون، ويغرقون الأرض بهرطقات وافتراءات، وهراءات، ويدعون أنهم أوصياء على الفكر، حكماء في البصيرة والبصر.. اليوم وبعد أن بلغ الغث والرث مبلغ العدمية، وبعد أن طافت أقدام السفاحين على رقاب البشر، وطوقت أكاذيبهم الأعناق والأحداق والأشواق، لابد للبشرية أن تقف موقف الحزم والجزم، وأن تحسم أمرها، لتواجه من يمول ويعدل الطريق لقتلة فجار، باتوا على مرمى بصر من أي عنق أو حدث، لابد وأن تقطع البشرية دابر الانحيازات، لمصالح مؤقتة وأن ترمي بحقائب السفر المستعجلة إلى تضاريس البهتان وأن تعي أن الخطر داهم وأن النذر تتفاقم، ولا مجال للنظر إلى تحت القدمين فقط.. ما يجري في العالم العربي والإسلامي، يؤكد أن السبب الأساسي لانتشار الإرهاب هو هذا العقل الضحل والنظرة الضيقة للأمور، وأن الحريق الذي شب في بيت الجيران لابد وأن تصل ألسنته إلى آخر زقاق، إذا لم يستيقظ المغفلون ويرمون بشباك الاصطياد في قاع صفصف.. فالإرهاب كائن شرير وأعمى، فلا يعرف صديقاً ولا رفيق درب أو مصالح، ومن منطلق كهذا، أخذت الإمارات موقفها الحاسم، في مجابهة آفة العصر، ولم تتوان أبداً في تسخير الإمكانات كافة للقضاء على جذور وبذور من ساموا النفس رخيصة من أجل وهم، وغم وسقم.. الإمارات بوعي قيادة رشيدة، تضع مصالح الوطن والإنسانية، في معيار واحد، أنذرت وقدرت من قبل أن الإرهاب، فكرة شيطانية، لابد من مقاومتها ودحرها، لأجل إخلال الكون من أشد أمراض العصر فظاظة وأقساها على الإنسانية.. الإمارات، فتحت نوافذ الخير لكل عقل فعّال وأمطرت النفوس، بغيث الانفتاح على العالم والفكر، وواجهت كل ذي عقل مريب بصرامة وصلابة، لأنه لا مجال لتحييد الإرادة أمام فكر جهنمي غاشم لا يعرف ذمة ولا يراعي ضميراً.. الإمارات التي وضعت العدل مقياساً للحكم، والمساواة معياراً للتحكم، فأمن شعبها شر الحاقدين، وحقد الكارهين، حتى أينعت أشجار الحب، وأثمرت مجتمعاً آمناً مستقراً، مطمئناً، يذهب بالمنجز الحضاري نحو آفاق رحبة وخصبة، يذهب بالحياة، نحو حقول السعادة، يذهب بالإنسان نحو التطور والازدهار، وتحقيق الأمنيات بفخر واعتزاز، كونه ينتمي إلى بلد تسعى دائماً إلى نبذ الفرقة، والابتعاد إلى كل ما ينغص، ويعكر الصفو، بلد تجاهد دوماً إلى لمِّ شمل الأشقاء والأصدقاء، إلى كلمة سواء، تذهب عنهم الشقاء والعناء.. هذه هي الإمارات بلد ملاحم العشق العظيم..
– الاتحاد