سامي الريامي

جميل جداً ذلك التقدير المجتمعي الذي يحصل عليه الطلاب والمتقاعدون في كثير من الدول الأوروبية، وفي الولايات المتحدة الأميركية، لا أظنه مفروضاً من قبل الحكومات بقدر ما هو مبادرات مجتمعية من القطاعات التجارية والترفيهية المختلفة.

لا يمكن أبداً أن يحصل الطالب على سعر مشابه للسعر الذي يحصل عليه الشخص العادي عند دخوله لأي مكتبة، أو محل لبيع برامج الكمبيوتر، أو أجهزة الحاسب الآلي، أو أي من الأشياء التي يمكنها تسهيل مهمته طالباً للعلم، والمسألة ليست محصورة في طلبة الدولة فقط، بل طلاب العالم أجمع، كل ما عليه أن يثبت ببطاقته أنه مازال طالباً!

والأمر كذلك بالنسبة للمتقاعدين، فلهم هناك كل تقدير وتفضيل، ولهم مميزاتهم وأسعارهم الخاصة في كل شيء، عند الحدائق، وعند تذاكر السفر، وفي المراكز التجارية والأسواق ومحال بيع المواد الغذائية، أحياناً كثيرة لهم مكانهم الخاص، للدرجة التي يمكن فيها أن تتمنى أن تكون متقاعداً لتحصل على مزاياهم!

إنها ثقافة عامة ربما ترسخت عبر سنوات طويلة، لكنها الآن وصلت إلى درجة التميز والرقي الفكري والأدبي والاجتماعي، يتحمل من خلاله التجار، عن قناعة تامة، أهمية تقدير فئات من المجتمع جزءاً من المسؤولية الاجتماعية، وتشجعهم على ذلك الحكومات بأساليب مختلفة، والمستفيد من هذا كله هو مجتمع بأسره، صحيح أن الاستفادة المباشرة تعود على فئتين، لكن آثارها غير المباشرة تعود على كل من له علاقة بهاتين الفئتين، باختصار المجتمع بأسره!

نحتاج من دون شك إلى مبادرات من هذا النوع، ربما لن يكون التنفيذ هنا سهلاً مقارنة بأوروبا، ندرك ذلك، ولكن محاولات في هذا الاتجاه لابد أن تلقى تفاعلاً وصدى جيدين، ولربما تعزز مثل هذه الثقافة مستقبلاً لتتطور وتنتشر مستقبلاً.

مبادرات من هذا النوع لاشك أنها ستؤثر إيجابياً في تحصيل الطلبة العلمي، فتجعلهم أكثر قرباً من الحصول على التقنيات والبرامج والكتب التي يحتاجون إليها، بعد أن يحصلوا على أسعار تفضيلية تخفف الثقل عن أولياء أمورهم، خصوصاً في مراحل الدراسة الجامعية، التي تكسر متطلباتها ظهور الكثير.

وأسعار تفضيلية في مختلف متطلبات واحتياجات الحياة ضرورة قصوى للمتقاعدين، الذين يعانون بعد فترة من نسيان المجتمع لهم ولماضيهم ولخدماتهم، صحيح أنهم يتقاضون معاشات تقاعدية، لكنها بالتأكيد لا تكفيهم في ظل تصاعد الأسعار المستمر في كل شيء وكل وقت.

المعاش التقاعدي ثابت لا يتغير، حتى في بند العلاوة المخصصة للأطفال، فأطفال ما بعد التقاعد لا شيء لهم، مع أنها تسمى علاوة أطفال ولا دخل بوضع الأب الحالي فيها، والأسواق ومتطلبات الحياة لا ترحمان، والحكومة أيضاً لا تستطيع زيادة هذه الرواتب كل سنة، وتالياً فإن جزءاً من حل هذه المشكلة هو أن يتحمل التجار والقطاع الخاص مسؤولية توفير أفضليات ومزايا سعرية مخفضة لهذه الفئة، فهم يستحقون ذلك وأكثر، والتجار أيضاً مستفيدون من ذلك من دون شك، والقصة كلها تغيير في هامش ربح لا أكثر

– عن الامارات اليوم