فاطمة ماجد السري

دبي دانة الدنيا، أحبها وعشقها الملايين، وفي ترابها ألقوا القصائد وفي أجوائها تغنى الملحنون، ومن خلال هذا الحب والعشق تكونت دبي لتضيف إلى جمالها وتصبح أكثر جمالاً يوماً بعد يوم.

ولا يمضي يوم أو ساعة لم تشهد فيها دانة الدنيا إنجازاً يخلد ذكراها في تاريخ المعجزات. على هذا النمط تدرجت دبي للحصول على الأوصاف التي قيلت فيها وفي عهد بانيها، وهي تسمو في ظل أمجادها ولا تتجزأ عن دولة الإمارات العربية المتحدة.

ولم تنهض دبي من فراغ، بل كان وراءها المهندس والباني الذي وضع لها أسس الحداثة، المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ،طيب الله ثراه، الذي كان يفكر للمستقبل البعيد، ومن هذه الرؤية نسجت الخيوط لعمل لوحة دبي الجديدة، في رؤيه باتت عالميه ويشهد بها القاصي قبل الداني، وينفق عليها السائح لكي يحصل ولو على المشاهد البسيطة من مطارها الدولي.

وهذا هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي أذهل العالم بمعجزة القرن دبي دانة الدنيا، منذ أن تولى سموه مقاليد الحكم في الرابع من يناير عام 2006.

يعجز القول في وصف دبي، فالكثير من الاوصاف والألقاب حصدتها دبي منذ أن حكمها آل مكتوم الكرام في عام 1833، وباتت تنعم باستقطاب الزائرين والتجار من أصقاع المعمورة.

ولفتت الأنظار يوماً بعد يوم. وخلال الألفية الجديدة أعطاها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بأنامله ومن نسيج أفكاره ولمساته الهندسية ورؤيته الاستراتيجية، هذه الصورة التي أذهلت العالم في كيفية حصول هذه المدينة على المركز الأول في أغلب المجالات، ولكن سموه كان يصر على هذا المركز ويطالب العاملين في حكومة دبي بالإصرار للحصول على هذا المركز، ليس لدبي فحسب وإنما للإمارات العربية المتحدة ككل.

وقد رصد العديد من الكتاب والصحفيين تطور الإمارات، وكانت مجلة “العربي” الكويتية قد شاركت في هذا الرصد، وقد سافر كل من الصحفي سليم زبال والمصور أوسكار متري إلى الإمارات السبع، التي كانت تشهد العديد من التطورات والسباق في زمن كان التطور فيه من شبه المستحيلات، وقد برزت دبي في تجارتها التي لاحظها سليم زبال عند زيارته لها في عام 1960.

حيث كتب حينها: إن تجار دبي الأثرياء جلبوا بعض مولدات الكهرباء التي تعمل بالديزل لإنارة دورهم وإنارة “سينما الوطن” التي كانت السينما الوحيدة في الإمارات، وعندما رأى رجل الأعمال ناصر السركال تهافت الجمهور على شراء الكهرباء من مولدات التجار، أسس شركة باعت الكهرباء بتسعيره غريبة: خمس روبيات شهريا عن كل مصباح في البيت قوته 40 شمعة فقط.

وإذا كانت في المنزل مروحة فإيجارها يكون 10 روبيات أخرى شهرياً، ولكن الويل لك إذا استعملت الثلاجات أو المكيفات أو أي آلة كهربائية أخرى، فهي ممنوعه تماماً، وإذا استعملتها فإنها سرعان ما ستحترق لأن قوة التيار الكهربائي لم تكن ثابتة، بل متذبذبة بين ارتفاع وانخفاض.

ويضيف زبال: وقد أخبرني الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم حاكم دبي، أن الكهرباء ستشع في دبي مع نهاية هذه السنة (1960)، بعد أن أسست شركة كهرباء مساهمة أهلية حكومية رأس مالها ثلاثة ملايين روبية.

وفي هذه الأيام التي تعيش فيها دبي في عهد محمد بن راشد، أصبحت في هذا المجال، بعد أن كانت بلا كهرباء، تستخدم الطاقة البديلة والخضراء، وتسعى إلى الطاقة الشمسية وإطلاق الأقمار الصناعية، بخلاف الخطط الاستراتيجية التي جعلت رؤية صاحب السمو الشيخ محمد، تقفز في سنوات قليله لتصبح في المراكز الأولى، وتتنافس مع كبريات مدن العالم للحفاظ على هذه المواقع.

وبينما تزهو دبي بين مثيلاتها من مدن العالم، فإنها تظل جزءاً لا يتجزأ من دولة الإمارات ودول مجلس التعاون، وأي تصور تضعه للمستقبل يظل حريصا على الصورة الإيجابية العربية والخليجية. وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، يركز على هذه النقطة، ورؤيته السديدة التي يضعها بين الحين والآخر، تركز على مبدأ الإنسان قبل المكان، وأن المواطن والمقيم يجب أن يعيشا في رغد وأمن وأمان.

وهذا ما دعا سموه إلى إعطاء دبي صفة أن تواصل الليل مع النهار، في مبادرة أعطت للسائح والزائر والمقيم فرصة افتتاح الأسواق والمولات ليلاً ونهاراً، وكتب عنها في تويتر وطلب من زوار دبي أن يستمتعوا بهذه المبادرة، وكانت مبادرة حكيمة من رجل حكيم، أعطى لدبي فرصة أن تعيش في أجواء تجمع بين الليل والنهار.

ومن هذا المنطلق فقد ذهبت في رحلة إلى مناطق دبي المختلفة، بدءا من الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل إلى أذان الفجر، وقد كانت من أروع الليالي التي قضيتها في أجواء جمعت بين هدوء المكان وصخب الناس التي لم تتعود على هذه الأجواء، بكل ما تحمله من أمن وأمان، والغيوم تسبح في أجواء لطيفه وتمر على برج خليفة.

بينما مترو دبي يقطع هدوء المدينة في سباق مع الزمن، ولؤلؤة الخليج تزهو بأنوارها مشكلة نخلة ضاربة عروقها في مياه الخليج، وأمواجها بين المد والجزر تحكي عن التاريخ العريق لهذه الأرض، فتبهج المواطن والمقيم، وتنشر البسمة على وجوه السياح كلما وصلت طيران الإمارات إلى مبنى مطار دبي الدولي.