محمد البادع

هل بالإمكان أن نختلف حول خطيئة كوزمين؟.. أعتقد أنه لا مجال لذلك، فحين يكون الخطأ بهذا القدر، وحين ينال المدرب الروماني ويسخر من كرة الإمارات في كيان العين، لا وقت إلا للاتفاق، وهذا ليس الواجب في تلك الحالة بعينها، لكنه واجب دائم تجاه أي مدرب أو لاعب أو غيرهما، يظن أنه أكبر من كرة الإمارات، ويسمح لنفسه بالسخرية منها، وزاويتنا تلك شاهدة على الكثير من الحالات، تصدينا فيها لمحاولات خروج عن النص، لم نرتضها على أنديتنا ولا كرتنا ولا جماهيرنا، وواجهناها بكل حسم وحزم.
أدرك أن للجماهير عقليتها المختلفة، التي تتحرك مداً أو جزراً ورفضاً وقبولاً بهدف أو انتصار ونقطة أو ثلاث، لكن حتى هذا الشغف بالانتصارات، لا يمكن أن يكون له اعتبار أمام الخطأ، وعندها لابد أن تتفق الجماهير هي الأخرى.
مر على دورينا الكثير من المدربين واللاعبين، وسيمر المئات، مادام أن الكرة تدور، وماداما أن في العمر بقية، ولكن المُثل والمبادئ، يجب أن ننظر إليها بمعزل عن البساط الأخضر، وعن الشباك، وعن لغة الأهداف والنقاط، لأنه لا وزن لكل ذلك أمام الخطأ والاستهزاء برمز من رموز الكرة الإماراتية، هو نادي العين، لاسيما أن ما قاله كوزمين، لم يكن خاصاً بشأن فني، ولا برؤية تكتيكية، وإنما كان كلاماً مجرداً من كل هذا، حاول النيل من قلعة ومؤسسة كبيرة بحجم نادي العين.
في كل دوريات العالم، تحدث المناوشات بين المدربين وبين اللاعبين، وبين الأندية والحكام، ويُنظر إلى ذلك باعتباره من مقبلات الإثارة الكروية، لاسيما إذا كان الشد والجذب في الحدود المسموح بها، لكن «الورطة» التي أوقع كوزمين فيها، أنه لم يتجه إلى قضايا لائحية أو قانونية.. لم يرد على شكوى العين وتغريمه بما يجب أن يرد به، وإنما نال من مكانة العين بتصريحاته غير المسؤولة، والعين كيان كروي تجاري استثماري، له علامته التجارية، وله شخصيته الاعتبارية، وبات من حق مسؤوليه أن يروا أن ضرراً لحقهم من جراء تلك التصريحات، وهذه حقيقة.
قليلون، لم يروا الأمر على حقيقته، وحصروه في زاوية ضيقة، ربما لا وجود لها على الإطلاق في المشكلة، فلا العين هو من استفز كوزمين، ولا هو من بدأ كيل الاتهامات له، والعين حتى الآن يسير في الأمور بهدوء وروية أحسده عليها.. كل ما فعله أنه سلك الطرق القانونية، ولكن ردة فعل المدرب الروماني افتقدت أبجديات التعامل، ففقد التعاطف حتى من أقرب المقربين إليه.
عندما تتكرر أخطاء الإنسان، ويواجه في كل بلد يعمل فيها بالإبعاد أو الاستغناء عن خدماته، لا يمكن أن نلوم الجميع، وإنما عليه أن يدرك أن هناك خللاً ما، والرجل كما يعلم القاصي والداني، غادر السعودية بمشكلة، وبات ممنوعاً من التدريب فيها، وترك قطر بمشكلة، وها هو اليوم، ينسج خيوط مشكلة جديدة، والسبب أنه يريد للأمور أن تمضي على طريقته.. أغرته بطولات حققها بصنع غيره، ليظن أنه فوق الحساب وفوق النقد.
لا يمكن أن نختلف حول الخطأ، ولا أن نجد مبرراً لمن سمح لنفسه بالسخرية من أحد، وإن حدث واختلفنا، فهذا يعني أن هناك خللاً في التفكير، وقصوراً في الرؤية.
كلمة أخيرة:
لا يساند الخطأ إلا المخطئون ولا يدافع عنك إلا من كان على شاكلتك

الاتحاد