شن التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب غارات جوية جديدة أمس مستهدفاً تنظيم «داعش» الذي بات على بعد كيلومترين من أطراف مدينة عين العرب المعروفة بـ «كوباني» في الكردية، وتحديداً في محاذاة الحدود التركية شمال سوريا، في وقت استمرت الاشتباكات الطاحنة طوال الأربعاء والليلة قبل الماضية، بين مسلحي الجماعة الإرهابية ومقاتلي هذه الأقلية السورية الذين يدافعون عن المدينة ببسالة، رافضين الانسحاب رغم قلة عددهم ومحدودية عتادهم، معتبرين المعركة معركة «حياة أو موت».

وذكر المرصد الحقوقي أن مقاتلي «داعش» سيطروا على 325 قرية من أصل 354 قرية تحيط بكوباني في وقت أكدت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاجون» أن الجيش الأميركي لا يمكنه القضاء على «داعش» بعمليات القصف الجوي، كما لا يمكنه اللجوء إلى قصف عشوائي «بشكل أعمى»، داعياً إلى التحلي بـ «صبر استراتيجي» لحين دحر المتطرفين في سوريا والعراق.

وأعلنت القيادة العسكرية الأميركية المكلفة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في بيان أمس، أن مقاتلاتها قصفت مواقع «داعش» حول بلدة عين العرب الكردية للحؤول دون وقوعها في أيدي هذا التنظيم المتطرف مشيراً الى أن مقاتلات أميركية وطائرات من دون طيار وجهت الثلاثاء والأربعاء 3 ضربات جوية على مواقع قرب مدينة عين العرب المتاخمة للحدود التركية، مبينة أن الغارات دمرت آليات عسكرية لمقاتلي التنظيم الإرهابي ومدفعاً ودبابة.

من جهته، قال مدير المرصد السوري الحقوقي، رامي عبد الرحمن، إن قوات التحالف نفذت 5 ضربات جوية على الأقل أمس، مستهدفة مواقع «داعش» على خط المواجهة مع القوات الكردية شرق وجنوب شرق مدينة عين العرب، ثالث أكبر تجمع للأكراد في سوريا وأن 8 متطرفين على الأقل قتلوا جراء ضربات استهدفت دبابتهم شرق المدينة ، مشيراً الى إن مقاتلين أكراد على خط المواجهة، رأوا بأعينهم أجساد مسلحين تتطاير في الهواء.
وأفاد المرصد أن معارك طاحنة دارت ليل الثلاثاء الأربعاء بين إرهابيي التنظيم والقوات الكردية على أطراف كوباني أسفرت عن مقتل 9 مقاتلين أكراد ومتشدد واحد من «داعش».

وتابع المرصد أن «مئات المقاتلين الأكراد يواجهون آلاف المتشددين الذين يملكون المدافع الثقيلة وراجمات صواريخ عيار 220 مم بالإضافة إلى الدبابات، فيما يتكون عتاد الأكراد من بنادق الكلاشينكوف ورشاشات ثقيلة طراز دوشكا وقاذفات ار بي جي».

وقال أحد سكان عين العرب يدعى هنانو محمد، إن المدينة محاصرة من كل الجهات، وإن مقاتلي وحدة الحماية الكردية يقاومون.

وأضاف «المقاتلون الأكراد يريدون أن يتقدم التنظيم بشكل أكبر كي يتمكنوا من استهدافهم بسهولة لأن الميليشيات الكردية لا تملك الدبابات».

ويسعى التنظيم الإرهابي لاحتلال كوباني، ما يمكنه من بسط سيطرته على قطاع طويل من الأراضي دون انقطاع بمحاذاة الحدود مع تركيا.

وأكدت حكومة أنقرة أمس الأول، أن مقاتلي «داعش» اقتربوا من جيب تركي صغير يضم ضريح سليمان شاه جد مؤسس الامبراطورية العثمانية، ويقع على بعد 20 كلم داخل الأراضي السورية و30 كلم جنوب عين العرب.

إلى ذلك، شدد المتحدث باسم البنتاجون الآميرال جون كيربي للصحفيين الليلة قبل الماضية، أن الجيش الأميركي لا يمكنه القضاء على «داعش» بعمليات القصف الجوي، داعياً إلى التحلي بالصبر في محاولاته لدحر الإرهابيين في سوريا والعراق.

وأضاف كيربي : «لم يقل أحد أن الأمر سيكون سهلاً أو سريعاً، ولا أحد يجب أن ينخدع بإحساس موهوم بالأمن من خلال ضربات جوية محددة الهدف».

وتابع «لن نقضي عليهم بالقصف ولا يمكننا أن نفعل بذلك».

وأشار إلى أن مقاتلي «داعش» لم يعودوا يتنقلون بمجموعات كبيرة في العراء بل «يتفرقون» لتحاشي الضربات من الجو.

وأقر بأن التنظيم ما زال يشكل تهديداً وأنه في بعض الحالات استولى على أراض جديدة.

وأوضح أن ضربات جوية فعالة لا تعني أن المتطرفين «لا يحاولون حتى الآن كسب مناطق والسيطرة عليها وينجحون في ذلك في بعض الأحيان»، قائلاً «كنا صادقين جداً بالقول إن التحرك العسكري وحده لن يؤدي إلى انتصار هذا الجهد».

أضاف كيربي «لن نقصف ولا يمكننا أن نقصف بشكل أعمى التنظيم المتطرف»، منتقداً التوقعات غير الواقعية عن الحملة الجوية التي تشنها بلاده وحلفاؤها في سوريا والعراق.

وقال «على الرغم من أننا نتقاسم الشعور بالعجلة تجاه هذا التنظيم، فيجب أن نتقاسم أيضاً شعوراً بالصبر الاستراتيجي».

الاتحاد