سيف الشامسي

لا أدري لماذا، وأنا اتابع قضية البريطانيين الذين يشتكون من تعرضهم للتعذيب على أيدي أفراد شرطة دبي قبل أيام، تبادر إلى ذهني فيلم توم كروز “المهمة المستحيلة” والذي صورت أجزاء منه في دبي، وكعادة الأفلام الغربية في هذه الحالة نقل الفيلم عن المدينة صورة لا تمت للواقع بصلة، وهو يقدمها على أنها مرتع للجمال ويغرقها تحت أطنان من العواصف الرملية الصحراوية التي تقتلع الشجر والبشر من قوتها الهائلة. ربما يكمن السبب في أن كلتا الروايتين، والفيلم والمتهمين البريطانيين ينقلون صورة غير حقيقية عن الواقع، هذا الأمر إذا كان مقبولا في الأفلام والتي تقوم أحداثها على الخيال وافتعال المواقف الغريبة من أجل رفع معدلات الإثارة، فانه بالتأكيد غير مقبول في الحياة الحقيقية وهو يدعو إلى السخرية من أصحابه، ولعل هذا اكثر ما تستحقه رواية التعذيب التي يحاول البريطانيون الثلاثة الموقوفون من قبل شرطة دبي الترويج لها.

القصة لمن لا يعرفها تعود تفاصيلها إلى خبر انتشر في وسائل الإعلام العالمية مؤخرا مفاده أن ثلاثة بريطانيين تعرضوا للضرب والصعق الكهربائي على يد عناصر الشرطة في إمارة دبي، وانتشر خبر اعتقالهم في يوليو الماضي على خلفية اتهامهم بحيازة مخدرات، الأمر الذي نفته الشرطة في الإمارة بشكل كامل. وقال محامي المتهمين إنه اطلع على الانتهاكات “المزعومة”، خلال زيارة تمكن خلالها من إجراء لقاء غير رسمي مع موكليه. وأوضح أن الانتهاكات جرت في غرفة بفندق يقع في منطقة صحراوية، ونقل بيان لمنظمة حقوقية عن أحد المتهمين قوله “أذكر أن رجال الشرطة وضعوا منشفة على عيني كي لا أتمكن من الرؤية، ورددوا أمامي أنني سأموت. وبعدها أزاحوا المنشفة عن وجهي فرأيت مسدسا مصوبا إلى رأسي، وبدأت عندها أعتقد بالفعل أنني سأموت في تلك الغرفة”. ويواصل بعدها عمد عناصر الشرطة إلى صعقه بالكهرباء. وزعمت المنظمة نفسها أن الموقوفين الثلاثة، أرغموا على توقيع وثائق باللغة العربية، دون توفر ترجمة لها، بعد تعرضهم للضرب المتكرر. ورواية تفاصيلها توحي أنها مأخوذة من فيلم بوليسي عرض مرارا وتكرارا، فندق في الصحراء وصعق بالكهرباء ووضع مناشف على العين ومسدس مصوب على الرأس وتهديد بالموت، وطرق تعذيب من النوع الذي نقرأ عنها في أخبار معتقل جوانتنامو وليس عن شرطة دبي. ولكن مع ذلك القصة حققت انتشارا إعلاميا لأن مواضيع الاضطهاد وروايات التعذيب وتجاوز الحقوق التي يتعرض لها المواطن الغربي في الخارج تظل من المواضيع المفضلة في الصحافة الغربية، بصرف النظر عن مدى صحة هذه الروايات من عدمها، ولكن مع ذلك هذا الانتشار سرعان ما سيتراجع عندما تظهر الحقيقة بأن القصة مأخوذة من فيلم هندي.

-الاتحاد