فضيلة المعيني

لو كان تعامل كل السلطات التي لها صفة الرقابة والضبط، بنفس حزم هيئة صحة أبوظبي التي لم تتساهل مع إحدى العيادات في مدينة العين، وقررت إغلاقها وإحالة ملفها إلى النيابة العامة وإلغاء تراخيص العاملين فيها، لكان الوضع أحسن حالًا ولتوقفت حالات العبث التي يشهدها معظم القطاعات.

ولعل المهم في أمر هذه الخطوة التي أقدمت عليها “صحة أبوظبي”، هو أنها جاءت نتيجة تدقيق داخلي على ملفات المنشآت التي تقع ضمن اختصاصها، ولم يكن على خلفية كارثة وقعت في العيادة أو خطأ خلف ضحايا، كما هو الحال في معظم الإجراءات والعقوبات التي توقع ضد المخالفين، ولا تأتي إلا كردود أفعال لأفعال يقدم عليها البعض.

تجاوزات ومخالفات بآلاف الأطنان تقع في كل مكان؛ في المستشفيات ومراكز الصحة ومراكز التجميل والمراكز التجارية وغيرها..

يفعل البعض ما يحلو له ويتصرف كل في مجاله وفق ما يشاء، وكأنه لا حسيب ولا رقيب على ممارساتهم التي تخالف الأصول والقيم، وتقترب من مبدأ التربح بأي شكل أو أسلوب. محلات العطارة والأعشاب الطبية التي تبيع كل أنواع الأعشاب، ومعها الأوهام، وصلت حد بيع حبات “الودع”..

وحين تسأل عن فوائده واستعمالاته وطالبيه، يأتيك الرد المفجع بأنه يستخدم لأعمال السحر والشعوذة “السوا”، أما من يطلبه فهن نساء عربيات ينتمين لجنسية دولة بعينها.

وزارة الصحة تعترف بوجود تجاوز في هذه المحلات، وتقر بوجود الكثير مما يجب إيقافه، لكن الأمر لا يقع ضمن اختصاصها، فالمسؤولية عنها تتبع البلديات.

إدارة حماية المستهلك تبذل جهداً لوقف التسيب في السوق، وتحاول فرض سيطرة على الأسعار لمنع الاستغلال والتلاعب بها، لكن نظرة واحدة على الأسعار التي تتغير كل شهر في المحلات الواقعة في “المولات” والمراكز التجارية، تؤكد أن كلاً يعمل وفق هواه وحسب ما يشتهي. وليت هذه الزيادات بواقع 5 أو 10 دراهم، بل ما يزيد على 50 درهماً.. ترفض وتعترض، يأتيك الرد الجريء بأن الزيادة من الإدارة العليا للمحل وأدخلت على “السيستم” لتشمل كل الفروع، أما عن مبررات هذه الزيادة المفرطة فلا رد، شئت أم أبيت هذا هو الموجود.

تتركهم لتسوقك قدماك إلى محل آخر يضع على يمين الصندوق لوحة تشير إلى حصولك على قسائم مشتريات بقيمة 250 درهماً إذا وصلت قيمة مشترياتك 1250 درهماً.. تسعد بهذه الهدية وتحاول اختيار ما يقع ضمن هذا المبلغ، لتفاجأ بأنه لا شيء بهذا المبلغ، فالمعروض في المحل يبدأ سعره من 500 درهم. إذاً، هي دعوة أو دفع المشتري لإنفاق المزيد، وبالتالي فهو نوع آخر من الاحتيال الذي لا يحاسب عليه فاعله. أما ما يحدث في مراكز التجميل فحدث ولا حرج، فهي أشبه بمقاطعات كل الحقوق فيها ضائعة، بل لا حق من أي نوع للداخل إليها.

إلى قطاع آخر، ولتكن مدرسة خاصة تتلاعب في مناهج التربية الإسلامية المعدة سلفاً من قبل وزارة التربية، وتأتي بمنهاج آخر فيه من المغالطات أكثرها وإساءة إلى بعض الخلفاء الراشدين.. تشتكي ولية أمر لدى المنطقة التعليمية التي تقع المدرسة ضمن اختصاصها، وتتأكد من صحة الشكوى ثم تكتفي “بتنبيه” صاحب المدرسة.

– عن البيان