قصف الجيش السوري الحر أمس قصراً للرئيس بشار الأسد في دمشق، في تطور لافت أربك صفوف النظام الذي أقرت وسائل إعلامه – في اعتراف نادر- بوقوع القصف الذي «أحدث أضراراً مادية فقط» بحسب وكالة الأنباء الرسمية، فيما شنت القوات الموالية للنظام هجوما صاروخياً عنيفاً على حي سكني في ضواحي مدينة حلب، أسفرت عن مقتل وفقدان نحو 45 شخصاً مستخدماً للمرة الثانية في غضون أسبوع صاروخ «سكود» في قصف حلب.

وقال ناشطون إن الجيش الحر أطلق عدة قذائف صاروخية على قصر تشرين الرئاسي في دمشق. ونقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول قوله ان قذيفتي هاون سقطتا بالقرب من قصر تشرين الرئاسي في دمشق وتسببتا باضرار مادية. وأضاف: «القذيفتان سقطتا باتجاه السور الجنوبي لقصر تشرين واسفرتا عن اضرار مادية فقط».

واوضحت الوكالة ان القذيفتين من طراز «هاون اطلقهما ارهابيون بالقرب من مشفيي الاطفال والمواساة بدمشق من دون ان تسفرا عن وقوع ضحايا». ويبعد سور قصر تشرين المعروف ايضا بقصر الضيافة كونه يستخدم لاستقبال كبار زوار سوريا الرسميين، مئات الامتار عن المشفيين. ويوجد ثلاثة قصور رئاسية في دمشق، احدهما هو قصر الشعب المعروف ايضا بقصر المهاجرين وموقعه على جبل قاسيون المطل على قصر تشرين، والثالث هو قصر الروضة الذي توجد فيه المكاتب الرئاسية.

قصف بـ«سكود»

وقال ناشطون من المعارضة السورية إن هجوما صاروخيا شنه الجيش الموالي للنظام على حي واقع تحت سيطرة المعارضة في مدينة حلب أسفر عن سقوط 20 قتيلا على الأقل و25 مفقودا. واضافوا إنه تم التعرف على الصاروخ من بقاياه وهو من طراز «سكود».

وقال محمد نور هاتفيا من حلب: «أسقط الصاروخ ثلاثة مبان متجاورة في حي جبل بدرو. يجري استخراج الجثث تدريجيا. البعض وبينهم أطفال لفظوا أنفاسهم الأخيرة في المستشفيات». وتابع إن رواية ناجين تشير إلى أن 25 شخصا آخر ما زالوا تحت الأنقاض. وقال أبو مجاهد وهو عضو في «شبكة شام» الإخبارية المعارضة في حلب إن المعارضين كانوا موجودين في جبل بدرو إلا أن الجزء الشرقي من المدينة ليست له أهمية استراتيجية كبيرة.

وأضاف: «جبل بدرو مع المعارضة منذ شهور وكانت الحياة طبيعية في الحي. كانت المتاجر مفتوحة والناس يذهبون إلى أعمالهم.. إن استخدام سلاح فتاك مثل صواريخ سكود يهدف إلى إثارة الغضب من الجيش السوري الحر (المعارض) وتقويض قاعدة التأييد الشعبي الذي يحظى به».

والسبت الماضي قصف النظام حي مساكن هنانو بصاروخ قال ناشطون إنه كان من طراز «سكود» بعد معاينة بعض شظاياه من ضباط منشقين.

إلى ذلك، قال مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» ان «ارتالا من القوات النظامية تتجه الى حلب من جهة الشرق قادمة من وسط سوريا، وقد وصلت الى بلدة تلعرن جنوب شرق مدينة حلب».

وافادت الهيئة العامة للثورة السورية عن «اشتباكات بين الجيشين الحر والنظامي في قرية تلعرن» القريبة من مدينة السفيرة قبل قليل. واشار المرصد الى ان الهدف من التعزيزات الحؤول دون سقوط مطار حلب الدولي، ثاني اكبر المطارات السورية المقفل منذ الاول من يناير الماضي امام حركة الملاحة بسبب المعارك حوله، في ايدي المقاتلين المعارضين.

«التيفوئيد» يتفشى على مجرى نهر الفُرات

أعلنت منظمة الصحة العالمية أمس أن مرض «التيفوئيد» تتفشى على نهر الفرات في سوريا بسبب المياه الملوثة التي يستخدمها السكان للشرب، في تحدٍ جديد يضاف إلى أعباء السوريين الذين يواجهون حملة عسكرية عنيفة من قوات النظام شردت الملايين حيث افادت ارقام للأمم المتحدة ان اكثر من اربعة ملايين شخص بحاجة للمساعدة في سوريا.

وقالت منظمة الصحة العالمية إن مرض «التيفوئيد» تفشى في منطقة تسيطر عليها المعارضة السورية بسبب تناول مياه شرب ملوثة من نهر الفرات. وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة ان عددا يقدر بنحو 2500 شخص في محافظة دير الزور بشمال شرق سوريا اصيبوا بالمرض المعدي الذي يسبب الاسهال ويمكن ان يصبح قاتلاً.

وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا اليزابيث هوف لوكالة «رويترز» بالتليفون: «لا يوجد ما يكفي من الوقود أو الكهرباء لتشغيل المضخات ولذلك يشرب الناس المياه من نهر الفرات الذي اصبح ملوثا ربما بمياه الصرف الصحي».

ولم تؤكد منظمة الصحة العالمية تقارير عن حدوث وفيات حتى الان جراء الاصابة بـ«التيفوئيد» . وحمى «التيفوئيد» عدوى تصيب الامعاء ومجرى الدم وتسببها بكتريا السالمونيلا. ويصاب الناس بالمرض بعد تناول أطعمة أو مشروبات خاصة بشخص مصاب أو شرب مياه ملوثة.

الكبد الوبائي

وينتشر مرض الالتهاب الكبدي الوبائي (أ) وهو مرض آخر تنقله المياه الملوثة ويمكن ان يصبح وبائيا في مناطق مثل حلب وادلب وفي المناطق المزدحمة التي تؤوي النازحين في دمشق.

وقالت هـوف: «يحـدث هـذا عـندما ترى شبكات المياه والصرف الصحي منهـارة تمـاما. يشـترك عـدد يتراوح بين 50 و70 شخصا في المراحيـض فـي العديد مـن اماكـن الايواء في دمشق». وينتشر طفيل الليشمانيا – وهو من مسببات أمـراض المناطـق الحارة وينتقل بواسطة ذبابـة الرمـال ويسبب تقرحات بالجلد تشبه الجذام – في سوريا وتوجد الان 14 ألف حالة اصابة في محافظة الحسكة في شمال شرق البلاد وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

في الأثناء، افادت ارقام نشرها مكتب تنسيق الشؤون الانسانية في الامم المتحدة في جنيف ان اكثر من اربعة ملايين شخص بحاجة للمساعدة في سوريا. وهذا الرقم يفوق باربعة اضعاف ما كان عليه قبل عام في مارس 2012 حيث قدر المكتب آنذاك عدد المحتاجين الى مساعدة بمليون شخص.

واوضحت هذه الوكالة الاممية التي تعنى بتنسيق المساعدات الانسانية في سوريا ان الاربعة ملايين شخص يمثلون ما معدله سوري واحد من اصل خمسة.

وأعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن عدد السوريين الذين غادروا بلادهم هربا من الحرب الاهلية تجاوز عتبة الـ850 الفا.

اشتباكات دمشق

في مدينة دمشق، سجلت اشتباكات فجرا بين الجيش الحر والقوات النظامية في مخيم اليرموك (جنوب)، بحسب المرصد الذي افاد بقصف صباحي على حي جوبر في شرق العاصمة.

في الوقت نفسه، تستمر الاشتباكات العنيفة في مدينة داريا في ريف دمشق التي تحاول القوات النظامية منذ ثلاثة اشهر السيطرة عليها