محمد أحمد آل علي

قد تمر على الإنسان سنوات شبابه وهو يعلم ما تعنيه هذه المرحلة في حياته، غير أنه لا يملك العوامل المساعدة لجني ثمارها، فتمضي به السنوات دون أن يحقق جل طموحاته وآماله، ليس خمولاً وكسلاً لكنها سُنة الحياة التي يهب الله فيها خلقه، وبعد هذه الفترة النشطة من عمر الإنسان تأتي فترات متتالية، ضمنها الشيخوخة والمشيب قبل الهرم، فيتذكر الإنسان سنوات شبابه متمنياً عودتها، آملاً أن يعمل ويحقق ما لم يحققه، ومرددا “ألا ليت الشباب يعود يوماً”.
إن الشباب هم عِماد أي أمة من الأمم، وسر نهضتها وبناة حضارتها، وهم حماة الأوطان المدافعون عنها، لأن مرحلة الشباب هي مرحلة النشاط والطاقة والعطاء، فهم بما يتمتعون به من قوة عقلية وبدنية ونفسية، يحملون لواء الدفاع عن الوطن، ويسعون في البناء والتنمية، لقدرتهم على التكّيف مع مستجدات الأمور في مختلف المجالات العلمية والسياسية والاجتماعية، فالمرونة مع الإرادة والعزيمة والمثابرة من أهم خصائص مرحلة الشباب، لذا وصف الله عز وجل هذه المرحلة المتوسطة بالقوة بعد الضعف، قال تعالى (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشبية).
لذا فهم محور كل خير، حيث يعتمد عليهم بعد الله في كل تقدم، فهم ذُخر أي أمة وثروتها التي لا تقدر بثمن. لذلك اعتنى الإسلام بالشباب عناية فائقة، ووجههم نحو البناء والنماء والخير، واهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بالشباب اهتماماً كبيراً، فقد كانوا الفئة الأكثر التي وقفت بجانبه في بداية الدعوة، فأيدوه ونصروه ونشروا دعوة الإسلام في كل مكان.
وتعتبر مرحلة الشباب هي أخصب فترات العمر، ففيها يكتمل تكوين الشخصية، وتوضع اللمسات على توجهات الأفراد وأفكارهم، فهي فترة غالية غلاء الذهب والماس، وكل دقيقة تمر من حياة الإنسان لا تعود مرة أخرى، فإن استُثمرت في خير عادت بالخير، وإن ضاعت هباءً في عبث أو لهو فلا قيمة للحياة حينئذٍ.
لذا نُريد شباباً مخلصاً لدينه وربه، مُحباً لوطنه، فاعلا منتجا.. شبابا لا يبحث عن الأعذار ويصطنعها للهروب من عمله، بل يعملون بلا ملل، ولا يغش في دراسته ولا يقّصر في واجباته، ونُريد منه إنسانا يُحافظ على جهده ووقته وماله، ويستثمر تلك الثروة في بناء شخصيته وخدمة وطنه وتطوير مجتمعه.
– البيان