ميساء راشد غدير

تتنافس القنوات والفضائيات في شهر رمضان الكريم على تقديم أحدث البرامج والمسلسلات التي تتنوع في طبيعتها، وأصبح لدى المشاهد العربي قائمة كبيرة يصعب عليه الاختيار منها لما يمكن أن يشاهده أو يتابعه، لا سيما وأن هناك أعمالاً اتسمت بالنمطية، وابتعد بعضها عن احتياجنا كأفراد، فيما تحول بعضها إلى الممل نتيجة عدم التجديد والتطوير الذي يرتقي بالعمل، لا سيما بعد أن حقق بعض هذه الأعمال نجاحاً ملموساً في أول موسم لها.

ما قلّ ودلّ، أحد البرامج المحلية التي نتابعها في موسمها الثالث. البرنامج توعوي تنموي، يهدف إلى تطوير الذات وتوجيه السلوكيات الفردية نحو قيم اجتماعية إيجابية تسهم في المجتمعات من خلال تطوير الفرد وممارساته، البرنامج يقدم في دقائق، إلا أنه يعرض موضوعاً أو قضية، وقد يعالج مشكلة ربما يواجهها أي فرد منا في الحياة، ليس في الإمارات فحسب، بل في أي مكان في العالم.

قد يعتقد بعضهم أن هذا البرنامج يتشابه مع غيره من البرامج التي تنتشر على شبكات التواصل الاجتماعي، لا سيما قناة اليوتيوب، ولكن ما نجده مختلفاً في هذا البرنامج مراعاته لوقت المشاهد، والعبارات المقتضبة التي يعمد إليها كاتب ومقدم البرنامج بأسلوب يرقى إلى الجميع، ويخاطب نفوسهم تاركاً دلالات وآثاراً في نفوس مشاهديه، أما الأهم من ذلك كله، فهي روح الإبداع التي يكشف عنها البرنامج في أبنائنا المواطنين من أبناء الإمارات، ففريق الإعداد من مقدم البرنامج، متابع النصوص، مدير التسويق، المصور الفوتوغرافي، مغني الشارة، المنتج والمخرج وغيرهم، من الوجوه التي قدمت هذا العمل بفخر وسعادة تستشعرها في كل جزء من أجزاء الحلقة، وفي كل مرة تتابع فيها البرنامج.

هذا البرنامج أخرجنا وأبعدنا عن نمط البرامج المعلبة التي اعتادت بعض المؤسسات على تعريبها والاكتفاء بتغيير وجوه المقدمين فيها، وأوجدنا في وسط عمل يبقى محل فخرنا، لأننا باختصار جسد مفهوم “محلي”، وأكد على مفهوم “التوطين”، وأكد على “التمكين” في المنتج الإعلامي الإماراتي، فهذه الأبعاد الثلاثة تحققت فيه بجدارة، من خلال فريق عمل استطاع أن يطور عمله في الموسم الثالث ويرتقي به، ويتجاوز أي سلبيات لا يمكن أن يخلو منها أي عمل، واستطاع أن يواكب التغييرات التي طرأت على الإعلام، لا سيما الإعلام الجديد، فأبقى الجميع على تواصل مع البرنامج حتى من غير متابعي الشاشة الفضية.

فخورون بشباب ما قل ودلّ، ونتمنى عليهم أن يستثمروا النجاح الذي حققوه في هذا البرنامج، فيبدأوا في ترجمة الحلقات وبثها على قناة “دبي ون” الناطقة بالإنجليزية، وعلى قناة اليوتيوب، ليرى العالم كله كيف أن لدينا طاقات جميلة، بوجودها يصبح إعلامنا الإماراتي جميلاً.

– البيان