فضيلة المعيني

يثمن المجتمع غالياً الجهود الكبيرة التي تبذلها السلطات في منع دخول أطنان السموم والممنوعات والمواد الضارة إلى داخل الدولة، فهذه حبوب مخدرة، وتلك بودرة محشوة بين الأشياء، وثالثة “كبسولات” مخبأة في الأمعاء، ورابعة مواد مغشوشة وغير مطابقة للمواصفات و.. و… حتى وصلنا إلى تهريب ما لا يصدقه العقل ويرفضه المنطق، إذ صعقتنا الأخبار صباح أمس عن محاولة تهريب 1200 من طلاسم السحر والشعوذة بصحبة مسافرين، أحبطتها جمارك دبي وتصدت لتلك المحاولة.

السؤال، لا يتعلق مباشرة بفوائد هذه الطلاسم واستخداماتها، “فالسذج” من الناس كثر ومشجعو هذه الأعمال والممارسات أيضا بالآلاف، إذاً لا عجب من سعي البعض لتهريب هذه الأشياء إلى الدولة، لأنها في النهاية لن تبور وتجد من يشتري ويدفع.. بل السؤال هو؛ ما الذي يدفع “المهربين” للتنشيط عند منافذ الدولة؟ ولماذا تكاثرت علينا هذه السموم والممنوعات؟ ولماذا تكون دولتنا هدفا للمهربين وتجار الجريمة المنظمة لترويج وتسويق كل غث أو محطة عبور له؟ وفي الأمرين سوء كبير وخطر محدق.

فهل هذا هو حال الجميع، والسلطات عندنا ـ مثلا – أنشط من غيرها في إحباط هذه المحاولات، أم أن الآخرين يتكتمون على هذه الأخبار، فنظهر نحن الأكثر إغراقا بالممنوعات؟ أم أن هناك من يستسهل العقوبات التي تتخذ بحق “المهربين” فأمن العقوبة وأساء الأدب ولم يعد هناك ما يدفعه لأن يخشى تطبيق العقوبة المشددة؟

لا شك أن العيون الساهرة تشكل صماماً من الأمان لمنع وصول السموم والمواد الضارة إلى أيدي الناس، لكن ذلك ليس كافيا، فلا بد من تكاتف الجهود المجتمعية في ضبط الممنوعات والابلاغ عن اي شبهة، إلى جانب الجهود التي تقوم بها السلطات المعنية، بما فيها قاعدة بياناتها الشهرية حول حجم المحاولات المحبطة وأنواع ما تم منعه، ومواطن الخلل التي من الممكن أن يستغلها المهربون وتسهل عملهم، وتشكل ثغرة تنفذ من خلالها بعض المحاولات.

وأكثر ما نخشاه أن يكون ما يتم ضبطه مجرد نقطة في بحر هائج يعصف بكل شيء، وتنقل إلينا أمواجه العاتية كل غث لتتلقفه شواطئنا الآمنة، فتصبح هذه الأرض، لا قدر الله، مرتعا للمجرمين الحالمين بالثراء والمكسب الوفير، دون أدنى مراعاة لما يحل بها وبمن فيها من خراب ودمار

– عن البيان