انخرط الوسطاء المصريون والأميركيون في سباق مع الزمن قبل ساعات من نهاية التهدئة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة والتي بدأ سريانها صباح الثلاثاء الماضي لمدة 72 ساعة، في مسعى لإنقاذ وقف النار وتثبيته بشكل دائم، بعد أن نفى المفاوضون الفلسطينيون و«حماس» أمس، أنباء من تل أبيب تحدثت الليلة قبل الماضية، عن هدنة دون شروط وبلا قيد زمني.

وأكد مسؤول مصري أن المباحثات غير المباشرة «مستمرة ولا يزال أمامنا يوم لضمان هذا الأمر»، قائلاً إن أهداف القاهرة هي التوصل إلى استقرار الوضع وتمديد الهدنة بموافقة الطرفين وبدء المفاوضات تجاه عقد اتفاقية دائمة لوقف النار والتخفيف من القيود على الحدود.

بينما أبلغ مصدر أمني مصري أيضاً، وكالة «اسوشيتد برس» أن «حماس» متصلبة في مواقفها، مع تأكيده على أن القيادة المصرية تبنت مطالب الوفد الفلسطيني الموحد، باعتبارها مطالب القيادة الفلسطينية الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وسط أنباء عن تهديد عزام الأحمد رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض بالانسحاب بسبب إصرار الحركة على «بعض النقاط».

كما كشف المصدر المصري نفسه، عن تعنت الجانب الإسرائيلي تجاه مطالب مستحقة وعادلة محاولا الالتفاف عليها بطلبه ترحيل بعض الملفات من النقاش وفرض التزامات فلسطينية اتجاه إسرائيل الأمر الذي قوبل برفض فلسطيني مصري ، مما أدى لتراجع الإسرائيليين عن بعض المواقف والموافقة على بعض المطالب كما طرحها الوفد الموحد، طالباً مراجعة تل أبيب.

وفي وقت متأخر الليلة قبل الماضية، أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أن قطاع غزة لا يمكن أن يبقى «على المدى البعيد.

معزولًا عن العالم»، مؤكداً أن سكان القطاع بحاجة لأن يشعروا بوجود «أمل بالمستقبل، وأعرب عن دعمه للجهود المصرية الجارية، داعياً إلى وقف طويل الأمد للنار يضمن لإسرائيل أمنها كما يعطي لسكان غزة الأمل.

في الأثناء، وصل فرانك لوانستين المبعوث الأميركي الخاص بالشرق الأوسط إلى القاهرة أمس، للمشاركة فى جهود التوصل إلى تهدئة دائمة بين الفلسطينيين وإسرائيل، مع استبعاد أي لقاء له مع ممثلي «حماس».

ونقلت تقارير تلفزيونية عن بن رودس نائب مستشار الأمن القومي الأميركي قوله أمس إن مفاوضات القاهرة تهدف إلى «نزع سلاح غزة وتحسين ظروف سكانها» مشيراً إلى مباحثات حول جدول زمني لهذا الغرض، مع تشديده على ضرورة استمرار وقف النار.

ومع اقتراب انتهاء الهدنة بحلول الثامنة صباح اليوم، انتشرت قوات إسرائيلية قرب الحدود مع غزة، بينما هدد وزير الاتصالات الإسرائيلي جلعاد أردان عضو الحكومة الأمنية السياسية المصغرة أنه «إذا استأنفت (حماس) إطلاق النار بعد انتهاء فترة التهدئة الحالية فإن الجيش سيتصدى لها وسيرفع سقف الرد»، مشيراً إلى أن تل أبيب لا تعارض إعادة إعمار القطاع.
ولكنه لا يجوز السماح بإعادة تعاظم «حماس» و«الجهاد الإسلامي» عسكرياً.

وقال أردان لإذاعة إسرائيل صباح أمس، إن «الولايات المتحدة ومصر ودولًا أخرى، تؤيد فكرة جعل غزة منطقة منزوعة السلاح».

بدوره، حث وزير الخارجية الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان ألمانيا على المساعدة في التوصل إلى حل للصراع في غزة وخاصة بإرسال برلين ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى مفتشين للإشراف على حدود القطاع، قائلاً لصحيفة ألمانية أمس، «لا شرطيين ولا جنود.

لكن على ألمانيا والاتحاد الأوروبي إرسال مفتشين إلى غزة لمراقبة مبادلات الفلسطينيين مع الدول المجاورة»، وأشار إلى المهمة المماثلة التي بدأت في 2005 وعلقت في يونيو 2007 عند سيطرة «حماس» على غزة.

من جهة أخرى، نقلت وكالة «معاً» الفلسطينية عن مصادر مطلعة في القاهرة قولهم إن اجتماعاً ليلياً، سيعقد بين الوفد الفلسطيني الموحد ومسؤول رفيع في المخابرات المصرية لاستلام الرد الإسرائيلي حول المطالب الفلسطينية، وبناء على رد تل أبيب سيتحدد مصير التهدئة، مؤكدة عودة الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة بعد أن تشاور مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسؤولين آخرين في تل أبيب.

وأشارت مصادر عدة بحسب الوكالة، إلى أن الامور تسير نحو تمديد التهدئة 72 ساعة إضافية، في الوقت الذي تبذل فيه مصر جهودا كبيرة في محاولة لتجسير الهوة بين طرفي النزاع، ودفعهما نحو تمديد التهدئة للوصول إلى وقف النار بشكل كامل.

كما أكدت مصادر قريبة من الوفد الفلسطيني المفاوض أن المباحثات «شاقة وصعبة» وأن الجانب المصري يبذل جهوداً كبيرة لتقريب المسافات، مشيرة إلى حرص الأشقاء المصريين على تحقيق حل مشرف يليق بتضحيات الشعب الفلسطيني.

وفي وقت متأخر، طالب أبو عبيدة الناطق باسم «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس» الوفد الفلسطيني المفاوض بالانسحاب من المفاوضات الجارية الآن في مصر إذا لم يستجب الاحتلال لمطالب الشعب الفلسطيني.

ودعا أبو عبيدة في كلمة له الوفد الفلسطيني بعدم تمديد وقف إطلاق النار إلا ب«الموافقة المبدئية على مطالب شعبنا ومن ضمنها إنشاء الميناء البحري»، مضيفاً «مطالبنا لا تحتاج لمفاوضات وهي حقوق إنسانية أساسية».

وعلق مسؤول فلسطيني قريب من المفاوضات في القاهرة أن الفصائل المقاتلة «تعتقد الآن أنها ستستأنف المعارك صباح الجمعة»، مع اتهام إسرائيل بعدم الرغبة في تقديم تنازلات بالنسبة إلى بعض الشروط التي تطرحها «حماس» لتمديد الهدنة.

وقال عضو في الوفد الفلسطيني المفاوض «إذا واصلت إسرائيل المماطلة، فلن نمدد وقف النار».

وأضاف أن الوساطة المصرية «لم تبلغنا حتى الآن رسمياً رد إسرائيل على المطالب الفلسطينية، لكننا علمنا عبر قناة غير رسمية، التوجه الإسرائيلي السائد، أي نيتهم المماطلة وعرقلة المفاوضات بحيث لا نحقق حداً أدنى من المكاسب بوقف النار».

إلى ذلك، دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس، إلى الإسراع في عقد مؤتمر الدول المتعاقدة السامية الموقعة على مواثيق جنيف من أجل توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني.

وشدد عباس على أهمية مثل هذا التحرك لـ«منع أي عدوان جديد على الشعب الفلسطيني ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحقه».

وتسلم عباس أمس رسالة من الرئيس السويسري تتعلق بآخر المستجدات المتعلقة بالطلب الفلسطيني لعقد مؤتمر الأطراف السامية المتعاقدة لمواثيق جنيف، وذلك لدى استقباله في رام الله ممثل سويسرا بول جارنييه.

الاتحاد