كشف الستار مساء في قاعة الشلال بمول دبي عن المنحوتة الكبرى التي نفذها الفنان الإماراتي مطر بن لاحج تحت مسمى “الموسوعة”، وقال أثناء إزاحة الستار عن عمله الفني: “بدأت تجربة هذه الأعمال النحتية الكبيرة في رمضان الماضي في القاعة نفسها، وكان النجاح الذي حققته في تلك التجربة، والإقبال من الجمهور عليه حافزاً لي على مواصلة التجربة والتعمق فيها أكثر، ما جعلني أعود في هذه المرة بعمل أضخم وأعمق، سمّيته “الموسوعة” وأرمز بها إلى القرآن الكريم الذي هو فعلا موسوعة كبيرة يضم علوم الكون والحياة، فيه خبر الأولين والآخرين، وقد أردت أن أحول مفهوم الموسوعة إلى عمل بصري حركي، يدخل إلى الفن الحديث من بابه الواسع، ويؤكد انخراط الفنان الإماراتي في الحداثة، ومساهمته فيها انطلاقاً من خصوصيته الثقافية والحضارية” .
وأضاف ابن لاحج: “اتخذت رمز الكواكب وحركتها في الكون والساعة التي تؤقت الزمن، وسوراً وآيات من القرآن والزخرفة، للتعبير عن حركية القرآن وموسوعيته، وجاء العمل على تدرج وعبر كتل تربطها منحنيات تعبر عن حركة الكواكب” .
منحوتة الموسوعة مصنوعة من الصلب، ويصل طولها إلى 15 مترا وعرضها 3 .5 (ثلاثة أمتار ونصف المتر) وارتفاعها 2 .8 (متران وثمانية أعشار المتر)، وتقدم صورة لكوكب كبير انفلق نصفين كأنه الكون لتخرج منه الكواكب السيارة التي تبدأ عبر مسارات دائرية، وتكون الانطلاقة مع كوكب كتبت عليه سورة الفاتحة، بكامل آياتها السبع، لتلخص معاني عظمة الخالق، وأحقيته بالعبادة، ويرتبط هذا الكوكب ببقية الكواكب عن طريق منحنيات وأقواس مزخرفة بأشكال هندسية تحاكي زخرفة المصحف الشريف، ثم تؤدي إلى أشكال لكواكب ودوائر كتب فيها عناوين لكتب علوم القرآن كالتفسير والإعجاز واللغة ودراسة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول وقصص الأنبياء، وغيرها من العلوم التي تبين سعة إحاطة القرآن، وتخلل ذلك آيات قرآنية، حتى تنتهي المنحوتة في طرفها الثاني بكوكب كبير في وسطه ساعة وقد كتبت فيه الآيات الأولى من سورة البقرة: (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتقِينَ (2) الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصلَاةَ وَمِما رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) .
وجاء في الكتيب التعريفي لهذا العمل أنه يشكل بداية لأعمال أخرى ستأخذ منحى جديدا في الأسلوب والطرح، فهو يختلف كلياً عما تم سابقاً من خلال فكرته التي تتسم بأنها تعكس مفهوماً مهماً في حياة كل مسلم وهو التوحيد من خلال سورة الإخلاص التي ترتبط بشكل دائم بأغلب الأعمال المجسمة، أيضا ختم الشهادة (لاإله إلا الله محمد رسول الله) التي هي مركزية في حياة المسلم، وبهذه الانطلاقة الروحانية تختزل المنحوتة روح الإسلام، وعمد ابن لاحج إلى تجسيد فكرة الإسلام عن طريق رموز كونية هي الكواكب في أفلاكها كمعجزة إلهية، ترمز “للطاقة والحركة والسرعة”، وكلها معان لها أصول في القرآن لأن معانيه متجددة ومتحركة عبر الزمان، كما “الطاقة والحركة والسرعة” هي قيم فكرية وفنية تلخص واقع الحياة الراهنة للمجتمعات البشرية، لذلك اتخذها الفنان موضوعة فنية سيواصل العمل عليها مستقبلاً.
-الخليج