الفارق الكبير في عدد الأصوات في الجولة الأولى بين الأمير علي بن الحسين وجوزيف بلاتر في صراع رئاسة «فيفا»، كان مذهلاً للحد البعيد من واقع الحسابات المسبقة التي كانت تؤكد وقوف القارة الأوروبية بأكملها، ما عدا أربع دول حددها ميشيل بلاتيني رئيس «يويفا» قبل التصويت، إلا أن الحقيقة التي ظهرت وفقاً لمعلومات مؤكدة نشرتها أمس تقارير بريطانية إسبانية فرنسية متطابقة، أن ما يقارب من نصف الدول الأوروبية وقف إلى جانب سيب بلاتر متحدياً بشكل واضح قرار المكتب التنفيذي للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، بمساندة الأمير علي بن الحسين في هذه الانتخابات.

ومضى التقرير أن فرنسا وإسبانيا وتركيا على رأس الدول التي تخلت عن التزامها تجاه قرار «يويفا» مشيرة إلى الاعتراف الرسمي لنويل لو غريت رئيس الاتحاد الفرنسي الذي أكد أنه اختار بلاتر بعد أن عرف «فيفا» عن قرب، عقب حصول بلاده على شرف تنظيم مونديال 2019 للسيدات، ويبدو أنها الصفقة التي وافق الاتحاد الفرنسي عليها من أجل التصويت لبلاتر، إذ إن المبرر الذي ساقة نويل لو غريت كان غريباً، وهو يؤكد أن معاملتهم مع مديري ومسؤولي «فيفا» كشفت لهم مدى «اللطف» الذي يتمتع به تنفيذيو الاتحاد الدولي لكرة القدم، ناسياً أو متناسياً أن اتهامات الفساد تحاصر «هؤلاء اللطفاء»، معتبراً أن دعم السويسري في مواجهة حملة النزاهة والشفافية كان القرار الصائب والأنسب لمصلحة فرنسا.

ومضى التقرير أن الضربة القوية التي تعرض لها بلاتيني والتي هزت مكانته في قيادة الاتحاد الأوروبي، تلك التي جاءته من كتلة دول شرق أوروبا التي وقف معها الفرنسي بقوة منذ انتخابه، حيث منح أوكرانيا وبولندا تنظيم أمم أوروبا، على حساب مساندين رئيسين له هما إيطاليا – بلده الأصلي، إذ إن بلاتيني ينحدر من جذور إيطالية، وكذلك اسكتلندا التي ساندته بقوة في الانتخابات أمام يوهانسون، بل ونجحت في إقناع إنجلترا وبقية الدول البريطانية بالتخلي عن السويدي ومساندة بلاتيني الذي يشعر، حسب تقارير مقربة منه، بأن هذه الكتلة وجهت له طعنة بخنجر مسموم، وكان يتمنى أن تعلن موقفها بشكل واضح منذ البداية بدلاً عن الخيانة بهذه الطريقة.

وكشفت تقارير متطابقة عن أن صدمة بلاتيني من الموقف الإسباني كانت بالقوة نفسها التي عاني منها، إثر موقف الكتلة الشرقية، حيث إن التنسيق كان على أعلى مستوى بين رئيس «يويفا» والاتحاد الإسباني الذي ساهم بشكل فاعل في استمالة معظم دول أميركا اللاتينية لصالح حمل النزاهة والشفافية، لتكون المفاجأة التزام هذه الدول بمساندة الأمير علي الذي أتت غالبية الأصوات التي تحصل عليها من أميركا اللاتينية وأميركا الشمالية، في الوقت الذي اختارت فيه إسبانيا التراجع سراً عن التزامها، واختار فيه نصف أعضاء الاتحاد الأوروبي تقريباً الوقوف مع ابن قارتهم مهما كانت الاتهامات حوله.

وفسرت التقارير هذا التراجع إلى الاتهام الذي يواجه أنخيل ماريا فيار، رئيس الاتحاد الإسباني، والذي ورد اسمه ضمن التحقيقات التي تجريها سويسرا حول شبهات التربح على حساب المنصب، واعتبرت تقارير إسبانية بريطانية فرنسية متطابقة، أن ما حدث في اللحظات الأخيرة قبيل التصويت كان نوعاً من المساومة الواضحة من أجل البقاء بعيداً عن الاتهامات، وأن ضغوطاً مختلفة أثرت في موقف عدد من الدول، خصوصاً كتلة أوروبا الشرقية.

ودعا «يويفا» إلى اجتماع طارئ السبت المقبل، قبيل انطلاقة نهائي الأندية الأوروبي أبطال الدوري في برلين، من أجل مناقشة أسباب تخلي هذه الدولة عن التزامها وخروجها على قرار المكتب التنفيذي لـ«يويفا»، على الرغم من أنها صوتت بالموافقة عليه عند طرحه قبل أكثر من عام من الآن، عندما أعلن الاتحاد الأوروبي بوضوح أنه لن يقف إلى جانب بلاتر، وأنه سيساند أي مرشح يمكن أن يعيد النزاهة والشفافية لفيفا.

كشف مصدر مؤثر في حملة سيب بلاتر، أن روسيا على رأس قائمة الداعمين له، مضيفاً أن الموقف الروسي كان معلناً، لكن فنلندا وتركيا وفرنسا وقبرص وإسبانيا انضموا إلى قائمة المساندين في اللحظات الأخيرة، وكذا الحال بالنسبة للكتلة الشرقية، مضيفاً أن قادة الاتحادات في فرنسا وإسبانيا استغلوا علاقاتهم الشخصية لضمان مزيد من الأصوات الأوروبية لبلاتر.

يعتزم الرئيس البوليفي إيفو موراليس، وضع موضوع فضيحة الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» على جدول أعمال قمة الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أميركا الجنوبية والكاريبي، المعروفة اختصاراً بدول «سيلاك». وقال الرئيس البوليفي المغرم بكرة القدم، أول من أمس، لوكالة الأنباء الوطنية (إيه بي آي): «لا يمكن أن يقوم بعض الموظفين بإدارة أموال الشعب بهذه الطريقة»، مضيفاً: «لقد فاز بلاتر، لكن كرة القدم خسرت».

وكانت السلطات السويسرية ألقت القبض على عدد من كبار الموظفين بالاتحاد الدولي لكرة القدم قبل انعقاد مؤتمر الاتحاد في زيوريخ، على خلفية الاشتباه في تورطهم في قضايا فساد تتعلق بتنظيم بطولات كرة القدم الدولية.

وتتهم السلطات القضائية الأميركية هؤلاء الأشخاص بتلقي رشى تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار. وانتخب الاتحاد مرة أخرى جوزيف بلاتر، الجمعة الماضية، رئيساً له رغم تكشف الفضيحة. وتنعقد قمة الاتحاد الأوروبي ومجموعة دول أميركا الجنوبية ودول الكاريبي الثالثة يومي العاشر والحادي عشر من يونيو المقبل في العاصمة البلجيكية مقر الاتحاد الأوروبي بروكسل، ومن المتوقع أن يحضر القمة نحو ستين رئيس دولة وحكومة.

من ناحيته، قال تاباريه فازكيز رئيس أوروغواي، إن فضيحة الفساد التي طالت عدداً من مسؤولي (فيفا)، بينهم الأوروغوياني إوخنيو فيغيريدو، أحد نواب رئيس الاتحاد، «كانت متوقعة». وخلال مؤتمر صحافي عقد أول من أمس، ضمن النسخة الـ98 من المؤتمر الدولي للاتحاد الريفي في أوروغواي بمدينة أرتيجاس شمالي البلاد، وصف فازكيز ما حدث بـ«الكارثة». وأضاف أن «ما حدث كان متوقعاً».

ويعد فيغيريدو أحد نائبي رئيس الفيفا، جوزيف بلاتر، اللذين اعتقلا الأربعاء الماضي في سويسرا، إلى جانب مسؤولين آخرين بتهم فساد، بناء على طلب من القضاء الأميركي الذي يوجه إليهم عدة اتهامات بينها التزوير وغسيل الأموال.

في الأثناء، بدأت النيابة في براغواي النظر في أمر اعتقال الرئيس السابق لاتحاد أميركا الجنوبية لكرة القدم (كونميبول) نيكولاس ليوز، المطلوب تسليمه إلى القضاء الأميركي. كما طالبت بتحديد موعد للتأكد من الحالة الصحية لليوز الذي يمكث منذ الأربعاء الماضي في مصحة بالعاصمة أسونثيون، تابعة لمجموعة شركاته.

كان دفاع ليوز قد تقدم بتقرير يفيد بأن المتهم يعاني من ارتفاع في ضغط الدم ونقل للمستشفى، وذلك بعد يومين من اعتقال عدد من كبار مسؤولي الفيفا في سويسرا على ضوء اتهامهم في فضائح فساد، وطلبات من الولايات المتحدة بتسليمهم.

وليوز (86 عاماً) هو أحد المسؤولين الـ14 الذين يواجهون تهماً بالفساد، في إطار التحقيقات التي قادت كذلك إلى اعتقال سبعة من كبار مسؤولي الفيفا الأربعاء في زيوريخ.

ذكرت نيابة باراغواي أن قانون العقوبات في البلاد يمنع اعتقال أشخاص تتجاوز أعمارهم 70 عاماً، خصوصاً الذين يعانون من أمراض خطيرة، ولكن إن كان لزاماً فرض العقوبة فإنه يتم فرض الإقامة الجبرية. ويشتبه القضاء الأميركي في تورط نيكولاس ليوز الرئيس السابق لـ«كونميبول» في تلقي رشى وإدارة أنشطة جريمة منظمة وخطة للاحتيال، وفقاً لبيان سابق صدر عن نيابة باراغواي.

قال رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم غريغ دايك، أول من أمس، إن سيب بلاتر سيجبر على الاستقالة من رئاسة الاتحاد الدولي (الفيفا)، بسبب فضائح الفساد التي تحيط بالمؤسسة التي تدير اللعبة حول العالم. وحصل بلاتر على أربع سنوات أخرى في رئاسة «فيفا»، بعدما أقر منافسه الوحيد الأمير علي بن الحسين بالهزيمة، وأعلن انسحابه بعد خسارة كبيرة في الجولة الأولى من التصويت بمقر «فيفا» في زيوريخ. وقال دايك إنه لا يعتقد أن الفيفا سيدعو لاجتماع طارئ بعد أحدث مزاعم الفساد التي تعصف بالمؤسسة، لكنه أضاف: «أعتقد على الأرجح أننا سنشهد مزيداً من الفضائح. أعتقد أنه (بلاتر) سيجبر على الاستقالة».

وتحدث دايك في استاد ويمبلي بلندن قبل انطلاق نهائي كأس إنجلترا، أول من أمس، وقال بدأت السلطات السويسرية التحقيق في مزاعم فساد في «فيفا» وهم جادون، فهم الأفضل في مجال التعامل مع الأموال.

وقال دايك: «أنظر لما تقوم به السلطات السويسرية. هذه هي السلطات السويسرية.. لا نتحدث هنا عن سلطة ادعاء محدودة في بلد صغير.. إنها سويسرا.. يتحرون لمعرفة إلى أي مستوى حدث فساد «فيفا». «لو خلصوا إلى وجود فساد سيطيحون بالمتورطين فيه». وقال دايك إنه سيعتبر بلاتر مصاباً «بجنون الارتياب»، لو ظن أن الاتحاد الأوروبي يقود حملة كراهية ضده.

البيان