علي أبو الريش

فرض النظام في مفاصل الحياة يسعد ويمهد ويطرد شيطان الفوضى ويُعبد الطريق إلى فضاء حضاري يؤمن ويطمئن، ولا يدع مجالاً للتشويه والتسويف وإخراج المعنى الإنساني من شكله الجمالي، ما صاغته بلدية أبوظبي في تنظيم شارع التسوق التجاري، وفرض أسس على البقالات الصغيرة المندسة في أحشاء البنايات الكبيرة، يعبر عن وعي وعن فكر بالغ الأهمية.
الآن عندما تدخل المحال التجارية التي كانت في السابق بقالات موحشة تشعر أنك تتنزه في حقل مترع بالحياة والجمال، وترتاح لما تشاهده من منظر خلاب في اتساع المكان الذي تجول فيه، وفي جمال المشهد الذي تبتاع منه قوت يومك، وما تحتاجه من مواد استهلاكية، هذا النظام يمنع الكثير من التجاوزات في البيع والشراء، كما أنه يبعد الشبهات التي قد تصير في كثير من الأحيان وقائع غير لائقة بمجتمع ينحو باتجاه الرقي والتقدم بخطوات ثابتة ومبهرة تعزز القيم الحضارية التي تتمتع بها بلادنا بكل جدارة وتفوق من دون جميع المجتمعات المجاورة والمحيطة.
النظام علامة من علامات التفوق والحضور في صلب التاريخ الحضاري، وهو أيضاً دليل واضح على أن تطبيق النظام طريق إلى تحقيق متطلبات المنجز الحضاري وتكريس دعائمه بثقة واقتدار، وفي الوقت نفسه يضع الجميع أمام مسؤوليات المواكبة والسير باتجاه واحد مع ما تصبو إليه الدولة من زخرفة المكان بكل ما يحقق أعلى غايات الجمال، وما يثبت أن التقدم الحضاري لا يتجزأ ولا تنفصل أعضاؤه عن بعضها بعضاً.
فالبقالة التي كانت نتوءاً شاذاً، وهي كالثؤلول في الجسد الجميل، أصبحت الآن حقلاً رائعاً يتزين بمعاني الجمال والأبهة، ويعطي فسحة للتأمل بما يقدمه البلد للإنسان من متطلبات تفرح القلب وتسر الخاطر، نظام جديد وجميل من نبل الذين يجتهدون ويقدمون الفكرة تلو الفكرة لكي تنمو الخدمات بنمو الطموحات والآمال، ونظام جديد يقدم مثالاً يحتذى به في العناية والرعاية، ويبقى الآن رجاء ومطلب نقدمه إلى البلدية بأن تلتفت إلى بعض المطاعم، والتي تمثل عاهة مزمنة في حياة المجتمع، لأنها تقدم صورة واضحة للعجز الكلي عن السير باتجاه تقديم ما يناسب الوضع الاجتماعي، والحالة اللبقة والأنيقة في المأكل والمشرب التي يعيشها إنساننا، في عصر نقائه وصفائه وأناقته الاستهلاكية.
الدور الآن يجب أن يكون على المطاعم، وهي ذات أهمية قصوى، وتحتاج إلى عناية ومتابعة خاصتين.

– الاتحاد