فضيلة المعيني

قبل أيام كانت هناك جدوى من تأييد ما ذهبت إليه شرطة أبوظبي، بإحالة أبوين إلى النيابة العامة، بسبب إهمالهما رعاية طفلتهما التي كانت تحاول القفز من شرفة الشقة التي تسكنها، وحالت العناية الإلهية دون سقوطها، حين لا حظ أحد أفراد الشرطة وجود الطفلة في شرفة شقة ذويها في الطابق الخامس، فسارعت الشرطة لإنقاذها بكسر باب الشقة.

ومن ثم تم استدعاء الوالدين من مقر عملهما وتحذيرهما من مغبة ترك طفلة صغيرة وحدها في الشقة دون أدنى رعاية. لكن اليوم وبعد أن سقطت من ذات الشرفة ولقيت حتفها، وكأن السقوط كان قدرها، فلم يعد البكاء على اللبن المسكوب مجديا، ولن يعيد الطفلة إلى الحياة، أن نكرر ما قلناه، ويكفي الوالدين في هذا الموقف فقد فلذة كبدهما، التي لا نبالغ إن قلنا إنهما ساهما بإهمالهما في موتها.

ولم يكونا أكثر حنوا عليها من قلوب رجال الشرطة الذين فعلوا ما في وسعهم، ووصل بهم الأمر إلى التهديد بمحاكمة الأبوين. لكن يبدو أن هناك من يرفض التعلم إلا بثمن غال يدفعه، حتى إن كان حياة وروح من جعلهم الله زينة الحياة الدنيا.

في هذه الزاوية وغيرها، كثيرا ما نتطرق إلى مثل هذه القضايا، ولطالما جفت الأقلام وهي تدعو وتطالب بضرورة رعاية الأبناء وعدم تعريض الأطفال لما يشكل خطرا على أرواحهم وسلامتهم، إلا أنه لا حياة لمن تنادي، مع سبق الإصرار على ترك الأطفال وحدهم في شقق يحكمون إغلاق أبوابها وكأنهم قطط، بل القطط ربما كانت أكثر حظا في الرعاية والاعتناء بها، والتأكد من وجود ما يكفيها من الغذاء خلال فترة وجود صاحبها خارج المنزل.

كل ما يمكن قوله إزاء وقوع هذه الحوادث الأليمة، إن كان القول يجدي، هو أن حب الأبناء وتحقيق الرعاية لهم، لا يتم فقط بالاعتماد على السلطات الرسمية، ولا حتى بالتلويح باستخدام القانون سلاحا لمواجهة إهمال البعض، بل لا بد أن ينبع ذلك من الذات أولا، ويكون مكانه القلب، فالإنسان مفطور على حب الولد، ومجبول بحكم الطبيعة على الاعتناء به.

– عن البيان