سامي الريامي

منح جنسية الدولة لـ1117 من أبناء المواطنات، خطوة متميزة جداً، وحضارية جداً، وإنسانية أيضاً، لها من الإيجابيات المختلفة الشيء الكثير، ولا شك في أنها ستعمل على دعم واستقرار أسر كثيرة، وتنمي الولاء والحس الوطني لأفراد كثر، كما أنها خطوة في الطريق الصحيح، للاستفادة من طاقات شبابية وضمان إسهامها بشكل فاعل في مسيرة التنمية الوطنية.

قرار من هذا النوع لا أعتقد شخصياً وجود أية سلبيات فيه، فهؤلاء كما علّق أحد الإخوة المواطنين «تجري في عروقهم دماء إماراتية»، وهم في كل الأحوال أبناء وإخوان وأصدقاء، وهم جزء من المجتمع، ولا يمكن التعامل معهم بغير هذه الصفة، وتالياً لا مانع من حصولهم على جنسية الدولة بعد «استيفائهم الشروط اللازمة»، كما أشارت إلى ذلك اللجنة المكلفة تنفيذ توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة بشأن أبناء المواطنات.

الدولة قطعت بذلك شوطاً كبيراً في معالجة مشكلة حقيقية مزدوجة، ومن الجهتين، مشكلة عائلية شخصية اجتماعية لكل فرد من أبناء المواطنات، ومشكلة اجتماعية تعانيها الدولة بوجود شريحة ذات إشكالية قانونية في التعامل معها رسمياً، فلا هم وافدون ولا هم مواطنون، وبين هذا وذاك كانت الاجتهادات الفردية في التعامل معهم أينما ذهبوا لإنجاز معاملاتهم وأمور حياتهم، وبالتالي جاء قرار منح الجنسية لهؤلاء الـ1117 منقذاً، ومنظماً، ومعالجاً لإشكالية اجتماعية وقانونية.

ومن هنا، علينا أن نجعل هذا العلاج استراتيجياً، بمعنى أن يكون شاملاً ودائماً، لا نضطر بعده بسنوات قليلة إلى الرجوع للجلوس مرة أخرى لحل إشكالية جديدة ظهرت على خلفية العلاج الأولى، وهو ما بدأ يتضح حالياً بورود ملاحظات عدة من أشخاص قالوا إنهم لم يكونوا من المشمولين بالقرار، على الرغم من كونهم أبناء مواطنات، والأكثر من ذلك أن إخوانهم من الأم ذاتها حصلوا على الجنسية، وفقاً للقرار ذاته!

كيف ذلك؟ هذا هو السؤال الطبيعي الذي طرحناه عليهم، فكان الجواب، أنهم أبناء لأم مواطنة، لكن قبل أن تحصل على جنسية الدولة، ولديهم إخوة من الأم ذاتها والأب أيضاً، ولدوا بعد أن حصلت الأم على جنسية الدولة، وبالتالي فالقرار الجديد خاص بأبناء المواطنات، وهم في ذلك الوقت لم يكونوا أبناء مواطنة!

نثق كل الثقة باللجنة المكلفة هذا الأمر، وقدرتها على تجاوز مثل هذه الجزئيات، فالقانون ربما يكون واضحاً في هذا الشأن، فالجنسية لأبناء المواطنة وهم لم يكونوا من هذه الفئة، لكننا اليوم نطلب عفو روح القانون في جزئية مثل هذه، فمن الصعب جداً أن يكون هناك أخوان أحدهما مواطن والآخر وافد، وهم من الأب والأم نفسيهما. هي مشكلة اجتماعية جديدة ستطل علينا بعد سنوات عدة، وسنضطر عندها إلى الجلوس مرة أخرى لبحث منح الجنسية لأبناء مواطنات و«إخوان مواطنين» فلم لا نشملها بالدراسة والتمحيص من الآن، ونعالجها ما دمنا قادرين على ذلك؟

المعيار الأساسي هنا لمنح الجنسية هو تلك «الشروط الواجب استيفاؤها»، ووضعتها اللجنة المكلفة، ولها كل الحق في وضع الشروط التي تراها مناسبة، لكن إن لم تكن هناك موانع أساسية تحول بين هؤلاء والجنسية، فالأفضل منحهم إياها أيضاً.

– عن الامارات اليوم