محمد عيسى

ليس كافيا أن تتحدث اليوم بلغة العالم بل عليك أن تتعامل معه بأدواته وتواكب هذه الأدوات، أي البقاء في حالة سباق مستمرة دون توقف. هذا هو التحدي الذي يفرضه عالم اليوم الذي تحول إلى قرية صغيرة، ومن يتخلف لن يجد له مكانا وسيصبح ليس مستهلكاً فقط بل عالة على المجتمع الدولي لا ينظر إليه أحد، وإذا أجبر على التعامل معه سيكون من باب العطف والمساعدة وليس من باب الندية والمصالح المشتركة والمتبادلة هكذا هي السياسة وعالمها الذي لا يعترف إلا بلغة المصالح المشتركة والمنافع المتبادلة.
وقد أدركت دولة الإمارات هذه المعادلة الصعبة والشاقة، وقبلت التحدي استناداً إلى إرادة وطنية صادقة ومخلصة، وفكر مستنير وسياسة رشيدة وظفت المال وسخرت كل الامكانيات لكي تكون الإمارات رقما مهما في المعادلة العالمية وبناء العلاقات الدولية التي تقوم على المنافع المشتركة بما يخدم شعوب الكرة الأرضية ويقرب بين ثقافاتها، وبما يجعل للإمارات موقعا دوليا مهما ومرموقا.
وإنجازات الإمارات التي نراها اليوم هي نتاج لهذه السياسة الرشيدة والإرادة الوطنية التي دخلت في سباق مع الزمن، ووظفت كل الامكانيات لتحصد هذه المكانة في كل القطاعات في السياسة والاقتصاد والتنمية بمفهومها الاقتصادي والاستثماري والبشري.
وليس مستغرباً أن تحقق الإمارات انجازا يمثل سابقة على مستوى العالم بتقدمها 92 نقطة دفعة واحدة في معيار خدمات الحكومة الإلكترونية أحد المعايير الأربعة التي يتشكل منها مؤشر الجاهزية الإلكترونية الصادر عن الأمم المتحدة.
وقفز ترتيب الدولة من المركز 99 في معيار الحكومة الإلكترونية “الحضور الإلكتروني” في تقرير 2010 إلى المرتبة السابعة في المعيار نفسه في تقرير 2012 الصادر قبل أيام، ويشكل هذا التقدم حالة غير مسبوقة من أي بلد في العالم في تاريخ تقارير الأمم المتحدة لجاهزية الحكومة الإلكترونية.
وكان لهذه القفزة الضخمة انعكاسها على التقييم العام للجاهزية الإلكترونية للدولة، مما أدى لتقدم دولة الإمارات من المرتبة 49 في تقرير 2010 إلى المرتبة 28 في التقرير الحالي لعام 2012، فيما احتلت المرتبة الأولى خليجيا وعربيا. ويشير التقرير إلى تقدم هائل لدولة الإمارات في مجال المشاركة الإلكترونية وهو أحد الأركان الأساسية التي يتم على أساسها تحديد مستوى جاهزية بلدان العالم في الحكومة الإلكترونية.
فقد ارتفع مستوى دولة الإمارات من المرتبة 96 عالمياً في تقرير 2010 إلى المرتبة 6 في تقرير 2012 وهو تقدم غير مسبوق في فترة زمنية قصيرة للغاية.
وهنا لابد أن نشير إلى أن مؤشر الجاهزية الالكترونية يعتمد على أربعة مكونات تتمثل في: رأس المال البشري والاتصالات والمشاركة الإلكترونية والحضور الإلكتروني. وهذا لابد أن يقودنا الى الموعد الذي ضربه مجلس الوزراء قبل يومين لانجاز التحول الحكومي الالكتروني خلال سنتين، إذا يؤكد أن هذا الموعد كما ذكرنا في مقال سابق كاف لأن يجعل الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط تحقق هذا الانجاز بما يعزز التنافسية الدولية للإمارات ويضعها في المقدمة ضمن الدول الخمس الأولى في هذا المضمار المهم والحيوي وهذا هو هدف استراتيجية الحكومة في القريب المنظور.
إن التميز الذي تحققة دولة الإمارات في القطاعات كافة يضع الجميع أمام ما تعلمناه من قيادتنا الرشيدة التي أطلقت مرحلة التمكين، والتي تؤكد على أن التميز عملية متواصلة لا تحتمل التوقف وتفرض على الجميع النظر الى الآفق البعيد والى المستقبل المشرق الذي نريد ان نبنيه لأبنائنا وأحفادنا بإذن الله.

– عن الاتحاد