سيف الشامسي
ليست المرة الأولى، وبالتأكيد أنها لن تكون الأخيرة التي يتم فيها ضبط أطباء مخالفين يعملون من تلقاء أنفسهم بدون وازع أو احترام لقواعد العمل الطبي، كما حصل في قضية “كوزمو هيلث”، التي كشفت تفاصيلها هيئة صحة أبوطبي مؤخراً، وأظهرت بالدليل القاطع عن مخالفات بالجملة في المركز على رأسها اكتشاف أطباء يعملون من دون ترخيص، ووجود معالجة عربية توهم المرضى بأنها طبيبة في مهنتها.
هذه القضية وغيرها من القضايا تكشف للأسف، عن أن هناك فئة من الأطباء الذين يأتون للعمل في الإمارات، لا هم لهم غير تحقيق أكبر قدر من المكاسب المادية ولو كان ذلك على حساب الصدقية ومصلحة المرضى وصحتهم، فالعمل الطبي بالنسبة لهم مجرد عمل تجاري بحت يدر الأموال، وليست مهنة تتطلب التزاما أخلاقياً وصدقاً في التعامل والممارسة لإنها تمس حياة الناس وأي تلاعب أو تقصير فيها قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
كما أنهم يتعاملون مع مسألة تواجدهم داخل الدولة بمثابة الفرصة الذهبية التي حلت عليهم من السماء، والتي يجب استغلالها بكافة الوسائل المتاحة المشروع منها وغير المشروع، قبل العودة إلى أوطانهم مرة أخرى وهم محملون بأكبر قدر من المكاسب الممكنة.
وبما أن الغاية تبرر الوسيلة، بالنسبة لهم، تجد هذه النوعية الرديئة من الأطباء لا يتورعون عن فعل أي شيء في سبيل تحقيق غاياتهم، ولو أدى ذلك لمخالفة القانون وتزوير للشهادات والعمل في تخصصات بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم، وكم سمعنا عن قصص غريبة في هذا المجال داخل الدولة وخارجها، عن ممارسة البعض ممن نظنهم أطباء للعمل الطبي بالخبرة والمهارة من دون شهادات أو تعليم، وعن ممرضين انتحلوا صفة الأطباء وأخذوا يعالجون الناس ويفتون في أمراضهم بدون ذرة ضمير، وعن أخصائيين في الانف والأذن والحنجرة تحولوا بقدرة قادر إلى جراحي تجميل، لا لشيء غير أن السوق يتطلب ذلك، فالطلب مرتفع في هذه الفترة على الجراحات التجميلية والكثيرون يتهافتون عليها، وعن بعض الأطباء الذين وجدوا أن بيع الإجازات الطبية للموظفين الكسالى أكثر فائدة وربحية من ممارسة الطب.
وهناك الكثير من الروايات والفضائح في هذا المجال، وعملية بحث بسيطة على “جوجل” ستكشف المستور وتبين حجم الأطباء الذين مات ضميرهم أمام المادة وتحولوا إلى تجار انتهازيين يسيئون لمرضاهم ولمهنة الطب وللشرفاء الذين يعملون في هذا المجال.
لا خلاف على أن “الأطباء التجار” مرض خبيث بحد ذاته يحتاج إلى العلاج قبل أن يتحول إلى وباء، وأفضل دواء لهذه الفئة فضح ممارساتهم للعلن، وتحويلهم إلى العدالة وهناك سيحصلون على القصاص الذي يستحقونه.
– عن الاتحاد