ميرة القاسم
بالأمس كنا نحيك الكلام حتى نعلّم أولادنا الشجاعة ومخالطة الكبار والاتكاء كثيراً على الجد والعم والخال والكثير من الأقارب، ندفع بهم لعمل الخير والمسارعة لمساعدة كل من يحتاج إلى يد العون وإن كانوا لا يعرفونهم، نبثّ الثقة في أنفسهم، نعوّدهم حتى على الخروج من دون رفقة ليذهبوا إلى المساجد بطمأنينة، نحثهم على الوضوء ونذكرهم بقول دعاء دخول الحمام «اللهم أعوذ بك من الخبث والخبائث»، ونحببهم في مجالسة العلماء والتداخل مع من هم أكبر منهم حتى يشتد عودهم، واليوم أصبحنا نحذرهم من كبار لا يعرفونهم، ونشّد على ألا يصدقوا كل من يطلب المساعدة، ونوخّيهم الحذر من الذهاب وحدهم إلى المساجد والبقالة وبيت الجيران، حتى من الأقارب، نوصيهم بعدم الثقة بهم وبالآخرين، نزرع الخوف في نفوسهم، هكذا وبكل سهولة ننزع مكامن الشجاعة لديهم ونلقنهم أدعية تحصن فروجهم وتحفظهم من خبث وخبائث البشر. كيف يمكننا أن نستعيد ثقتنا بالآخرين ونزرعها من جديد في أطفالنا الذين باتوا يحملون سلال الخوف تجاه كل من قد يمر بجانبهم، يلاطفهم في مسجد أو مجلس أو طريق عام.. الخ.
أخيراً أطلقت حملة وطنية لحماية الأطفال من العنف والتحرش الجنسي تحت شعار «العنف ضد الأطفال انتهاك للبراءة وسرقة لأحلام الصغار».
وقد حددت الحملة طرقاً لحماية الأطفال من التحرشات، أهمها التوعية المبكرة بأشكال التحرش، ومراقبتهم، وعدم تركهم بأيدي الخدم، والتأكد الدائم من سلوكهم ومن رفقائهم الأكبر منهم سناً، والكارثة التي أكدتها مديرة إدارة الطفل بوزارة الشؤون الاجتماعية، السيدة موزة الشومي، في دراسة أجريت حديثاً، أن أغلب التحرشات الجنسية تبدأ من المدرسة!
وحذارِ من حمامات المدرسة التي، حتى الآن، وعلى الرغم من كثرة الحوادث بها، إلا أنها تفتقر، بل تتجاهل، أهمية وجود رقابة بشكل دائم، خصوصاً في المدارس الحكومية، ولن أنصح بوجود مراقب لأنه قد يكون أحد المتحرشين المرضى، وربما أُسكت فوه ببضعة دراهم، فالاحتمالات واردة ومؤلمة، وفكرة وجود كاميرات مراقبة على مدخل أو ردهة الحمامات فكرة صائبة أتمنى أن تنفذ بأسرع وقت ممكن. ظاهرة التحرش الجنسي بأطفالنا لا تحتاج إلى حملة واحدة، تتولاها الشرطة فقط ،وإنما يجب أن تكون نابعة من ذات كل أب وأم، نحتاج إلى أن نكون يقظين أمشغولين بأطفالنا، نبحث عن لغة حوار دائم معهم، نَعرفهم، نبحث في فكرهم، نوازعهم، نراقب حالات الفرح والخوف والألم، نحتاج إلى أن نصادقهم ونلتصق بهم وبمن حولنا، نتخلى كثيراً عن مواقع التواصل الاجتماعي «تويتر وفيس بوك والبيبي» وغيرها، مشغولون بتعريف كل من حولنا بما يحدث في «الكوفي، سليب تايم، صالون تايم، ربع تايم، سينما تايم» ونجهل كيفية التواصل مع أبنائنا، نهدي لهم في المقابل «آي بود وآي بادأ ويو تيوب» ليغيبوا، كل يغني على ليلاه والمتصيدون كثر.. أفيقوا بالله عليكم واذهبوا لاحتضانهم.
– عن الامارات اليوم