جلست حائرة تفكر، فهي أمام مفترق طرق حاسم، هي لا تزال تضج أنوثة وشباباً حتى لو اقتربت من الأربعين، فالأعوام لا تهم، ما يهم هو العثور على السعادة، والعودة إلى عداد المتزوجات، ستعود لتعيش حياتها بشكل طبيعي كأي امرأة، صحيح أنها موظفة ولديها ما يكفيها مادياً، لكن المسألة ليست مادية فحسب، لكنها تنشد العيش في استقرار كبقية الناس، ثم إنه شاب طيب جاد محترم ليس كبقية العابثين، وأهم ما في الأمر أنه يرغب في الزواج بها حتى لو كانت مطلقة، بغض النظر عن أنه يصغرها ببضع سنوات..
عاشت لحظات جميلة وهي تحلم بتلك اللحظة، لحظة الزواج، فقد شعرت بمعنى أن تكون المرأة مطلقة، نظرة الناس والمجتمع، نظرة غير مبررة في مجتمع عصري متطور، بل ونظرة والدها التي تحمل الريبة كلما غادرت المنزل، ودعوات والدتها الصباحية والمسائية، بأن تتوفق في ابن الحلال، كل ذلك يجعلها تشعر بأن عليها الزواج لأن مصير المرأة في الزواج وكأنه لا يمكن للمرأة العيش من دون زوج، ويزيد من كل تلك الضغوط العائلية سؤال طفلتيها عن والدهما كل يوم قبل النوم..
أفاقت من حلمها عندما تذكرت طفلتيها، هاتان الصغيرتان البريئتان. ماذا ستفعل فهي لا يمكنها التخلي عنهما، فهما سبب حياتها ولا يمكن أن تتركهما تحت رحمة زوجة أبيهما الشريرة..
زادت حيرتها لكن الأمر محسوم إذا وضعت أمام الاختيار بين الزواج وبين طفلتيها.. قطعاً هي ستختار الطفلتين..
عاشت صراعاً داخلياً، فهي تعرف أن طليقها ليس مستعداً أصلاً للعناية بطفلتيه، فهو مشغول بحياته الجديدة، وتعرف جيداً أنه إذا أجبر على ممارسة دوره كأب، فإنه سيتركهما لدى والديه لأنه غير مسؤول ولا يمكن الاعتماد عليه، وربما يكون ذلك أحد أسباب الانفصال، وفي الوقت نفسه قد لا يقبل بأن تعيش طفلتاه عند رجل غريب، لكن رأيه ليس مهماً، فهي توقن أنهما ستلقيان رعاية واهتماماً وحباً من ذلك الشاب الرائع، لكنها تشعر أنها ستظلمه بتوريطه معها بكل تلك الالتزامات العائلية، لكن ما الذي يمنع طالما هو راغب في ذلك، فهي لم تجبره على شيء، فهو يحبها ويقدرها، لكن تُرى هل سيدوم ذلك..!
الكل يدفعها للقبول بالزواج، والداها، صديقاتها، لكن المسألة ليست في مجرد القبول أو الرفض، إنها مسألة في غاية التعقيد، فهي أم لطفلتين في عمـر الزهور، وقد تأقلمت على العيـش وحيدة بعد سنوات عدة من الطلاق..!
– عن الاتحاد