استخدمت قوات الأمن السودانية الهراوات والغاز المسيل للدموع أمس لتفريق تظاهرات في أماكن متفرقة بالعاصمة الخرطوم دخلت يومها السابع، احتجاجا على قرارات الحكومة بخفض الإنفاق. وقال ناشطون وشهود عيان، إن ما بين 400 و500 محتج بدأوا يرددون هتاف “الشعب يريد إسقاط النظام” أثناء خروجهم بعد صلاة الجمعة من مسجد الإمام عبدالرحمن في أمدرمان المتاخمة لقلب العاصمة السودانية على الضفة الأخرى من نهر النيل. ومع احتشاد قوات الأمن، دعا المحتجون الشرطة للانضمام إليهم، وهتفوا قائلين “يا بوليس مهيتك (راتبك) كام ورطل السكر بقا بكام؟”. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع، ثم استخدمت الهراوات في اشتباكها مع المحتجين الذين رشقوها بالحجارة.
وقال شهود، إن رجالا يرتدون ملابس مدنية هاجموا المظاهرات أيضا. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من الشرطة. ومسجد الإمام عبد الرحمن في أمدرمان من أكبر وأشهر مساجد العاصمة المثلثة الخرطوم. ويعرف بأنه مركز لدعم حزب الأمة المعارض. وقال ناشطون، إن مظاهرتين صغيرتين أيضا خرجتا في ضاحية بحري بشمال الخرطوم وفرقتهما الشرطة بالهراوات. وأكد شاهد عيان هذه الرواية. وانضمت مجموعة من حوالي 40 شخصا إلى مظاهرة في بحري، لكنها توقفت وسط وجود أمني مكثف، بينما أحرق نحو مئة شخص إطارات سيارات في المظاهرة الأخرى قبل أن تفرقهم الشرطة.
وقالت قناة “العربية” الإخبارية في تقرير لمراسلها من الخرطوم إن تظاهرات خرجت أمس بعد صلاة الجمعة من 3 مساجد في ضاحية الكلالة جنوب العاصمة الخرطوم وسط انتشار أمني كثيف. كما ثارت تظاهرات في منطقة الشهداء وسط مدينة أم درمان عقب انتهاء صلاة الجمعة وأسفرت عن سقوط مصابين، فيما امتدت الاحتجاجات إلى حي المدنيين بمدينة ود مدني، في ولاية الجزيرة وسط السودان.
وشهدت وسط الخرطوم طوال أيام الأسبوع الماضي تظاهرات متفرقة كان آخرها أمس الأول حيث نشبت اشتباكات بين الشرطة السودانية والطلاب الغاضبين من قرارات رفع الدعم عن المحروقات والسلع الأساسية.
وفيما لم تعلن الشرطة السودانية عدد المصابين بين الطلاب أو أفراد الشرطة، أكد ناشطون وحقوقيون اعتقال أعداد من الطلاب وبعض نشطاء المجتمع المدني. وامتدت الاعتقالات لتشمل صحفيين أثناء تغطيتهم للمظاهرات، قبل أن يتم إطلاقهم لاحقا. واستنكر قانونيون سودانيون ما أسموه الاستخدام المفرط للقوة من جانب الشرطة في تفريق المتظاهرين، معتبرين أن وجود إصابات بين المتظاهرين “يؤكد الاستخدام المفرط وغير المبرر للقوة”. ونقلت قناة “الجزيرة” الإخبارية عن رئيس اللجنة القومية للدفاع عن الحريات والحقوق فاروق محمد إبراهيم أكيدا لاستخدام غير مبرر للقوة من أفراد الشرطة تجاه المواطنين. وأكد إبراهيم أن المتظاهرين “يطالبون بحقوق شرعية لم تجد الاستجابة من الحكومة”، معتبرا أن استخدام القوة في معالجة القضايا لن يحقق أهدافه. وطالب الحكومة بإفساح المجال للمواطنين للتعبير عن آرائهم دون حجر، معلنا رفض الهيئة لما أسماه أسلوب القمع الذي تمارسه الحكومة في مواجهة المواطنين.
وفي تصريحات للقناة نفسها ربط القانوني والناشط الحقوقي صالح محمود بين وجود مصابين واستخدام العنف ضد المتظاهرين، مشيرا إلى وجود معتقلين سياسيين على الحكومة إطلاق سراحهم. واستبعد محمود توقف المظاهرات الاحتجاجية ضد رفع الدعم عن المحروقات، وارتفاع أسعار السلع “بشكل لم يسبق له مثيل”.
وقالت الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات في بيان إنها “ترقب بقلق بالغ الانتهاكات المتعددة والسافرة لحقوق وحريات الناس الآمنين في البلاد من قبل سلطات الأمن المستهترة بوثيقة الحقوق بالدستور وكذلك القانون، وسياسات الحكومة المستفزة وغير المكترثة بحق المواطن في العيش بكرامة اقتصادية وإنسانية”.
وأدانت الهيئة في بيانها ما أسمته “التصدي بالعنف المفرط للمظاهرات السلمية لطلاب جامعات الخرطوم والجزيرة وسنار وأم درمان الأهلية والسودان”. واتهمت الحكومة باتباع “سياسات خانقة اقتصاديا لجميع المواطنين”، وبالتسبب في ارتفاع الأسعار خاصة الأدوية المنقذة للحياة، بجانب “إجراءاتها المتعسفة تجاه الشعب السوداني”.
وأعلنت الهيئة رفضها لانتهاك الحقوق والحريات للمواطنين، مؤكدة أنها “لن تقف مكتوفة الأيدي، وستعمل جاهدة مع غيرها لمنع القوى الظلامية من طمس نور الشمس الوهاج، أو التحكم في رقاب وحريات الناس هكذا وكيفما اتفق”، حسب ما جاء في البيان.
– عن الاتحاد